رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صائدو الفيروس».. فرق طبية مكرسة لفحص العائدين من الخارج

كورونا
كورونا

- مراقب صحة: أشعر وكأنني جندي في أرض المعركة
- مدير الطب الوقائي: "رسالتي الإنسانية تغلبت على خوفي "
- مدير وقائي: "نحتاج أحيانًا لعمدة القرية للوصول للحالة"
- مدير الطب الوقائي بالمنوفية: نلاحق الحالة بزيارات ميدانية طول 14 يومًا.

اختاروا العمل بالظل عن العمل علنًا، لا يشعر بهم أحد ولا يكشفهم أحد إنما هم من يحاولون البحث عن وباء أخاف العالم، وأنهكه ليكتشفوه بأجساد المواطنين قبل بداية ظهوره، ويواجهون وحدهم هذا الوحش الذي يفر منه الجميع، إنهم جنود "الكورونا" فرق التفتيش الطبية التي تخرج بنفسها إلى المواطن الذي يقدم من أي دولة وتطأ قدمه أرض مصر، وكذا جميع من خالطه من مواطنين لتفحص الجميع وتتابعهم لحظة بلحظة، وتتأكد أن "الكورونا" لم يصل إليهم بعد، لتمثل تلك الفرق الطبية بذلك حراسَا للوطن، وأبنائه من هذا العدو المجهري.

"الدستور" بهذه السطور تواصلت مع هؤلاء الأبطال واستمعت إلى قصص بطولاتهم مع هذا العدو وكيف يحمون أنفسهم وسط مواجهتهم يوميًا مع وباء قاتل.


مراقب صحة: أشعر وكأنني جندي في أرض المعركة

أشرف زكريا مراقب الأمراض المعدية بمديرية الصحة بمحافظة المنوفية يقول " أشعر وكأني جندي بمعركة عندما أرتدي الكمامات الواقية والقفاز الطبي وجميع الأدوات الوقائية ذاهبًا بها لفحص حالات مشتبه بإصابتها بفيروس "كورونا" أو غيره من الفيروسات المعدية"، مؤكدًا أنه يشعر بالفخر والجهاد معًا أثناء تأديته مهامه تلك، فهو في وظيفته يحاول أن يدرأ خطرًا وبائيًا على أبناء بلده ومجتمعه جميعًا، ويوضح أنها تلك هي الحرب المجهرية، وهو وزملاؤه جميعهم يواجهونها واثقين بنصر الله فيها.

وتابع أن بمحافظته يعد كثرة السفر هي إحدى سمات أبناء المحافظة الأمر الذي قد يمثل فرصة لإصابتهم ببعض الأمراض المعدية من تلك البلدان، وبالتالي حملها معهم إلى مصر، ومن ثم التسبب في إصابة الكثيرين بتلك الأمراض، لذا-يضيف- أن محافظة المنوفية تعد من أكثر المحافظات التي يجب بها اتباع الأساليب السليمة للكشف عن أي حالة قد تكون مصابة أو مشتبه بإصابتها بأيًا من الأمراض المعدية، والتي جاء مؤخرًا بقائمتها مرض "كورونا" المستجد.

ويوضح أنه تسهيلًا لإجراءات الكشف على الحالات القادمة بإصابات الأمراض المعدية من دول بالخارج، أنشأت وزارة الصحة المصرية برنامجًا إلكترونيًا يٌدعى برنامج متابعة المواطنين من الخارج، والذي به يٌسجل كافة بيانات الأشخاص التي تقطن المحافظات، وتهبط بأرض مطارها قادمة من الخارج، متضمنة اسم الشخص ورقم تليفونه وعنوان منزله بالتفصيل، مؤكدًا أن هذا البرنامج الإلكتروني يتم تحديثه لحظة بلحظة.

ويشير إلى أن خطوات التعامل مع الأشخاص القادمين من الخارج تبدأ بتوزيع عناوينهم بالمحافظة على مديرين الوقاية بالمحافظة ومراقبين الصحة بها كل حسب دائرته، وذلك لعمل زيارة ميدانية مكونة من مدير الوقاية بالمركز التابع للمحافظة ومراقب صحي لزيارة ذلك الشخص في خلال 72 ساعة من يوم قدومه إلى مطار المحافظة، وتتضمن الزيارة الكشف الطبي الكامل عليه، وملاحظة وجود أيًا من أعراض الإصابة بفيروس "كورونا" من سعال، وضيق بالتنفس به،عطس ثم تتبع هذه الزيارة بالمتابعة التليفونية اليومية والاطمئنان على صحته وصحة المخالطين به، وزيارته مرة أخرى باليوم الرابع عشر من يوم قدومه، وهي الفترة التي تعبر عن انتهاء مدة حضانة فيروس "كورونا"، وذلك بالإضافة إلى زيارة وسطى أخرى بين الأولى والأخيرة، وغالبًا تتم باليوم الخامس أو السابع من القدوم إلى البلاد.

