رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مدرسة الدكتورة سونيا لحقوق المواطنة



عندما تكون هناك دولة وحكومة وإدارة محلية وأجهزة أمنية واعية وعلى وعى وإيمان بحقوق المواطنة الكاملة، لا تخف ولا تحزن ولا تيأس عزيزى «المواطن السيد» من خروج شراذم مقلقة لحالة الأمن والسلام الإنسانى عن النسق الأخلاقى والوطنى والاجتماعى المأمول.
لقد فرح المواطن المصرى بتلك المواجهة القوية الواعية المستنيرة بالأمس القريب لجماعات الرفض الجاهل لدفن طبيبة بمدافن عائلتها بقريتها، بدعوى أنها كانت مريضة بفيروس كورونا، وفى مشهد يفيض بمشاعر غير إنسانية وبشكل أرعن جاهل من حيث التحرك فى شكل كتل متلاصقة تشكل خطورة حقيقية على انتشار العدوى التى خرجوا بدعوى إبعاد مخاطرها بجهل عن قريتهم!
لقد كان المشهد الطيب والفاعل مهمًا من قبل أجهزة الدولة لتمكين أهلها من الوصول بجثمانها إلى مدفن العائلة ومثواها الأخير، والقبض على كل من قادوا وتزعموا ودعوا وتشاركوا فى تلك التظاهرة البغيضة.
إنها رسالة رائعة ومطلوبة ورادعة لحماية القيم الإنسانية والدفاع عن أصحاب الأدوار النبيلة والوطنية بأن ينعموا بكل حقوق المواطنة الكاملة.
عندما افتقدنا وجود الدولة مع تعيين أول حكومة بعد أحداث يناير ٢٠١١، نجحت شراذم الشر والتخلف وتجار الشعارات الدينية المغلوطة فى الاحتشاد وقطع الطريق بشكل إجرامى، لمنع وصول «محافظ» صدر له قرار تعيين بدعاوى تمييزية وبمشاعر تفيض كراهية وغباوة قلب.. وكان لهم ما أرادوا، وللأسف تكرر الموقف مع أكثر من مسئول، بل وصل الأمر فيما بعد فى تلك الفترة إلى حد تعذر اجتماع مجلس الوزراء فى موقعهم الطبيعى وبعددهم كاملًا!
ونعود لحادث وداع الدكتورة الفقيدة سونيا عبدالعظيم، والقرار الرائع الذى تناقلته بفرح كل وسائط الميديا ووسائل التواصل الاجتماعى عبر تداول الخبر الجميل التالى: «أعلن الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية، قرار تغيير اسم (مدرسة شبرا البهو الابتدائية)، إلى (مدرسة الدكتورة سونيا عبدالعظيم الابتدائية)، التى رفض الأهالى دفن جثمانها بعد إصابتها بفيروس كورونا ووفاتها، مؤكدًا أنه سيتم تخليد اسم الطبيبة الراحلة مدى الحياة، عبر إطلاق اسمها على مدرسة القرية، وسيتم الانتهاء من كل الإجراءات وتغيير الأوراق المتعلقة بالأمر، ووجه المحافظ الشكر لمديرية أمن الدقهلية لإصرارها على تنفيذ القانون، والتصدى لأهالى القرية ممن رفضوا دفن الجثمان، وقال إن ما حدث قضية مجتمع وأقل حقوق مصاب كورونا أن يتم دفنه ويوارى جثمانه، وتم الدفن بتعاون أجهزة المحافظة، وتم القبض على أكثر من ٢٢ شخصًا، وتم تحويلهم للنيابة العامة وحبسوا، ويتم التجديد وفقًا للإجراءات القانونية».
بالإضافة لكل المعانى الرائعة التى كان يعنيها متخذ قرار إطلاق اسم الطبيبة على المدرسة بالنسبة لمواطن القرية، فإن الرسالة الموجهة لطلاب المدرسة هى الأهم من حيث التعريف بصاحب اللافتة والتنشئة على قيم التعايش والتضحية والإيثار والعطاء الإنسانى والتعرف على حقوق المواطنة، فالأهم أن تصاحب عمليات التطوير التقنى لآليات التعليم تضمين المناهج لمثل تلك المفاهيم والقيم التربوية والتنويرية، وأن يتوجه هذا التعليم عبر مناهج التربية بكل فروعها للأطفال الدارسين فى الطورين الابتدائى والإعدادى، والذين تتراوح سنهم ما بين ست وخمس عشرة سنة. التعريف بالقواعد الأولى فيما يخص الحقوق والواجبات للعيش فى المجتمع، النظم الأخلاقية والمدنية التى تحفز وتدفع نحو الاتجاه إلى التعاون المتبادل، احترام الآخر والتهذيب، احترام سلطة الوالدين والمعلّم وتعلّم معايير الوقاية والأمن، وتدريس مقدمة فى مبادئ الحوار والتسامح، والتنظيم المدرسى والمحافظة على البيئة، والتعرف على أبجديات المسئولية الفردية واحترام القانون والرموز الوطنية مع إحياء قيم الاهتمام بالدراسة والعلم.
عمومًا، ونحن نعانى من ويلات الآثار النفسية السلبية المقبضة لغزو فيروس كورونا لأجساد البشر، ولا يهمك عزيزى المواطن فقد تم إنشاء المجلس العالمى للسعادة الذى يُعد شبكة عالمية جديدة تضم نخبة من المختصين الأكاديميين فى علم «السعادة» من أصحاب الدراية والدربة فى مجالات متنوعة متخصصة، من أجل تحديد وتوصيف أفضل الممارسات لدفع مسببات السعادة وجودة الحياة.
ويرى أهل ذلك المجلس العالمى أن المدارس هى المكان الرئيسى الذى تُغرس فيه قيم الثقافة فى صغار السن، وبقدر ما ستكون نظرة الطلاب إلى العالم مصطنعة وفق ما ينقل المعلمون إليهم من الإحساس بالتفاؤل والثقة والشعور بالارتياح للمستقبل، فإن ذلك سيؤثر إيجابًا على تصور طلابهم للعالم.. والسعادة والشعور بها تمكن طلابنا من معايشة جودة الحياة.. وتقول الفرضية التوجيهية للتعليم الإيجابى بأن المدارس الإيجابية والمعلمين الإيجابيين هم نقاط الارتكاز لإنتاج جودة الحياة.
ويتم ذلك عبر التقييم المتواصل والصارم وتحليل أحجام التأثير ومدة التدخل والتكيف الثقافى للتدخلات القائمة على الأدلة، وإجراءات دقة العلاج وتعزيز تمكين المعلمين وإبداعهم، بهدف تحسين التدخلات المحلية وعبر تداخلات برامج يتم تخصيصها كتطبيقات يتم الآتى على سبيل المثال:
- يقوم الطلاب بتسجيل ثلاثة أحداث تمت على ما يرام خلال اليوم وسبب جعلها تكتمل على ما يرام.. يكتب الطلاب «رسالة امتنان» ويقرأونها لمصدر الامتنان، عن أفضل أحوالهم وعن أكثر اللحظات التى افتخروا فيها بأنفسهم.
- يتعلم الطلاب كيفية الاستجابة البناءة لإنجازات شخص آخر.. وفهم وإدارة عواطفهم، وخاصة العواطف الإيجابية.. وتصور وتجميع وتطبيق وتقييم المعلومات كدليل للمعتقدات والأفعال.