رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خيبة مرتزقة أردوغان!


المرتزقة السوريين والأجانب، الذين أرسلهم أحمق تركيا إلى ليبيا، غاضبون، يرفضون القتال، ولا يستجيبون لأوامر قادتهم السوريين أو الأتراك، لأنهم لم يتقاضوا أجورهم، وغالبًا لن يتقاضوها، بعد أن توقع محللون في شركة «تى دي سيكيوريتز» للوساطة المالية نفاد احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي التركي بحلول شهر يوليو المقبل.

عن معاناة هؤلاء المرتزقة، كتب راؤول ريدوندو، في جريدة «أوكي دياريو» الإسبانية. وذكرت جريدة The Arab Weekly أن عدم التزام أنقرة بدفع الأجور المتفق عليها دفع عناصر الميليشيات السورية الموالية لتركيا إلى التمرد على الضباط الأتراك وعلى قادة الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق،إضافة إلى محاولة بعضهم الهجرة إلى أوروبا بطريقة غير شرعية عبر البحر الأبيض المتوسط. وفي ليبيا، تناولت وسائل إعلام محلية تذمر المرتزقة من الضباط الأتراك، ومن كبار المسئولين في ما يوصف بـ«المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق».

لموقع «ذا إنفستجيتف جورنال»، The Investigative Journal، اعترف بعض المرتزقة بأنهم اضطروا إلى السطو على منازل الليبيين ونهب ممتلكاتهم. وعرض الموقع البريطاني اعتراف «زين أحمد» عضو «جبهة أحرار الشرقية»، الذي قال إن «القادة الأتراك وصفوا معركتنا في ليبيا بأنها سهلة، لكننا لم نجدها كذلك». وأضاف: «قالوا سيدفعون لنا 3000 دولار في الشهر، ولم يحدث ذلك. ففي الشهر الأول حصلنا على 2000 دولار، وفي الشهر الثاني أعطونا 1400 دولار، وفي الشهر الثالث لم نتقاض أجورنا على الإطلاق». وفي النهاية، دفع «زين» 700 دولار لقائده السوري، حتى يتمكن من العودة إلى سوريا.

المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار، أيضًا، إلى أن المخابرات التركية ضغطت على قادة «فيلق الرحمن» لتوفير عدد أكبر من المقاتلين، بعد امتناع ميلشيات أخرى اعتراضًا على تأخر الأجور لمدة شهرين تقريبًا وعلى خفض مخصصات الطعام والذخيرة. وهناك ميلشيات سورية أخرى، بحسب المرصد، احتجت على قيام تركيا بخفض أجور رجالها الذين وافقوا القتال ليبيا، ما أثار احتجاجًا واسعًا بينهم. وأكد تلك المعلومات مقطع صوتي، متداول على شبكات التواصل الاجتماعي للمدعو أبو صطيف معرستة، قائد فصيل «الجبهة الشامية» التابع لـ«الفيلق الثالث» بما يوصف بـ«الجيش الوطني السوري»، وهو تجمع فصائل عسكرية يتلقى دعمًا من تركيا.

في المقطع أو التسجيل الصوتي، أكد ذلك الإرهابي على تأخر أو عدم وصول الرواتب إلى الفيلق الثالث، وزعم أن «الجبهة الشامية» ستستمر في القتال داخل سوريا بدون رواتب، لكنها لن ترسل مقاتلين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الليبي الموالية لتركيا. والإشارة هنا مهمة إلى الفصائل الرافضة لإرسال قوات إلى ليبيا كانت تتعرض لضغوط كبيرة، ويتم إيقاف الدعم عنها لإجبارها على إرسال دفعات جديدة من الإرهابيين.

إرهابيون، أو مقاتلون أجانب وقعوا في قبضة الجيش الوطني الليبي واعترفوا بأنهم يتقاضون أموالًا مقابل مشاركتهم في الحرب. ما يعني أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ظل يدفع ويدفع، ولم يتخلف عن الدفع أو لم ينصب على المرتزقة، إلى بعد أن صارت تركيا على شفا كارثة اقتصادية، مع ضعف العملة وارتفاع الديون وتزايد البطالة وتآكل الاحتياطيات الأجنبية.

تقديرات معهد التمويل الدولي أشارت إلى أن تركيا شهدت أكبر خسارة في احتياطيات النقد الأجنبي بين الاقتصادات الناشئة، منذ نهاية فبراير الماضي، بسبب تدخلات البنوك الثلاثة المملوكة للدولة (الزراعة والأوقاف وخلق) في السوق، من أجل استقرار الليرة. ومنذ بداية العام الحالي تراجعت الليرة بنسبة 14% ليزيد إجمالي التراجع خلال عامين على 40%، نتيجة عدة عوامل، منها تباطؤ النمو والظروف الجيوسياسية التي تحيط بتركيا. واليوم، تواصل الليرة تراجعها ويجري تداولها حاليًا عن حدود تلامس مستوى 7 ليرات للدولار.

الأزمة الاقتصادية باتت أعمق وأصعب مع تفشي الوباء. وعن كريستيان ماجيو، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في «تي دي سيكيوريتز»، نقلت وكالة «رويترز» أن البنك «المركزي التركي» ينفق حاليًا حوالي 440 مليون دولار يوميًا، وحذر من أن استمرار هذا المعدل، يعني أن مجمل احتياطياته من النقد الأجنبي، سينفد بالكامل في أوائل يوليو المقبل. وما يجعل تلك النظرة متفائلة، هو أن ماجيو يتوقع ارتفاع إنفاق البنك المركزي إلى 666 مليون دولار يوميًا قبل نهاية مايو، وربما بمعدل أعلى من ذلك. وعليه، سيتم اللجوء إلى احتياطي الذهب، الذي لن يصمد لأبعد من الأسبوع الثالث من سبتمبر.

الوباء، أو فيروس كورونا المستجد، حصد أراوح آلاف الأتراك، وأصاب أكثر من مائة ألف، لا يجدون مكانًا في المستشفيات. وبعد انحسار الوباء، لو انحسر، بات في حكم المؤكد أن «تسونامي» خراب كبير سيضرب تركيا وسيجعلها أكثر عجزًا عن سداد أجور المرتزقة السوريين، الفلسطينيين، وحاملي الجنسية المصرية، الذين يلازمهم الخراب أينما حلّوا. وحلو يا حلو، رمضان كريم يا حلو!.