رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف أثر انتشار كورونا على سوق المنظفات بمصر؟

سوق المنظفات بمصر
سوق المنظفات بمصر

بعد أن أعلنت وزارة الصحة والسكان في مصر ومنظمة الصحة العالمية عن اكتشاف 12 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد على متن باخرة في نهر النيل بمصر، ازدادت حالات الخوف بين المواطنين، وشعروا بأهمية اتخاذ الاحتياطات الصحية الواجبة لمنع انتشار هذاالوباء والعدوى به، وكان أبرز وسائل الحماية هياستخدام المنظفات والمطهرات بكثرة، مما كان له التأثير على سوق هذه المنظفات بجميع أنواعها، وكذلك على العاملين بهذا السوق.

وترصد "الدستور"، أثر بداية اكتشاف فيروس"كورونا" بمصر على سوق المنظفات بأنواعها، وذلك من خلال جولة بعدة أحياء بمحافظتي القاهرة والجيزة لرصد أسواق المنظفات، وما طرأ بها من تغير خلال هذه الأيام الأخيرة.
تجار باب الشعرية: "الناس بقى عندها ثقافة النظافة أكتر من الأول"

البداية كانت بمنطقة باب الشعرية بشارع بورسعيد، وعند أحد المحال هناك وقف الحاج حامد فتحي صاحب أحد محال بيع المنظفات بتلك المنطقة، والذي أكد أن السوق شهد رواجًا ملحوظًا خاصة في مجال بيع المطهرات المختلفة، والتي يتم استيرادها من الخارج وتجمع وتغلف بالعديد من الشركات المصرية.

ويتابع قائلًا: "الناس بقى عندها ثقافة النظافة أكتر من الأول"، موضحًا أنه بعد أزمة انتشار فيروس كورونا زاد إقبال المواطنين على شراء المواد المطهرة، الأمر الذي جعل العديد من التجار يستغلون حاجة المواطن، وبالتالي حدث بسوق المنظفات ندرة بوجود بعض المنتجات، وزيادة في أسعار أخرى.

أحد التجار:" الصينيين بييجوا يشتروا من عندنا المطهرات"

أما مصطفى مهدي، وهو أحد أصحاب محال بيع المنظفات بشارع بورسعيد بمنطقة باب الشعرية أيضًا يقول: "المطهرات أكثر السلع اللي بتتباع اليومين دول خاصة بعد ظهور فيروس كورونا في مصر"، مبيًنًا مدى إقبال المواطنين حاليًا على شراء المواد المنظفة والمطهرات التي تتمثل في العديد من المنتجات مثل "الديتول، وجيل اليدين المنظف، وكذلك المناديل المبللة المطهرة".

ويتابع قائلًا، إن سوق المنظفات لم يشهد مثل هذا الإقبال من قبل، مؤكدًا أن شراء المنظفات لم يقتصر على المواطنين المصريين فحسب، بل امتد الأمر ليشمل العديد من الجنسيات العربية الأخرى المقيمة بمصر، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الصينيين المقيمين بمصر، والذين لجأوا إلى شراء كميات ضخمة من هذه المطهرات وغيرها من مواد النظافة.

ويختم: "الإقبال الكبير على المطهرات ومواد النظافة رفع سعرها مرة واحدة"، موضحًا أن سعر كارتونة الديتول كان بـ120 جنيهًا، لترتفع بشكل مفاجئ إلى 220 جنيها، وهنا يؤكد أنه بالرغم من هذا الارتفاع لايجد المواطن سبيلًا أمامه سوى الشراء، خوفًا من انتشار العدوى بفيروس "كورونا"، معتبرًا أن مطهر الأرض والأيدى، هو أحد الوسائل الهامة لحمايته هو وأسرته.

أحد التجار: زيادة أسعار المطهرات وصلت إلى 40%

"زيادة أكثر من 40 % على العديد من أنواع المطهرات"، قالها أحمد حسن تاجر آخر في باب الشعرية مرجعًا أسباب تلك الزيادة إلى ارتفاع الطلب على شراء المطهرات بجميع أنواعها بعد انتشار فيروس كورونا، وخصوصًا بعد ظهور بعض الحالات المصابة به في مصر، مما أدى إلى خوف العديد من المواطنين من العدوى، الأمر الذي جعل كثيرًا من التجار يعتبر هذا منفذًا لاستغلال المواطن برفع الأسعار والتحكم بالسوق، وأصبح التاجر وحده يفرض على المواطن السعر الذي يشاؤه مما يؤدى إلى اختلاف أسعار نفس السلع من تاجر لآخر".

