رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أيادي الخير».. مهندسون يعكفون على إنتاج أجهزة تنفس محلية

أجهزة تنفس
أجهزة تنفس

لم تمر سوى أيام قليلة على نشر إحدى الشركات العالمية المصنعة لأجهزة التنفس الصناعي تصميماتها الهندسية على موقعها الرسمي وإتاحتها للجميع لمساعدة الدول المنكوبة، حتى تطوعت مجموعة من شباب المهندسين لتنفيذ الجهاز في أسرع وقت، لإمداد المستشفيات المصرية به للمساعده فى استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين بفيروس كورونا.

تشكلت عدة فرق من شباب المهندسين تحت إشراف عدد من الاستشاريين، الذين قاموا بتبسيط رسومات أجهزة التنفس الصناعي العالمية لتنفيذها في أسرع وقت بالإمكانيات المتاحة في مصر دون الحاجة إلى الاستيراد.

يجتمع أعضاء الفرق بصورة شبه دورية "أون لاين" لتوزيع مهام العمل بينهم كلً حسب تخصصه، لكن متى ستخرج هذه الأجهزة إلى النور، وكيف تم استخدام التصميمات العالمية في تصنيع جهاز بإمكانيات مصرية؟، "الدستور" تجيب على التساؤل على لسان بعض أعضاء الفريق.

شريف: نسخر التصميم العالمي وفق إمكانياتنا
محمد شريف مهندس كهرباء حواسب ونظم تحكم، بدأ مع زملائه تبسيط رسومات التصميم الهندسي لأجهزة التنفس الصناعي التي نشرتها إحدى الشركات العالمية، لتصنيع أجهزة مصرية وإمداد المستشفيات بها، للمساعده فى استيعاب الحالات المتزايدة من مصابي فيروس كورونا.

قال "شريف": منذ نشر إحدى الشركات العالمية لنماذج تصميم أجهزة تنفس صناعي، بدأت مجموعة من زملائي في دراستها لتصنيعها، وبالفعل أخذنا الرسومات الخاصة بالجهاز لبدأ العمل بها، موضحًا أنهم وجدوا أن هذه الرسومات قديمة ومعقدة بعض الشئ وتحتاج إمكانيات وقطع غيارمستوردة ووقت طويل لتنفيذها، فكانت الخطوة الأولى تبسيط هذه الرسومات.

وتابع: حولنا الرسومات الهندسية التى طرحتها الشركة العالمية إلى أخرى بسيطة يمكن تصنيعها بمواد متوافرة في مصر، مشيرًا أن فريق العمل يضم مهندسي كهرباء، ميكانيكا، الكترونيات، ومهندسي أجهزة طبية لإعطاء النصائح الطبية وقت اختبار الجهاز.

وعن دوره، قال: تبسيط الدائرة الإلكترونية الموجودة في التصميم الأصلي حتى نستطيع تنفيذها بالإمكانيات المتوافرة في مصر، مؤكدا أنهم بدأوا العمل منذ أسبوعين أون لاين، وتم توزيع المهام للانتهاء من تنفيذ الجهاز خلال أسبوعين ليكون جاهزًا للتجربة قبل توزيعه على المستشفيات.


السقا: سننتج أول جهاز مصري خلال أسبوع
محمد السقا، مهندس كهرباء باور وتحكم آلات كهربائية،قال:هدفنا تصنيع أجهزة تنفس صناعي بمكونات مصرية 100|% لمساندة المستشفيات.

وتابع: وضعنا خطة تنفيذ أول جهاز مصري، وخلال إسبوع سيكون النموذج جاهز للتجربة، وبعد اعتماده من الجهات الطبية سيتم توزيعه على المستشفيات، مشيرًا إلى أنه تمت الاستعانة ببعض الاطباء لاستشارتهم في الاجهزة وكيفية التحكم فيها وكميه الهواء التي تضخها حتى يكون لديهم كافة المعلومات اللازمة لاتمام عملية التصنيع في أسرع وقت.

وأوضح: استعنا بالتصميمات الهندسية لجميع أجهزة التنفس الصناعي التي يتم تصنيعها عالميا، درسنا امكانية تنفيذ الجهاز بمكونات في السوق المحلي، حتى يدخل خطوط الانتاج بسرعة، دون انتظار استيراد قطع إلكترونية موجودة في التصميمات العالمية، قائلًا: " التصميمات التي وضعتها بعض الشركات العالمية لأجهزة التنفس معقدة ومكوناتها لا تتوافر في مصر، لذا قررنا وضع تصميم جديد يناسب مع السوق وتنازلنا عن التكنولوجيا الموجودة في الأجهزة المستوردة دون خلل بطبيعة عملها.

وعن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن، قال: حددنا الأشياء التي من الممكن أن نتنازل عنها في الجهاز دون أن يؤثر على وظيفته، وخلال إسبوع سيتم الإنتهاء منه كاملًا.

