رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تورط حازم أبوإسماعيل فى مجزرة رفح الأولى؟

حازم أبوإسماعيل
حازم أبوإسماعيل

المتابع لمسلسل «الاختيار» الذى يجسد بطولة شهيد الصاعقة العقيد أحمد منسى وأبطال الكتيبة ١٠٣ صاعقة فى شمال سيناء، وبالتحديد من بعد الحلقة ١٥، سيعرف، بشكل ما، كيف تجمعت كل سموم الأفاعى من تيارات الإسلام السياسى معًا فى جحر واحد.

فهناك القاعدى مع السلفى والجهادى مع التكفيرى والإخوانى مع الجماعة الإسلامية، وكل ذلك فى ظلال وتأصيل فكرى حاولوا تغليفه بطابع الحداثة، وهو ما تمت تسميته بمريدى حازم صلاح أبوإسماعيل أو حركة «حازمون»، التى خرج منها عمر رفاعى سرور، مفتى أنصار بيت المقدس وبعض خلايا القاعدة وداعش، الذى أدى دوره الفنان أحمد الرافعى.

حازم صلاح أبوإسماعيل، هذا الصنم الذى حاول خداع المصريين لتفتح له منصات الإعلام أبوابها، كان له ولرجاله غرض واحد فقط هو تدمير الجيش المصرى وإلغاء وجوده من الحياة باعتباره الكابوس الذى يؤرق مضاجع الجماعات الإسلامية.

وقد أظهر هذا الصنم فى خطاباته عداءً لقادة القوات المسلحة، وهو ما اعتبره مريدوه بصيرة بالأوضاع المستقبلية.
هل ندلكم على معلومات ربما تنشر للمرة الأولى عن هذا الرجل؟ بل هل ستصدقون إن أشرنا له بأصابع الاتهام بأنه المتورط الأول فى مجزرة رفح الأولى؟، والتى رغم تعدد العمليات الإرهابية من بعدها، فإن المصريين كلما تذكروها تدمع قلوبهم حزنًا من مشهد الجنازات العسكرية لأبنائنا الصائمين.
فلتأخذوا نفسًا عميقًا وتستعيدوا بعضًا من ذاكرتكم قبل ٨ سنوات من الآن، ففى الأيام الأولى من مايو ٢٠١٢ حشد حازم صلاح أبوإسماعيل عندما كان مرشحًا «مستبعدًا» من سباق الانتخابات الرئاسية، بسبب جنسية والدته الأمريكية، أنصاره للاعتصام بميدان العباسية ومحاصرة وزارة الدفاع.
وعلى إثر ذلك تصاعدت حدة الاشتباكات بين المعتصمين ومجهولين وعدد من أهالى العباسية، وراح ضحية ذلك نحو ١٢ قتيلًا ومئات المصابين.
لكن مشهدًا حينها أثار الانتباه، وكنت أحد من شاهدوه وعاصروه ووثقه خلال التغطية الصحفية، وهو ظهور «رباعى الإرهاب» الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، والشيخ حسن أبوالأشبال، والشيخ محمد الظواهرى، والشيخ مرجان سالم، فى واجهة أحداث العباسية.
حينها تحدثت وسائل الإعلام عن ظهور ما يعرف بـ«الرايات السوداء» لأول مرة كمطالبة بتطبيق الشريعة، هذه الرايات ظهرت فيما بعد فى سيناء مع التنظيمات الإرهابية، على رأسها القاعدة وداعش.
بعد ٣ أشهر من هذه الواقعة وبالتحديد فى ٥ أغسطس ٢٠١٢، نفذ مجموعة من الإرهابيين مجزرة رفح الأولى بالهجوم خلال أذان المغرب على كمين بمنطقة الماسورة فى شمال سيناء، واستشهد فيها ١٦ مجندًا، بالإضافة إلى الإصابات الخطيرة، وكانت تلك الضربة نوعية وجديدة على المصريين.
كنت حينها أعمل كصحفى متخصص بملف الإسلام السياسى، وأجريت سلسلة حوارات تخص قضية «العائدين من أفغانستان وألبانيا» والجهاديين الذين نفذوا عمليات إرهابية فى مصر قبل ثورة يناير أو خرجوا لـ«الجهاد» ضد الروس فى أفغانستان ثم هربوا من هناك وعادوا لمصر خلال حكم الإخوان.