"الفنادق والشركات أكثر زبائني"، كلمات بدأ بها الحديث أحمد حسنين أحد كبار العاملين بمحال المنظفات، موضحًا أنه تم سحب كميات كبيرة من جميع أنواع المنظفات وخاصة المطهرات منها، وكذا المناديل التي تحتوى على مواد مطهرة من قبل العديد من الشركات والفنادق الكبرى، ويبين أن هناك اتجاه عام من قبل هذه الشركات على تعميم استخدام أدوات النظافة والطهارة بين موظفيها حرصًا على عدم انتشار الأوبئة،الأمر الذي كان له آثار يعد منها الإيجابي والآخر السلبي، ويتمثل الإيجابي منها في رواج سوق هذه السلع، بينما السلبي يتمثل في نفاذ كميات كبيرة منها، وبالتالي قلة وجودها في السوق بشكل بملحوظ، واتجاه بعض التجار إلى الاحتكار مما كان له الأثر في ارتفاع أسعارها.


تاجر: المواطن يُقبل على شراء "المغشوش" لرخص ثمنه

قاطعه بالقول إسماعيل علي صاحب أحد محال بيع المواد المطهرة المجاورة نافيًا قوله وموضحًا أنه زاد الإقبال بسوق المنظفات على الشراء إلا أن الإقبال زاد على المطهرات "الرخيصة بس"، موضحًا أن المواطن البسيط لا يستطيع شراء المطهر "الأصلي" نظرًا لارتفاع ثمنه وزيادته بعد انتشار فيروس "كورونا"، مما يجعله يلجأ إلى شراء المطهرات "المغشوشة"، التي تتميز برخص ثمنها، وتوافرها عن غيرها قائلًا "المواطن بيريح ضميره بس بشراء المطهرات دي،وكأنه عمل اللي عليه للوقاية من الفيروس" مؤكدًا أن تلك المطهرات " المغشوشة" ليست لها أي أهمية ولا يعتقد بأنه تعمل على الحماية من الفيروس.

تجار السيدة زينب: ربات البيوت الأكثر شراءً للمنظفات لأطفالهن.

بمنطقة السيدة زينب كانت المحطة الثانية لجولة "الدستور لرصد أوضاع سوق المنظفات بعد انتشار فيروس"كورونا"، فيقول محمد سلامة صاحب محل أدوات نظافة بمنطقة السيدة زينب، إن حركة البيع والإقبال على مطهر الأيدي للأطفال والمنظفات والمناديل المعطرة زادت بعد انتشار فيروس كورونا خصوصًا ما يخص الأطفال والزجاجات المطهرة الصغيرة لطلبة المدارس؛ ويضيف سلامة أن ربات البيوت أصبحن أكثر استهلاكا لمنظفات المنزل من كلور وغيره من المطهرات الخاصة بالأرضيات.

وتابع أن نسبة الإقبال على المطهرات بشكل عام زادت بالعشر الأيام الأخيرة عن غيرها، إلا أن ذلك لم يزد من سعرها حتى الآن، مما أدى إلى تناقص وجوده بالأسواق نظرًا لسحب كميات كبيرة منه، ويؤكد سلامة أن موزع المطهر تعهد بتوفير الكميات المطلوبة خلال أيام قليله قادمة لتوفية الطلبات المتكاثرة عليه.

وتوقع سلامة أن أسعار المنظفات والمطهرات سترنو نحو الزيادة بالفترة القادمة وذلك بعد إعلان الحكومة إصابة بعض المواطنين بفيروس كورونا في مصر.

صاحبة محل منظفات: أنواع من المطهرات اختفت من السوق

على العكس تقول سلوى السيد صاحبة محل منظفات بحي السيدة زينب، إن حركة البيع لم تتأثر كثيرًا بعد ظهور كورونا بمصر والزيادة في الأسعار ليست بالزيادة الكبيرة، وتستدرك أن هناك بعض أنواع المطهرات بدأت في الاختفاء من السوق المحلى بسبب الزيادة الطفيفة في الطلب من المواطنين، متمنية أن تكون زيادة مؤقتة، وبعدها تنتهي أزمة انتشار الفيروس.

