رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأحرف الصامدة


كنا بـ نقول إنه لجنة عثمان بن عفان اللى عملت نسخة القرآن النهائية، كان هدفها القضاء على الاختلافات، وقراءة القرآن على «حرف» واحد، واستبعاد بقية الأحرف، وإنها نجحت فى مهمتها إلى حد كبير، لكن مش بـ نسبة ١٠٠٪.
فيه افتراض إنه دا كان مقصود من اللجنة، إنها تسيب مساحة شوية لـ الاختلافات. ما عندناش ما يثبت هذا الافتراض، وما عندناش ما ينفيه، لكن تصورى إنه لأ، هم كانوا قاصدين القضاء على الاختلاف تمامًا، لكن بقيت برضه اختلافات، وبدأت أعدد أسبابها، وذكرت منها بدائية «طريقة الكتابة».
تمام، لكن فيه أسباب تانية، وهى قوة بعض الأحرف، يعنى تخيل مثلًا، أنا بـ أصلى ورا عمر بن الخطاب شخصيًا، وبـ يقراها دايمًا «فامضوا إلى ذكر الله»، هل من الممكن إنك تمحى من ذاكرتى القراءة دى، وتمنعنى حتى من ذكر إنها كانت موجودة؟
أكيد لأ، خصوصًا إنه مش عمر بس، ابن مسعود كمان، وغيرهم كانوا بـ يقروها كدا، مهما حرص عثمان بن عفان، مهما حرص المسئولين، مهما التزم المسلمين، مش متصور القضاء على «كل» الأحرف، والقضاء عليها مش بس بـ معنى عدم القراءة بيها، إنما إخفاءها كمان من الوجود ومن الذاكرة والكل كليلة.
فـ فضلت «أحرف» طبعًا، نسبتها بقى قد إيه من الكمية الإجمالية لـ الأحرف، الله أعلم.
تالت سبب، إجراء توحيد المصاحف فى نسخة واحدة نهائية كان محل خلاف، وفيه بشر كتير كانوا معارضينه، مش بس عبدالله بن مسعود، اللى فيه شبه اتفاق على إنه تراجع فى آخر الأمر، وأقر بـ صحة الإجراء، وطبعًا فيه حرص كبير على إبراز هذا الأمر، وإن كان محدش مختلف خالص على اعتراضه فى بادئ الأمر، واعتراضه بـ قوة كمان.
لكن بعيدًا عن ابن مسعود، فيه روايات كتير بـ تقول لنا إنه الإجراء ما كانش محل ترحيب من الجميع، حتى لما بـ ييجوا يبرزوا رواية، إنه على بن أبى طالب كان مؤيد لـ الإجراء، بـ نلاقى على بـ يرد على المعارضين لـ الإجراء، يعنى كان فيه معارضين.
بل إنه فيه رواية بـ توصل بينا إلى إنه دا كان أول «المظالم»، اللى قالها بعض الناس لـ عثمان، لما بدأت الاعتراضات عليه تكتر، وإنه قال لهم فى الآخر: «أما القرآن فمن عند الله، إنما نهيتكم لأنى خفت عليكم الاختلاف، فاقرأوا على أى حرف شئتم».
لكن الرواية دى فيه خلاف على ثبوتها، إنما بس أوردتها لـ الإشارة إلى إنه الموضوع كان «مطروح»، حتى فى سياقات أخرى.
إنما ما أفهمه إنه تحميل عثمان بن عفان الأمر كله وإنه الإجراء دا خاص بيه، حاجة مش دقيقة، عثمان ما كانش يقدر يفرض حاجة زى دى، لو ما كانش كبار رجال الدولة موافقين، ومباركين، وداعمين كمان.
أنا شايف الأمر فى إطار عام، توحيد المصحف كان مطلب قوى، وشايف إنه «الأغلبية» وافقت، لكن فضل بعض الاعتراض، نختلف حوالين «حجم» هذا الاعتراض، لكن أيًا كان حجمه، هـ يساعد فى بقاء بعض الأحرف، لـ إنه فيه ناس، أيا كان عددهم، هـ يفضلوا يقروا بـ قراءات اعتادوها.
الأمور لا تسير بـ ميكانيكية وحد المصاحف، فـ المصاحف تتوحد ١٠٠٪.
الناتج فى النهاية هو وجود مصحف موحد، مع بقاء بعض الأحرف، إنما كان فيه سبب رابع برضه، بس محتاج مقال لـ وحده، فـ ابقوا معنا.