كانت تربطنى علاقات صحفية ببعض المصادر ذات الثقل فى الملف، حتى إننى التقيت أحد رموز ما كانوا يسمون أنفسهم بالتنظيم الجهادى، ورغم أنه يعرف نفسه بأنه مسئول سابق، فإنه أكد لى خلال لقائى به أن مجزرة رفح- رغم أنه يزعم أنه يرفضها- كانت ردًا لاعتبار الشيخ حازم أبوإسماعيل ورفاقه الثلاثة ممن تم الاعتداء عليهم أمام وزارة الدفاع، خاصة أنهم يعتبرون «قادة الجهاد» فى مصر.
رغم الصدمة التى انتابتنى من الكلمات الكارثية التى وقعت على أذنى فإننى سألته: هل أبوإسماعيل يستحق هو ومحمد الظواهرى لأن يُقتل لأجله هذا العدد من إخوتنا فى الجيش؟، رد ضاحكًا ومؤكدًا أن الجماعات فى سيناء كانت تعتبر أبوإسماعيل والظواهرى امتدادًا للشيخ أيمن الظواهرى، زعيم القاعدة، وأنهم يفعلون ذلك إرضاء لهما.
حينها تأكد لى تورط أبوإسماعيل فى مجزرة رفح الأولى لكن دون أن يأتى اسمه فى أى شىء، خاصة أنه بعدها بدأت الجماعات الإرهابية فى سيناء بالإعلان عن نفسها فيما يسمى «مجلس شورى المجاهدين» و«أكناف بيت المقدس» ثم «أنصار بيت المقدس» ثم «داعش» «المرابطون» التى كان ضمن أعضائها أفراد من أنصار حازم أبوإسماعيل.

وفى الفترة التى تلت أحداث ٣٠ يونيو وسقوط حكم الإخوان وفض اعتصامى رابعة والنهضة كانت قيادات حملة «حازمون»- رغم مشاركتهم للجماعة- كان يتندرون عليهم ويسخرون منهم، لأنهم بالطبع لم يسمعوا كلام شيخهم حازم أبوإسماعيل، الذى كان يملك بصيرة للأحداث الجارية بتدخل الجيش لمنع الحكم الإسلامى حسب زعمهم، لكن صبرة القاسمى، مؤسس الجبهة الوسطية لمواجهة الغلو الدينى والفكرى، الذى كان أحد الجهاديين السابقين، كان قد أكد أن ما يقرب من ٣ آلاف من أنصار حازم صلاح أبوإسماعيل يقاتلون فى صفوف داعش، بعد خضوعهم لتدريبات عسكرية داخل معسكرات الإخوان، واكتسابهم خبرة فى استخدام الأسلحة وتنفيذ العمليات الإرهابية.

لن تستغرب إذا عرفت أن مؤسس جماعة وخلايا الفرقان الإرهابية التى خططت لاستهداف السفن فى المجرى الملاحى لقناة السويس، «محمد أحمد نصر» كان متحدثًا رسميًا لحملة حازم أبوإسماعيل لرئاسة مصر «حازمون».
و«نصر» الذى حصل على الدكتوراه، وعمل مدرسًا بكلية الزراعة جامعة قناة السويس، وأشرف على عدد من رسائل الماجستير، كان سلفيًا جهاديًا ودمج تنظيم الفرقان مع أنصار بيت المقدس، الجماعة الأكثر إرهابًا وتكفيرًا فى مصر على مدار السنوات الماضية.
لا يعرف كثيرون أنه إذا تتبع أحد قصة صعود حازم صلاح أبوإسماعيل التى تبدأ من عند منظر الجهاد سيد قطب الذى كفر المجتمع بأسره وتتلمذ على يده رفاعى سرور، مفتى السلفية الجهادية فى مصر، والذى تربى على يديه أخطر قيادتين إسلاميتين حاولتا أن تكونا بمثابة الأبطال حاميتين حمى الإسلام والشريعة لجذب الشباب، وهما أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، وحازم صلاح أبوإسماعيل.
وتمر الأيام والسنون ويظهر عمر رفاعى سرور ويتتلمذ على يد أبوإسماعيل وينضم لحركة «حازمون» ويكفر المصريين من جديد عبر السوشيال ميديا على خطى أستاذه ووالده وأستاذ والده، ليتحول لمفتى أنصار بيت المقدس ويلقى نهايته فى ليبيا.