رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أبل» تعلن دخولها بقوة إلى سوق الموسيقى الرقمية في إفريقيا

أبل
أبل

أعلنت شركة "أبل" دخولها بقوة إلى سوق الموسيقى الرقمية في إفريقيا، لتمتطي بذلك صهوة أزمة كورونا التي قادت إلى اتساع رقعة مستخدمي خدمات الإنترنت خلال فترات الإغلاق والتباعد الاجتماعي، الذي طبق في أرجاء العالم ومنها قارة إفريقيا، بسبب تفشي وباء فيروس كورونا.

وقررت "أبل ميوزيك" استثمار الوضع الراهن بتوسيع حضور خدماتها من الموسيقى الرقمية بإضافة 17 دولة إفريقية جديدة إلى قائمة قديمة ضمت في السابق 13 دولة كان على رأسها نيجيريا وغانا وكينيا وجنوب إفريقيا، ليصبح عدد الدول المستفيدة من خدمات أبل الموسيقية 30 دولة إفريقية.

ويقول متابعون إن الخطوات الأخيرة لـ"أبل ميوزيك" تعكس تحولًا مهمًا في سوق الموسيقى الرقمية داخل القارة الإفريقية، إذ إنها تؤشر إلى حالة تحول في عادات استهلاك المنتج الإعلامي والثقافي والفني الرقمي في أرجاء متفرقة من قارة إفريقيا.

ويلفت مراقبون إلى أن هناك مفارقات مهمة يتعين التنبه إليها، فعلى الرغم من محددات انتشار خدمات الإنترنت وتكاليفها في القارة وانخفاض مستويات الدخل بوجه عام في القارة، فإن هناك مؤشرات قوية على ازدياد منافسة الشركات العالمية المتخصصة في إتاحة المحتوى الإعلامي الإلكتروني الفني والموسيقي للدخول والتنافس في السوق الإفريقية، وكان آخرها قرار "أبل ميوزيك" بتوسيع حضورها الإفريقي.

ويفسر بعضهم الأمر بأنه يجب علينا العودة إلى الحقائق التي تكشفها تقارير السوق الرقمية في القارة، ففي عام 2015، استهلك النيجيريون، على سبيل المثال، محتويات فيديو عبر أجهزة المحمول (الموبايل) بأكثر من مشاهدتهم لأجهزة التلفاز، وهذا ما كشفته الإحصاءات التي أضافت أن هناك أربع دول إفريقية حلت بين أكبر 20 دولة في العالم لمتوسط الإنفاق على التجارة الإلكترونية بين المستهلكين مع الأخذ في الاعتبار موازنة ذلك قياسًا بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين الدول المقارنة.

ويأتي إعلان "أبل ميوزيك" ليشعل نار المنافسة في سوق الخدمات الموسيقية الرقمية في إفريقيا، ويرى بعض المراقبين أن أبل "سرقت" الكاميرات وسحبت البساط من تحت أقدام شركة "سبوتيفاي"، التي تتواجد بخدماتها في خمس دول إفريقية فقط (الجزائر، ومصر، والمغرب، وجنوب إفريقيا، وتونس).

لكنهم استدركوا الأمر قائلين إن هناك منافسًا عنيدًا يقف في وجه "أبل ميوزيك"، وهي شركة "بومبلاي" الصينية، التي تقدم خدمات الموسيقى الرقمية في معظم أرجاء القارة، وتملكها شركة "ترانسيون" القابضة الصينية أكبر مُصنع للهواتف المحمولة في إفريقيا، وقد ظهرت خدمات شركة "بومبلاي" الموسيقية في أعقاب طرح الشركة لطرازات هواتف محمولة مزودة بخدمة "بومبلاي" ضمن التطبيقات التي خرجت بها الطرازات من المصنع.

كما تحصل شركة "بومبلاي" على دعم من شركة "نيت إيز"، وهي شركة إنترنت صينية أطلقت فعليًا خدمة رقمية للموسيقى في الصين ولديها أكثر من 400 مليون مستخدم هناك. وقد حصدت "بومبلاي" إيرادات العام الماضي بلغت 20 مليون دولار، وعقدت اتفاقات تراخيص مع شركتي "يونيفرسال ميوزيك" و"وارنر ميوزيك" للسماح بمستخدميها الوصول إلى حزمة واسعة من ألبومات ومقطوعات موسيقية وغنائية لنجوم عالميين.

ويرى محللون أن وجود المزيد من شركات الخدمات الموسيقية الرقمية المحلية سيعود بالخير على نجوم الموسيقى والغناء الأفارقة لأنه سيحسن من إيراداتهم، فالقرصنة الطاغية التي مورست على أعمالهم قلصت من إيراداتهم بشكل حاد مقارنة بمبيعاتهم الفعلية في السوق المحلية. لذا فقد اعتمدوا على عقود الاحتكار وإقامة الحفلات الحية لزيادة مداخيلهم.

ونظرًا لتأثر إقامة الحفلات في المدن الإفريقية الكبرى بسبب أزمة كورونا، يبدو التنافس وازدياد خدمات الموسيقى الرقمية في القارة مؤشرًا إيجابيًا للموسيقيين والفنانين الأفارقة الذين سيوجهون طاقتهم للتركيز على بث المزيد من مقطوعاتهم وأغانيهم عبر الخدمات الرقمية الموسيقية لزيادة إيراداتهم.

ويشيرون إلى أن أداء "أبل" تجاه إفريقيا لا يمثل "عزفًا منفردًا" خارج سرب خدمات الترفيه الرقمية العالمية، بل سبقها في ذلك شركة "نيتفليكس" التي أصبح لها حضور واسع في القارة منذ عام 2016، وباتت خدمات بث الفيديو منتشرة في الوقت الراهن مع وجود المزيد من الاستثمارات في المحتوى الرقمي الأصلي في أرجاء القارة، وذلك استنادًا إلى قاعدة عريضة من المستخدمين الأفارقة. ومن جانبها لم تترك الصين تلك السوق أيضًا بل توسعت بطرح خدمة تطبيق التواصل الاجتماعي المعروف باسم "تيك توك"، الذي أصبح يلعب دورًا بارزًا بين صناع المحتوى داخل إفريقيا بحضوره وانتشاره في أرجاء القارة.

ورغم العراقيل التي تواجهها البيئة الرقمية في القارة الإفريقية من ضعف التواصل عبر شبكة الإنترنت وضآلة الإنفاق الرقمي، فإن كبار اللاعبين في مجال خدمات الترفيه والموسيقى الرقمية على مستوى العالم يهرولون نحو القارة، وهو ما فسره محللون بأنه رهان ينصب على تواجد المزيد من الهواتف الذكية في القارة، فضلًا عن "الرهان الأكبر" على الانفجار السكاني والتركيبة الديموغرافية لإفريقيا "الشابة" التي تحتل صدارة قارات العالم في عدد الشباب والفتيات في عمر الزهور".