رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة «بركة يا جامع».. مفردات الحارة المصرية

 الحارة المصرية
الحارة المصرية

"بركة يا جامع اللى جت منك مجتش منى"، دوما ما نستمع إلى هذا المثل الشعبى فى كل أرجاء مصر، بالإضافة إلى المثل الآخر "الزيت اللى عايزة البيت يحرم ع الجامع"، ويظن البعض بل جل الناس أن هذين المثلين من الكبائر، والحقيقة عكس ذلك تماما.

المثل الأول "بركة اللى جت منك يا جامع"، يقول البعض أن شخصا كان لا يصلى ثم جاءه شيخ البلدة ونصحه بأن يصلى فلما ذهب إلى المسجد وجده مغلقا، فقال "بركة يا جامع اللى جت منك"، وهذا كلام غير صحيح، فأصل المثلين واحد وهو أن الجامع المقصود بهما ليس المسجد بل جامع المال الذى كان يجمع ضرائب الأراضي الزراعية أيام الحكم العثمانى، وهو أيضا "الملتزم" الذى يلزم المزارعين بدفع الضريبة ومن لا يدفع تسحب منه أرضه.

فيقول الناس "أرضه اخدها الملتزم"، لذا كان المصريون حين يأتيهم جامع المال ليتحصل على ضريبته فى الوقت الذى لا يجدون فيه قوت يومهم بسبب اعتماد الزراعة على الفيضان، فيمتنع المصريون عن دفع الضريبة ويقولون "الزيت اللى عايزة البيت يحرم ع الجامع"، أى يحرم على جامع المال أو الملتزم.

أما مثل "بركة اللى جت منك يا جامع"، فيروى أن رجلا خرج ليدفع الضريبة لجامع المال فلم يحضر فقال الفلاح "بركة اللى جت منك يا جامع"، ومن هنا خرج المثل الذى تداوله الناس فيما بينهم، ولما انتهى دور الجامع أو الملتزم ومع مرور الأيام ظن البعض أن الجامع هو المسجد، لذا حرموا المثلين.

لذا إذا قال الشخص حين يطلب منه آخر بعض المال وهو فى احتياج له "الزيت اللى عايزة البيت يحرم ع الجامع"، فيقول القائل "يا أخى حرام عليك، الزيت اللى عايزه البيت ميحرمش على الجامع؛ لأنه بيت ربنا"، أما مثل "بركة يا جامع" فيقال حين يهم شخص بمنح شخص آخر مالا ولكن على مضض فيرفض الآخر قبول المال فيقول الأول هذا المثل من قبيل التهكم والاعتراض، وهذا المثل يعادل كلمة "عنك" ويعادل عبارة "اللى وفر شيء كأنه جابه".