رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دفن موتى «كورونا»


بالطبع لا أحد فى مأمن من الإصابة، مع التسليم بأن هناك أمرًا يتعلق بالإرادة الإلهية. لأجل هذا هناك شىء لا يتعلق بإجراءات الحكومة فى مكافحة الفيروس أو الوقاية منه، ولكن هناك شيئًا يجب أن ننتبه له وهو شعور أهالى الموتى تجاه ما أصيب به أقاربهم، فرغم معاناتهم مع المريض حتى أيامه الأخيرة فإن هناك كارثة أخرى تنتظرهم عند دفن ميتهم.
يفر الناس من المرضى خوفًا من المرض، ويصبح أهالى المتوفى وحيدين فى مواجهة الفيروس الأخطر عالميًا، ووحيدين أثناء دفنه دون وداع الأهل والأقارب.. هذا هو الحال مع الفيروس الذى خلف آلاف الضحايا، ولا يظن كثيرون أن هؤلاء الضحايا قد دفنوا بالمراسم العادية لأى متوفى، بل دفنوا وحيدين بلا أهل أو أقارب، ومنهم من اتخذت حيال جثمانه إجراءات أكثر صرامة فى بعض الدول.. ونرصد أبرز الطرق التى اتخذها بعض الدول فى دفن ضحاياها من كورونا.
فى مصر واجه أهالى بعض المتوفين شيئًا لم يحدث من قبل وهو قيام بعض أهالى القرى بالاعتراض على دفن بعض الموتى المصابين بهذا المرض فى مقابرهم. تكرر هذا فى ٣ قرى، ووجد أهالى الموتى أنفسهم فى موقف لا يحسدون عليه، وتضطر الشرطة للتدخل ودفن المتوفين بالقوة.
ومؤخرًا، اضطرت الشرطة الى إلقاء القبض على بعض المعترضين، وتم عرضهم على النيابة، وأصدرت الداخلية بيانًا بذلك، كما أصدر النائب العام بيانًا آخر.
مع أنه فى عصور سابقة كان يتم دفن ضحايا الطاعون فى المقابر العادية، قبل أن تظهر احتياطات الوقاية الحالية.
الغريب أن ضحايا مرض الإيدز وكل الفيروسات الوبائية والملاريا والإبيولا يُدفنون فى المقابر دون اعتراض أو دون اتخاذ إجراءات. كما أن هناك أكثر من مائة حالة تم دفنها بهدوء دون اعتراض من أى أحد. إذن ما حدث من اعتراضات يمكن تفسيره باعتراضات سياسية مقصودة لإثارة الفتنة بين الأهالى.
وقد أصدر الدكتور مفتى الجمهورية بيانًا تعقيبًا على حالات الاعتراض قال فيه إن الاعتراض على الدفن لا يمت إلى الدين أو الأخلاق بصلة.
وأضاف المفتى فى بيانه: «لا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا التى لا تمت إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة، فإذا كان المتوفى قد لقى ربه متأثرًا بفيروس الكورونا فهو فى حكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقى الله تعالى صابرًا محتسبًا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذى يواجهون الموت فى كل لحظة ويضحون براحتهم بل بأرواحهم من أجل سلامة ونجاة غيرهم فالامتنان والاحترام والتوقير فى حقهم واجب والمسارعة بالتكريم لهم أوجب».
وليس هناك ما يمنع أن تتدخل الدولة بكل حسم لمنع تلك الاعتراضات بإصدار تشريعات قاسية لمواجهة تلك الحالات، كما يجب أن يتدخل الفقه لمراعاة عدم لمس الميت بسبب ضرورة المرض، كما وجد التيمم فى حالة ندرة المياه، نحتاج لدور أوسع للجان الفتوى وتدخل البرلمان لمواجهة تلك الحالة وحماية أهالى الموتى من تنمر القلة التى لا تفهم فى القانون ولا فى الأخلاق ولا مراعاة الشعور.
وقد أحسن السيد محافظ الدقهلية بإطلاق اسم الطبيبة المتوفاة على مدرسة فى القرية، وإن كنا نفضل إطلاق اسم الطبيبة على القرية، وتغيير اسم القرية لرد اعتبارها بعد إهانتها ميتة.