رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على باب الأولياء.. «الدستور» تزور «أضرحة آل البيت» في «زمن كورونا»

أضرحة آل البيت
أضرحة آل البيت

«على أبوابكم عبد ذليل.. كثير الشوق ناصره قليل».. أبيات قالها حسان بن ثابت شاعر الرسول، تصف كلماتها بدقة أحوال المشتاقين عند أبواب مساجد الأولياء فى مصر القديمة، الذين ينتظرون بلهفة إعادة فتح المساجد ليعودوا إلى زيارة أحبائهم والدعاء عند أضرحتهم.
أمام مساجد الأولياء وآل النبى حالت الأبواب والحواجز الحديدية بين المنتظرين المشتاقين والأضرحة، بعد قرار إغلاق المساجد للوقاية من فيروس «كورونا المستجد»، فوقفوا أمامها متضرعين يدعون ويتمنّون كما كانوا يفعلون داخلها.
العشرات من المريدين انتشروا حول المساجد وأمام أبوابها، فعلى أعتاب السيدة نفيسة يتواجد عدد من مريديها المخلصين، الذين يتنسمون اللطائف من الله، رغبة فى فتح أبوابها المغلقة، أحدهم يبكى بحرقة فراق حبيبته، يأخذ من الجدار العازل متكئًا يبكى أمامه تارة، وأخرى ينزل إلى الأرض ساجدًا داعيًا الله أن يرفع الغمة ويرى مقام السيدة نفيسة مرة أخرى.
عبدالله طه، أحد مريدى السيدة عائشة يفترش الأرض أمام أبوابها، يأبى الابتعاد حتى تنتهى الأزمة، فلا مكان له غير هنا، يحيا أمامها منذ سنوات طويلة بعد قدومه من قريته فى أقصى جنوب مصر من محافظة أسوان، لا يخشى الإصابة بالمرض ولا سبيل إلا المرور إليها فى يوم معلوم مهما بعُد.
يأمل الرجل الخمسينى أن يفتح المسجد أبوابه قريبًا، فقد اعتاد أن يجلس إلى جوار الضريح ليشكو إلى الله ويدعو بما يتمناه لنفسه ولأهله، قائلًا: «طال الغياب يا آل بيت المصطفى.. فأغيثونا».
«بيقولوا المسجد هيفتح أول جمعة فى رمضان».. تمنى وسؤال وجهه محسن عبدالهادى، أحد المريدين المترددين على مسجد السيدة زينب، إلى مريد آخر منهمك فى الدعاء والبكاء، لم يتوجه إليه بكلمة، لكنه وجه إليه نظرة طمأنة لا تنم عن معلومة أكيدة، بل كانت تحمل رجاءً من الله وثقة فى السيدة زينب التى لن تطيل غيابها على مريديها، ولن تمنعهم بركة لمس مقامها الشريف فى الأيام المفترجة من شهر الله الحرام.
يربط «عبدالهادى» مشهد مساجد أولياء الله المغلقة بما يعتبره «عقابًا من الله»، ويرى أن ذلك المشهد هو تنبيه للناس حتى يعودوا إلى طريق الله.
مريدو الأولياء ليسوا من كبار السن فقط، فهذه فتاة عشرينية تلتصق بالأبواب كأنها تناجى السيدة زينب من غير أن يسمعها أحد، لم تمنعها أخبار الغلق التى تعرفها جيدًا، الدموع تنزل على خديها تعرف طريقها إلى مقام السيدة، تأخذ معها رجاءها وشكواها لعلها تجيبها فى ساعة قريبة، أقرب من موعد افتتاح المشاهد والمقامات غير المعلوم.
اعتادت الفتاة أن تذهب إلى مسجد السيدة زينب كل جمعة، تضع بعضًا من المال فى صندوق النذور، وبعدها تذهب إلى جوار الضريح لتدعو وتتلمس نفحات آل البيت، لذلك فرغم إغلاق المسجد فإنها تأتى كل جمعة تقف أمام السور الحديدى لتقرأ الفاتحة وبعضًا من سور القرآن، قبل أن تعود إلى منزلها.