وأضافت أن المواطنين -خاصة الأمهات- دائما يبحثون عن الأرخص نظرًا للظروف المادية الصعبة للأسرة المصرية، فالأمهات في هذه الأيام بدأت في استخدام بدائل المطهرات الأرخص ثمنًا مثل الكلور واستخدامه بتنظيف وتطهير الأرضيات، وتضيف أن البعض اتجه إلى إعطاء أطفالهم بالمدارس صابون صغير الحجم بدلًا من عبوات الچل المطهرة والتي يترواح أسعارها من ١٠ إلى ٢٥ جنيها للاستخدام، لافتة إلى أن جميع الأمهات أصبحن يقمن بالتشديد على الأطفال في اتباع أساليب الحماية من الفيروسات والميكروبات عن طريق غسل الأيدي أكثر من السابق.

تجار: المواطن لجأ إلى استخدام المناديل المطهرة بدلًا من المطهر نفسه

محمد محمود، أحد العمال بمحل منظفات بحي سوق اللواء، يشير إلى أن جميع البضائع الخاصة بعبوات التطهير الصغيرة والمناديل المبللة نفذت من محله في غضون أيام قليلة فقط، وهو الوضع الذي لم يحدث معه من قبل حسبما يصف، الأمر الذي جعله يطالب الموزع بكميات جديدة خاصة نظرًا لزيادة الطلب عليها خاصة مع التواجد بموسم المدارس، وذلك لخوف العديد من الأهالي على أبنائهم من الإصابة بالعدوى.

يتابع محمد: "حالة الفزع التي يعيشها المواطنين كبيرة"، موضحًا أن حالة الفزع تلك ظهرت في استخدام المطهرات بشراهة كبيرة خاصة الكحول الطبى الخام، ومطهرات الجيل الطبية، ويوضح أن الأزمة تكمن هنا في عدم توافر هذه المنتجات ونفاذ العديد من أنواعها، مما كان له تأثير في الزيادة الكبيرة التي شهدتها أسعار هذه المنتجات.

كما أوضح محمد أن هذا النقص بتوافر المطهرات جعل بعض المواطنين يلجؤون إلى استخدام المناديل المبللة كبديل عنها، فهي متوفرة أكثر، كما أنها تعد أقل سعرًا من المطهرات.

في منطقة المنيرة، يقول هاني أحمد صاحب محل منظفات بسوق سعد بمنطقة المنيرة يوضح أن معدل سحب أو بيع المطهرات كما هو لم يتغير -خاصة في فترات المدارس، فالأمهات برأيه حريصة على نظافة أبنائهن في المدرسة بعد فترات اللعب، ولكن السلعة التي أصابها الركود تماما هي المطهرات المصنوعة يدويًا، حيث أصبح الإقبال عليها ضعيف لمخاوف البعض بعدم فاعليتها في قتل الجراثيم.

وأكد هاني أن الأمهات يعتقدن أن شراء المنظفات غالية الثمن يعد ضمانًا للتطهير الجيد للمنزل ولجميع الأسطح وكذا قتل الجراثيم والفيروسات مع الأخذ بباقي الاحتياطات من كمامات وغيره لعدم انتشار العدوى بفيروس"كورونا" ؛ موضحًا أن أصحاب المحلات الآن يعانون خسائر كثيرة لعزوف المواطنين عن الشراء منهم واللجوء إلى الشراء من الصيدليات الكبرى لأنواع أخرى مرتفعة الثمن بعد تحذيرات الكثير في وسائل الإعلام من المنتجات المصنوعة "تحت بير السلم" كما يطلق عليها البعض.

تجار سوق الجمعة: "الناس خايفة تشتري أي منتج غير معروف"

منطقة سوق الجمعة بمحافظة الجيزة كانت محطة أخرى لجولات "الدستور" لرصد بعض تجار المنظفات، كان بينهم شريف سالم أحد تجار الجملة بالمنطقة الذي أكد أن السوق يعاني من قلة البيع بسبب "إن الناس خايفة تشتري أي منتج عديم الفاعلية ولا يقضي على الفيروس"؛ فالسيدات كما يقول تشتري عادة كل المطهرات الصغيرة الخاصة لأطفالها في موسم المدارس من قبل انتشار فيروس "كورونا".

