رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفيروس الإخوانى المستجد


لكى نضع الأمر على بساط البحث ونتكلم بشكل عملى فإننا يجب أن نفهم نفسية الإخوان، فقد كانوا فيما مضى فى الأيام الخوالى يحاولون بقضهم وقضيضهم الاقتراب من دوائر الحكم، وذات ليلة ليلاء من ليالى مصر وجدوا أنفسهم فجأة فى قلب دائرة الحكم، هم الرئيس والوزير والخفير، بل هم كل شىء، يُقرِّبون من يشاءون ويبعدون من يشاءون ولا معقب لديهم، وبعد عام أصبحت الرئاسة الإخوانية أثرًا بعد عين، ضاع منهم كل شىء، وتوالت الأحداث وأخذ الإخوان بإرهابهم يبتعدون شيئًا فشيئًا عن الشعب، بل أصبحوا أعداءه، حتى باتت عودتهم للحكم ولو بأمريكا أو حتى عن طريق إبليس ضربًا من ضروب الخيال، ولكن هل يفكر الإخوان فى العودة عن طريق تحسين ظروف البيئة المحيطة بهم، أم أن كل تفكيرهم منصب على إسقاط الدولة كلها بأى شكل من الأشكال؟
لا شك أن إسقاط الدولة هو الخيار الاستراتيجى الأول للإخوان، إذ إنها لو سقطت فلن تسقط إلا فى حجرهم هم، فهم أصحاب التنظيم القوى المسلح، حينئذ لن يكون أمامهم إلا الحكم بقوة السلاح ليكونوا أكبر مستبد عرفه التاريخ، وهم فى سبيل تحقيق حلم العودة للحكم وإسقاط الدولة يعتمدون على قوتهم الإعلامية وصلاتهم بأجهزة المخابرات الغربية التى تريد إسقاط المنطقة كلها، إذ لو سقطت مصر، لا قدر الله، ستصبح منطقة الشرق الأوسط لقمة سائغة فى فم دول حلف ناتو، وبمعنى أكثر دقة: فى فم المنظومة الغربية التى تستهدف منذ الأزل ثروات العرب وإفريقيا، ولأن الغرب لم يجد أمامه من يساعده فى إنجاح مهمته إلا جماعة الإخوان التى تجلس على قيادة مشروع الإسلام السياسى لذلك قامت بتقوية تلك الجماعة وتدريب كوادرها، وإمدادها بالتمويل اللازم والخبرات المخابراتية، كل هذا يتم من خلال منظومة اقتصادية من خلالها يشنون إرهابًا اقتصاديًا متعدد المحاور، وأخطره وأكبره أثرًا هو اللعب على تدمير الاحتياطى النقدى للبلاد عن طريق منع السياحة الأجنبية بإثارة المخاوف من خلال عملياتهم الإرهابية، وأيضا شراء العملات الأجنبية بأعلى سعر من المصريين العاملين فى الخارج قبل تحويلها إلى ذويهم فى مصر، ثم تدمير قدراتنا الإنتاجية من خلال المدسوسين منهم فى المصانع والشركات، وعندما استخدمت المنظومة الغربية المخابراتية فيروس كورونا المُخلَّق تحركت الجماعة الإخوانية الإرهابية من أجل استغلاله عن طريق نشر الشائعات على أعلى مستوى وبما يتناسب مع كل طبقة من طبقات المجتمع وكل شريحة من شرائحه مستهدفين من ذلك عدة أشياء.
أول المستهدفات هو خلق حالة من الخوف بين أفراد الشعب، وتشكيكه فى قدرات الدولة فى مواجهة هذا الفيروس، وقد لعبوا على هذا الأمر كثيرًا ونشروا كمًا من الشائعات التى تثير الإحباط والغضب وعدم الثقة، والشعب الذى يُصاب بالخوف والإحباط من السهل أن تتم إدارة عقله وتوجيهه وجعله فى حالة تصديق مستمرة لكل الشائعات الأخرى.