وعن دوره كمراقب صحي يقول أقوم أيضًا بزيارة المريض عدة مرات طوال مدة فترة حضانة المرض للاطمئنان على صحته وصحة المخالطين به لملاحظة أي عرض قد يظهر من أعراض الفيروس على الحالة، مؤكدًا أن عمله كمراقب صحة بوقت انتشار فيروس"كورونا" جعل أسرته بالإضافة إلى اعتيادها غيابه فترات طويلة جدًا خارج المنزل، اعتادوا أيضًا عدم ملامسته إلا بعد أن يقوم بتطهير كامل لملابسه ولجسده الذي أحيانًا يستغرق ساعات قائلًا "بقيت أشوف بنتي لما أرجع من الشغل ومارضاش أحضنها إلا بعد تطهير كل متعلقاتي وده من خوفي عليها من العدوى"، مؤكدًا أنه على الرغم من ذلك فهو سعيدًا للغاية بوظيفته وبكونه أحد الجنود المجهولة في حرب" الكورونا".



مدير الطب الوقائي: "رسالتي الإنسانية تغلبت على خوفي "

أما الدكتور محمد أبو اليمن، وهو مدير الطب الوقائي بمركز أشمون بمحافظة المنوفية يوضح أن عمله يعتمد على استخدام برنامج إليكترونيًا يدعى برنامج الوبائيات "الترصد" والذي يخضع بإشرافه لوزارة الصحة والسكان، وهو ذلك البرنامج الذي يتتبع المخالطين لحالات تم حجزها وعزلها بمستشفيات الحميات لاشتباه بها بالإصابة بأحد الأمراض المعدية أو الإصابة بالفعل، وذلك على جميع محافظات الجمهورية، وهذا البرنامج كما يوضح من شأنه متابعة الحالة الصحية لهؤلاء المخالطين ورصد حالتهم أولًا بأول وإخضاعهم تحت الملاحظة عن طريق الكشف الميداني عليهم، بالإضافة إلى الاتصال الهاتفي بهم يوميًا لمتابعة أي أعراض جديدة قد تطرأ عليهم.

ويضيف أبو اليمن أن من بين الإجراءات التي تضمن لوزارة الصحة جدية قيام فريق الطبي بالتفتيش على مصابي فيروس "كورونا" أو المشتبه بهم هي أن ألزمت الوزارة إرسال مراقب الصحة والمدير الوقائي "للوكيشن" مقر تواجد الحالة المشتبه بها أو المخالطة لها، وكذلك التقاط صورة معها، وذلك لإثبات الزيارة بالفعل حتى لا يمكن للبعض التلاعب بإجراءات التفتيش، وتنفيذها على الورق فقط.

يتابع أبو اليمن بقوله أنه ببرنامج "القادمين من الخارج" تواجه الفرق الطبية بعض الصعوبات، والتي تتمثل في رفض الحالة المشتبه فيها للخضوع للفحص الطبي وإجراء التحليل اللازم للكشف عن فيروس "كورونا"، موضحًا أنه بهذه الحالة يضطر طاقم الفريق إلى إبلاغ الأمن الوطني الذي يبدي تعاونًا غير عاديًا كما وصفه أبو اليمن، والذي بدوره يقوم بإبلاغ أقرب قسم شرطة لاستدعاء الحالة رافضة الفحص حتى يتم خضوعها له، وإجراء التحاليل اللازمة، وهنا يؤكد أبو اليمن "نلجأ لهذا الإجراء آسفين، وذلك لكون الخضوع لفحص فيروس"كورونا"، هو قضية تمس الأمن الوطني وتحقق صالح المجتمع بأكمله، ولا تخضع لرغبات فردية، ولذا فلا هناك مجالًا للخيار بين إجراء الفحص الطبي من عدمه".

"لا أنكر بعضًا من لحظات وهواجس الخوف التي تملكتني أثناء إجرائي الكشف على بعض الحالات المشتبه بها"، هكذا يصف أبو اليمن بعض اللحظات التي تملك بها الخوف وجدانه أثناء ذهابه إلى مقر تواجد بعض الحالات المشتبه فيها، مؤكدًا أن هاجس خوفه يتملكه بسبب قلقه على أولاده وأسرته جميعًا، وخوفه من الإصابة بالمرض، ثم عدوتهم به، إلا أنه يتابع أن رغبة الانتصار على فيروس "كورونا "لديه، ومحاربة هذا الفيروس من أجل إبعاد الأذى عن كل مواطن مصري كانت أقوى لديه من ذلك الهاجس الأمر الذي جعله يقبل على أداء وظيفته مستمرًا بها ساعات طويلة غير عابئًا متحملًا خطورتها وسعيدًا بها ليختم بقوله" نحن في أداء مهمة وطنية ولا يمكن أن نتأخر عنها أبدًا".


