رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«حظر التجوال».. اللافتة التى تخلص منها مدبولى


هذه الحكاية حدثت في العاصمة الفرنسية باريس منذ عقود.

اعتاد أحد المواطنين المثقفين المرور على طريق بسيارته، كانت عيناه قد اعتادتا الطريق لكن هذه المرة وجد لافتة الطريق مكسورة وملقاة جانبًا. توقف الرجل ليسأل شرطي المرور عما إذا كانت الطرق قد تغير اتجاهها مرة اخرى، أجابه الشرطي بأن شيئًا لم يتغير منذ آخر تعديل أجرته السلطات على الطرق، لكنهم قرروا التخلص من اللافتة التي تجعلهم يبدون كالبلهاء.

لن تستطيع الحكومة المصرية أن تفرض الحظر الجزئي بشكل متدرج للوصول إلى حظر كامل، ليس لأن المواطن المصري حريص على "لقمة العيش" -إذا كان عاملًا باليومية أو موظفًا في شركة كبيرة- فالكل لا يستطيعون البقاء في المنزل، خاصة في شهر رمضان الذي يتميز باللقاءات العائلية وتجمعات الأصدقاء لممارسة طقوس الشهر الكريم المعتادة منذ مئات السنين، الحلوى والسمر والحكايات.

الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اتخذ القرار الصحيح بتخفيف فترة الحظر، فهو يعلم كما نعلم جميعًا حقيقة أنه ليس هناك مواطن واحد ملتزم بالحظر المنزلي في الأيام العادية، فما بالك بحظر تجوال طويل قد يتسبب في اختناق مروري يحدث يوميًا في ساعة ما قبل بدء الحظر، خاصة أن المواطن لن يؤدي صلاة التراويح نظرًا لقرارات غلق المساجد، لتتجه بعض العائلات ودوائر الأصدقاء في الاتفاق على إقامة الصلوات في أحد المنازل أو الأسطح المكشوفة التي يعتقدون أنها آمنة، وأنه -على الأقل- إذا أصبنا بالفيروس فليكن ونحن نصلي.

لم يلتزم أحد بقرارات حظر التجوال، ولا تقوم لجان المرور المنتشرة على الطرق بتحصيل الكثير من الغرامات المفروضة على من يمر في الشوارع أثناء الحظر، فالمادة الأولى من قرار الحظر تعطي للقائمين على الضبط تقدير وضع كل من يتم إيقافه بعد سؤاله عن سبب وجوده في الشارع أثناء حظر التجوال، لذلك رأت الحكومة المصرية أن المصريين لن يقدر عليهم سوي القدير.

فعل رئيس الوزراء كما في القصة الفرنسية، تخلص من لافتة الطريق التي لا يحترمها الجميع، وعليه يجب التعامل مع تبعات الوباء الذي قدر البعض أنه في طريقة إلى التفشي بعد منتصف رمضان، وقبل أن تهضم معدة المصريين ما تناولوه في العزائم والولائم الرمضانية والصلوات والطقوس الدينية، ألم يستطيعوا الانتظار شهرًا آخر لنتأكد من سلامة مواطنين بلادنا؟ عن المواطنين أقصد.