ثانى المستهدفات هو ضرب المنظومة الصحية للبلاد، فعندما تنجح الجماعة فى تجميع أعداد كبيرة من الناس فى مظاهرات، مثل مظاهرات الإسكندرية التى أقاموها ضد الفيروس بحجة الدعاء لله ليقضى على الفيروس، ومثل الإصرار على تجميع الناس فى صلاة الجمعة، ومثل ما حدث فى قرية شبرا البهو بالدقهلية من تجميع لأهل القرية لرفض دفن الطبيبة المرحومة سونيا عبدالعظيم، ومثل تجميع العمالة المؤقتة عند البنوك بعد نشر شائعة أن هذا البنك أو ذاك بدأ فى صرف المنحة التى قررها لهم الرئيس السيسى، فى هذا الجو المزدحم الذى ليست فيه أى احتياطات صحية سيترتب عليه حتمًا نشر الفيروس وزيادة حالات الإصابة، ومن ثم زيادة أعداد الوفيات، وسيُعجِز هذا وزارة الصحة عن استقبال كل الحالات المصابة، مما سيترتب عليه نشر حالة غضب بين الناس من الدولة.
ثالث المستهدفات هو استغلال حالة الغضب هذه عن طريق نشر شائعات بخصوص زيادة مدد فرض حظر التجول وغلق المحلات مما سيترتب عليه إقبال الناس على السلع الغذائية من أجل تخزينها، فيُضرب هذا المخزون الغذائى، وفى ظل هذا الجو ستعمل الجماعة على سحب العملة الأجنبية عن طريق خلق سوق سوداء تعطى سعرًا للدولار واليورو أعلى بكثير من السعر المحدد من البنك المركزى.
سيُدخلنا هذا الأمر وتوابعه إلى المستهدف الرابع وهو إرباك أجهزة الدولة كلها وصولًا إلى خلق حالة فوضى، ثم توجيه التنظيم لعمل مظاهرات سريعة فى وقت واحد فى جهات مختلفة، ليُعجِز هذا أجهزة الأمن عن مواجهة تلك المظاهرات، كل هذا سيؤثر حتمًا فى مخططهم على الحالة الاقتصادية للبلاد وسيتأثر به أصحاب الدخول المحدودة، والأحياء الأكثر احتياجًا، والعمالة المؤقتة، والنتيجة التى يرجونها من هذا كله هو إنتاج ما يُسمى «ثورة الجياع» التى تقول خطتهم إنها ستجعل البلاد فى حالة فوضى تامة، وقتئذ سيصلون بنا إلى ما يُسمى «حالة التوحش»، ومن تنظيم القاعدة أخذ الإخوان خطتهم فى إدارة التوحش.
من داخل جماعة الإخوان شخصيتان قامتا بوضع تفاصيل تلك الخطة، الأول أمريكى من أصل عراقى، والثانى إنجليزى من أصل مصرى، وكلاهما ينتميان للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، الأول هو الدكتور سلام المراياتى، أحد الأعضاء الكبار فى التنظيم الدولى للجماعة، وأحد المقربين من النظام المخابراتى الأمريكى، وهو من أصل عراقى، وكان تلميذًا للدكتور هشام الطالب، أحد المؤسسين للإخوان فى أمريكا، ولا يزال الدكتور «الطالب» على قيد الحياة وهو يرأس شركة من شركات يوسف ندا، وقد أصدر كتابًا يعتبره الإخوان الكتاب الأهم فى الإدارة والقيادة اسمه «دليل التدريب القيادى» وقد وجه الدكتور سلام المراياتى المركز الإعلامى للتنظيم الدولى إلى إنشاء أكاديمية تدريبية تستهدف تدريب الإخوان على كيفية إسقاط الأنظمة وكيفية إدارة عقول الجماهير، ووضع «المراياتى» الأسس العامة لهذه الأكاديمية، وبالفعل خضع هذا الأمر لدراسات استمرت ثلاث سنوات إلى أن تم إسناد أمر هذه الأكاديمية