مدير وقائي: "نحتاج أحيانًا لعمدة القرية للوصول للحالة"

النظارة الواقية والكمامات اللازمة وكذلك القفازات الطبية، هم أدوات حماية الطبيب ومراقب الصحة في طريقهما للكشف عن بعض المشتىبه بهم في إصابتهم بفيروس"كورونا"، أو المصابين به، وذلك كما يوضح دكتور عبد الحكيم عامر مدير الطب الوقائي منوف، الذي أكد أنهم بالفرق الطبية يتبعون كافة الوسائل الصحية السليمة لضمان حمايتهم من احتمالية العدوى بأي وقت، موضحًا أن الفرق الطبية بمحافظته تكشف على أشخاص قادمين من الخارج بحوالي 33 قرية، وليس الحالات فقط بل المخالطين بهما أيضًا، والذي يتم عمل إجراء "الترصد" لهم للتأكد التام من عدم إصابتهم.

"ببعض الأحيان نضطر إلى اللجوء إلى عمدة القرية للوصول إلى الحالات المشتبه بها"، هكذا يصف عبد الحكيم جانبًا من معاناة الفرق الطبية في الوصول إلى بعض الحالات المشتبه بها لإجراء الفحص عليها مؤكدًا أن هناك العديد من الحالات التي تهرب من إجراء الفحص، بدافع الخوف من نظرة الناس وأحاديثهم، وضرب مثلًا بإحدى الحالات لطفلة كانت قادمة من الكويت، وقد ظهر عليها بعض مظاهر الاشتباه بالإصابة بفيروس "كورونا"، لذا قرر الفريق الطبي أن يتم اصطحابها إلى أقرب مستشفى حميات وإجراء العزل الطبي لها، إلا أن والدها رفض رفضًا تامًا وقال غاضبًا أن ابنته لا تعاني إلا من "إنفلونزا " عادية، إلا أن الفريق الطبي تعاملوا مع الأمر بجدية وصرامة تامة حيث دفعهم سلوك الأب إلى تحرير محضر بقسم الشرطة له لاصطحاب الابنة وإجراء الفحوص عليها، وهو ما تم بالفعل حتى تبين سلامتها تمامًا وعدم إصابتها بالفيروس، كما أكد عبد الحكيم أنه ببعض الأحيان تضطر الفرق الطبية إلى الاستعانة بكبار رجال القرى من أجل إقناع بعض الحالات الرافضة للفحص الطبي للخضوع له، والتي بالفعل تم النجاح في ذلك بإجراء الفحص عليها متبعين كافة إجراءات العزل للتأكد من سلبية النتائج ".

أما عن شعوره أثناء أداء تأديته لعمله الذي حمل كثيرًا من مظاهر الخطورة، فيقول "لا أخاف من الإصابة بالعدوى وكذلك أسرتي فلدي ثلاث أبناء جميعهم أطباء ومدركين طبيعة الأمر، وجميعنا على يقين تام أن الله هو خير حافظًا، مؤكدًا أن من مثله لا يجب أن يخاف حتى لا يخاف من بعده باقي الفريق الطبي أسوة برئيسهم قائلًا" لما أنا أخاف اللي تحت مني يعملوا إيه؟" كما يتابع لما احنا نخاف مين اللي حايكتشف المرض؟".


مديرة إدارة الوبائيات: "أطهر نفسي جيدًا قبل أن ألمس أولادي بعد العمل"

"هذا حق بلدنا علينا" بهذه الكلمات تبدأ الدكتورة عزة نشأت مدير إدارة الوبائيات والترصد حديثها لـ"الدستور "، موضحة أن فريق البحث يتبع عدة إجراءات تشبه بعض الأعمال التي تشبه الأعمال المخابراتية للتقصي عن كل حالة قادمة من الخارج، وكل شخص مخالط لها بتتبع خط سير هذا الشخص ومخالطيه ومتابعتهم بثلاث زيارات ميدانية خلال فترة حضانة المرض مؤكدة أن زيارة الفريق الطبي للشخص القادم من الخارج تتم فور وصوله إلى أرض البلاد بل أحيانًا تسبقه بالذهاب إلى منزله قبل أن يذهب وهنا ضربت المثل بأحد الحالات التي كانت قادمة من كوريا الجنوبية، وكان مراقب الصحة والطبيب قد وصلا إلى منزله قبله في انتظاره، وفور أن وصل اصطحبوه لمستشفى الحميات لإجراء العزل الطبي عليه وعمل الفحوصات الكاملة.