تجار سوق الصابون السائل: لم يتأثر كثيرًا

أما عن سوق "الصابون السائل المصنع" وتأثره بفيروس كورونا، أوضح حمدي السيد صاحب محل بيع أدوات تصنيع الصابون السائل، أن صناعة الصابون السائل لم تتأثر كثيرًا على الإطلاق بانتشار فيروس "كورونا"، فاتجاه الشراء أكثر زاد على المطهرات عن غيرها كما أنه بالنسبة لصناعتها فهي بسيطة ويمكن لربة المنزل أن تقوم بصناعتها بنفسها في المنزل.

ويتابع أن أغلب المواد التي يتم تصنيع الصابون السائل منها هي مواد كيميائية يتم تصنيعها في كبرى الشركات المصرية، مضيفًا أن هناك فقط بعض المواد القليلة التي تكسب الصابون بعض الرائحة والقوام تضاف إلى الصابون السائل، وتلك التي يتم استيرادها من دولة الصين مؤكدًا أنه يمكن الاستغناء عنها بكل سهولة دون تأثير يُذكر.


تاجر مواد الصابون السائل: "الناس مش معترفة بكورونا أصلًا"

"فيه ناس مش معترفة بكورونا أصلًا"، يبدأ وليم جورج صاحب محل بيع أدوات تصنيع الصابون السائل بأن هناك من ي يتناول الأمر بشكل من السخرية والكوميديا، مضيفا أنه إلى الآن لا يتوافر لدى المواطنين الوعي الكافي عن هذا الوباء، ولا عن طرق التعامل السليمة معه مما جعل العديد منهم لا يهتم بذلك الوباء بالشكل المطلوب تاركًا الأمور تسير "على الله"، وبالتالي لا يوجد تأثير على سوق المنظفات بالشكل الكبير.

جهاز حماية المستهلك: لابد أن يشتري المواطن من أماكن كبيرة ومعروفة

ولمعرفة رأي جهاز حماية المستهلك بحالة الارتباك التي يشهدها سوق المنظفات بمصر بعد دخول فيروس "كورونا"، تقول الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعي لجمعيات حماية المستهلك أن الأزمة تكمن في أنه لا يوجد أسعار معلنة ومحددة لكل سلعة على حدة بسوق المنظفات وأدوات النظافة، وكذا بالعديد من الأسواق الأخرى، الأمر الذي يؤدى إلى تفاقم فرص تلاعب التجار بأسعار هذه السلع.

وأكدت أن هذا يرجع إلى سيطرة القطاع الخاص على أغلب أسواق السلع بمصر، فحسبما تقول لا يوجد سوى سوق الأدوية ومشتقات الطاقة كالبنزين، وكذا منظومة رغيف الخبز المدعم، تلك السلع وحدها التي تخضع لتسعيرة تحددها الدولة، وفيما عدا ذلك فيخضع مباشرة لتحكم التاجر الحر من خلال سوق العرض والطلب، وبالتالي يستغل مثل هؤلاء التجار بعض الأزمات مثل تلك الأزمة الحالية التي يعيشها العالم أجمع بانتشار فيروس "كورونا" لزيادة أسعار جميع منتجات النظافة التي تعد أحد سبل الوقاية الرئيسية منه.

وهنا ترى الديب أن الحل يكمن في عدم لجوء المواطن لشراء سلع ومنتجات النظافة إلا من الأسواق التجارية الكبيرة الموثوق بها، أو الشراء من بعض الصيدليات الكبيرة التي لا يمكنها أن تغامر بسمعتها عن طريق التلاعب بالأسعار فهي تتعامل مع كبرى الشركات العالمية، موضحة أن تلك الأزمة المتمثلة في التلاعب بسوق المنظفات تفتح الباب أيضًا أمام العديد من مصانع "تحت بير السلم" التي تقوم بغش المنتجات الشهيرة، وتزييف العلامات التجارية الكبرى، وبيعها بالأسواق بكونها منتجات أصلية، وهي بالواقع منتجات مقلدة عديمة الفائدة.