عام ٢٠٠٦ لشاب إنجليزى من أصول مصرية من أفراد التنظيم فى لندن هو «هشام المرسى» وأطلق «المرسى» على جمعيته اسم «أكاديمية التغيير» وفى شهر أبريل من عام ٢٠٠٧ نشأت فى مصر حركة جماهيرية كروية اسمها «ألتراس النادى الأهلى» أصبح لها فيما بعد دور كبير فى الأحداث الثورية، وفى شهر أبريل أيضًا من عام ٢٠٠٨ تم فى مصر تأسيس حركة «٦ أبريل» التى ظهرت فى البداية بشكل ليبرالى يعتمد على الشباب، وفى حقيقة الأمر كانت هذه الحركة هى الجناح الثورى لجماعة الإخوان، وحينما تزوج هشام المرسى، مدير أكاديمة التغيير، من السيدة سهام القرضاوى، ابنة الشيخ يوسف القرضاوى المنظر الأكبر لجماعة الإخوان، كان أن انتقل عام ٢٠٠٩ إلى قطر لينشئ هناك فرعًا للأكاديمية، إلا أنه فى الفترة من عام ٢٠٠٦ إلى عام ٢٠٠٩ كانت تلك الأكاديمية قد نظمت الكثير من الفعاليات والتدريبات للأعضاء المنخرطين فيها وكان أكثرهم من إخوان العالم العربى، وكان أكثرهم بطبيعة الحال من إخوان مصر مثل الدكتور مصطفى النجار الذى كان قد أنشأ مؤسسة أطلق عليها «أمواج فى بحر التغيير»، ومن اليمن كانت توكل كرمان، الإخوانية أبًا عن جد، وبعض رموز من شباب الإخوان أصبحوا فيما بعد من لقطاء ذلك المشروع التدميرى.
وفى عام ٢٠١٠ ظهرت للوجود فى مصر جمعية أطلقوا عليها «الجمعية الوطنية للتغيير» التى ترأسها «البرادعى»، مبعوث العناية الأمريكية، الذى كان على صلة وثيقة بالإخوان، وكانت خطتهم الأصلية هى توطين الإخوان فى حكم مصر، وقد أفشلها الشعب والجيش، والغريب أن أصل خطتهم من البداية كان واضحًا بلا مواربة، والمدهش أن أمريكا الراعى الرسمى للإخوان لم تُخف خطتها أبدًا، فقالت إنها تعمل على إثارة فوضى عارمة فى المنطقة كلها، ثم من هذه الفوضى سيقومون بتخليق نظام جديد وحكم جديد، وأطلقت كونداليزا رايس على خطتهم عنوانًا براقًا هو «الفوضى المنظمة» وبترجمة دقيقة «الفوضى الخلاقة»، وأخذنا نحن فى بلادنا نردد ببلادة ذلك التعبير الفوضوى، وسرنا قدمًا نحو تحقيقه، ثم حققته عُصبة من بلادنا، فكان اقتحام السجون وحرق الأقسام والمؤسسات وقتل الأفراد لندخل فى الفوضى العارمة، ثم كان تنظيم هذه الفوضى وجعلها خلاقة بتخليق الإخوان وتمكينهم من الحكم، ويا للأسف على نخبنا الحمقاء التى ساعدت الإخوان وأمريكا على تحقيق خطتها! ولكن فى ذات الوقت الذى تهاوت فيه نخبنا المزيفة تحت أقدام أمريكا ثم تحت أقدام الإخوان كان هناك فى بلادنا من يرى ويسمع ويضع خطته لإفشال خطتهم، وكان فى بلادنا شعب تكوَّن له وعى فريد اكتسبه عبر تراكم حضارى، فثار الشعب على خطتهم والتحم الجيش بالشعب فى منظومة لا مثيل لها عبر التاريخ، وكلنا يعلم تلك الملحمة ويعلم خباياها فقد باتت من المعلوم للجميع بالضرورة.
ولأن الخطة الأصلية فشلت لذلك فقد قرروا إعادة إنتاجها بشكل جديد، ولكن والله الذى لا أعبد سواه ما الإخوان إلا عصابة إجرامية تخطط لتخريب مصر، هم يريدون الخراب لنا ولن يقع، والعمار لهم ولن يكون.