موضحة أنه أثناء قيام الفريق بعمل الفحوصات على الحالات المشتبه بها يحاول الفريق إتباع كافة الإجراءات الطبية السليمة لحماية نفسه من أي احتمالية للعدوى، وتضيف أن ما يقوم به جميع فريق التفتيش الطبي هو واجب وطني نحو بلدهم قائلة "دي أقل حاجة نقدمها لمصر وشعبها".

أما عن شعورها كزوجة وأم فتقول" بكوني زوجة وأم فأنا أخاف على زوجي وأولادي من خطر الإصابة بالعدوى في أي وقت " أنا بخاف عليهم أكتر ما هم بيخافوا علي"، لذا أقوم بتطهير ملابسي وكافة أدواتي قبل ملامستهم بعد أداء عملي"، مؤكدة أنها تعمل هي وزملائها أيضًا على نشر التوعية بالطرق السليمة لمكافحة الفيروس على جميع الحالات التي تقابلها، كما تحرص أيضًا على تعليم أبنائها الوسائل الوقائية السليمة من الفيروس باستمرار.


مدير الطب الوقائي بالمنوفية: نلاحق الحالة بزيارات ميدانية طول 14 يومًا

الدكتور محمد العسكري مدير عام الطب الوقائي بمديرية الصحة بالمنوفية فيقول أن مديرية الطب الوقائي تعمل على متابعة القادمين من الخارج وعمل الفحوصات اللازمة لهم لملاحقة جميع الأمراض المعدية مثل مرض "سارس، أنفلونزا الطيور، الالتهاب السحائي، وبالطبع كذلك انضم إلى هذه القائمة المرضى حاملي فيروس "كورونا".

يتابع العسكري أنه يتم عزل طبي كامل للمشتبه بإصابتهم والمخالطين بهم لمدة 14 يومًا، بالإضافة إلى متابعة كافة ظروفهم المعيشية والتوجه إليهم بالإرشادات المستمرة حول طرق التعامل مع المرض.

ويؤكد أن عمل المراقبين ومديري الطب الوقائي يمتد ليصل أحيانًا إلى 24 ساعة باليوم الواحد نظرًا لكثرة الحالات المطلوب فحصها ومتابعتها وزيارتها ميدانيًا، بالإضافة إلى ذلك فهناك جهدًا من نوع أخر يبذله العاملين بالطب الوقائي والفرق الطبية، وهو جهد الوصول إلى الحالة المشتبه بها منذ وصولها إلى أرض مصر وتحقيق السرعة في ذلك، مؤكدًا أن هناك حالات يكون عنوانها مسجل خطأ، فيحتاج الفريق بالكامل إلى البحث والتقصي وسؤال آهالي المنطقة من خلال اسمه عن عنوانه، وهو ما يحتاج جهد كبير.

موضحًا أن هناك حالات أخرى تهرب فور مشاهدتها لإجراءات البدء في الفحص الطبي كما حدث مع أحد المراقبين، حين هرب أحد المشتبه بهم من المستشفى بعد أن تم حجزه والبدء في إجراءات الكشف الطبي عليه، إلا أن المراقب الصحي استطاع بعد ذلك إقناعه تليفونيًا بضرورة الفحص لمصلحته ومصلحة أسرته، وبالتالي ضرورة عودته للمستشفى لاستكمال الإجراءات وهو ما تم بالفعل، حتى اطمئن تمامًا على صحته بعد أن جاء تحليل فيروس "كورونا" سلبيًا.

ويتابع العسكري أنه أثناء تعامل الفريق مع الحالة المشتبه بها أو المصابة "في إشارة منه إلى أن محافظة المنوفية لم تسجل أي حالة إصابة إلى الآن"، يتم استخدام كمامات من نوع N95 ذات الكفاءة العالية وقفازات طبية كما يتم وضع نظارات طبية لحجب الفيروسات نظرًا لانتشار الفيروس ملامسته للعين أو للأنف ولليدين.

و أضاف أن الإجراءات الوقائية بمصر الخاصة بفيروس "كورونا" كانت تشمل فحص المواطنين القادمين من دول جميع دول جنوب شرق أسيا، إلا أنه زادت دائرة الاشتباه والفحص بشكل أكبر لتشمل القادمين من جميع الدول التي ظهر بها الفيروس، مشيرًا إلى أن إجراءات السلامة الوقائية بمصر تعد صارمة وشديدة أكثر بما يتفوق على كثيرًا من البلدان.