وأكد بعد تجربة الجهاز سيتم عرضه على الجهات الطبية التي ستجربه للتأكد من عدم وجود أي نسبة خطأ وتعطي تصريح تداوله، وسيتم توزيعه على المستشفيات.


عبد السلام: نستعين بأجهزة تنفس تالفة لأخذ المواصفات منها
محمد عبد السلام، مهندس متخصص في الاتصالات والإلكترونيات، أوضح أن المواصفات التي أعلنتها الشركة العالمية ليست كاملة، مشيرًا إلى أن الشركة نفسها لا تصنع الجهاز بالكامل.

وأضاف: "الشركة العالمية تجمعه فقط، تأخد أجزاء إلكترونية وميكانيكة من شركات أخرى، وهذا صعب تنفيذه في مصر حاليًا بسبب ضيق الوقت".

وأشار إلى أن البديل لتلك المواصفات الناقصة هي الاستعانة بأجهزة تنفس تالفة من أي مستشفى حكومي، لتكون بمثابة مرجع لهم، وتؤخذ منها المواصفات الخاصة لتنفيذها فى أسرع وقت.

واستطرد: "الأزمة حاليًا هو عدم تعاون المستشفيات معنا في الأزمة، فالجميع يرفض إعطائنا أجهزة تنفس عطلانة، نحن نعمل خط إنتاج وشركات تصنيع الأجهزة الطبية معنا، لذا نحتاج لدعم مادي لأن المبادرة تطوعية".

واختتم: "لازم يكون فيه تعاون مع الدولة، إحنا علينا الخبرة والتنفيذ فقط، عايزين نخدم البلد، محتاجين كل دقيقة وأي تعاون هيفيد في الإنجاز".
غنيم: نعانى من ضيق الوقت
الدكتور علاء غنيم، 28 عامًا، مهندس طبي تخصص أجهزة ومعدات طبية، انضم إلى مبادرة تصنيع أجهزة تنفس صناعي محلية، بمجرد علمه بوجود مجموعة من الأطباء والمهندسين يخططون لإنتاج أجهزة تساهم في علاج مرضى فيروس كورونا.

قال: " علمت من خلال منشور على فيس بوك، بمبادرة تصنيع أجهزة تنفس صناعي محلية الصنع، وأنهم بحاجة إلى مبرمجين وأطباء".

وأضاف: "لما شوفت المنشور لاقيتهم محتاجين مهندس أجهزة طبية يشوف التصاميم المتاحة ويتم التنفيذ، وده صميم تخصصي، ومترددتش لحظة في إني أشارك في المبادرة، عشان نقدر نصنع أجهزة تنفس صناعي محلية الصنع تساهم في حل الأزمة".

وعن مهمته، قال: "أنا تخصص أجهزة طبية، ومبرمجين السوفت وير ميعرفوش حاجة عن الميديكال فإنا الوسيط بينهم بين المبرمجين والجهاز الجزء الطبي، ومش هنقدر نعمل تصاميم خاصة بينا لضيق الوقت لكن هنعتمد على مواصفات الشركة لعالمية ونكمل النواقص الموجودة بها".

لم يتردد علاء لحظة واحد في الانضمام إلى المبادرة التطوعية المجانية لإنتاج جهاز تنفس صناعي محلي الصنع، لاسيما أن البلد تمر الأن بأزمة كبيرة بسبب أن أجهزة التنفس الصناعية جميعها مستوردة وليس لها تصنيع محلي وكل دول العالم لن تصدر أجهزتها وستكتفي بما لديها لمواطنيها.


زناتي: نحتاج تمويل مادي وصناعي
محمد مجدي زناتي، مهندس ميكانيكا إنتاج تخرج في هندسة شبين الكوم، نائب مدير الإنتاج في مصنع بيتا اليكتريك لتصنيع مفاتيح الكهرباء، جزء من مجموعة mb للصناعة، والذي قرأ خلال تصفحه حسابه الشخصي على "الفيسبوك" عن مبادرة المهندس أحمد حمامة، واحد من مؤسسي مبادرة تصنيع وإنتاج أجهزة التنفس الصناعي، وقرر بالفعل التعاون معه.

"من ساعة لما المرض ظهر وأنا بحاول أشوف مبادرة اشترك فيها، اللي عرفت عنها من خلال بوست نزل في إحدى الجروبات عن رغبة أحد المهندسين في البدء في تصنيع أجهزة تنفس صناعي بسبب ما تمر به البلد من أزمة محتملة، وتقدمت للمساعدة في المبادرة"، هكذا شرح لنا طريقة انضمامه لها.

يقول أنه تم البدء بالفعل في تصنيع نموذج أولي، عن طريق دراسة ميكانيزم العمل للجهاز، ودراسة التوصيلات وفكرة العمل ووصلنا لحلول جيدة جدا تقلل التكلفة، ويسرد لنا أن صاحب فكرة المبادرة عرض علينا المشاركة، وكلٌ حسب خبرته في مجاله، فأنا في مجال الميكانيكا والطباعة ثلاثية الأبعاد، ودوري كان عمل جهاز أولى عن طريق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وتابع "زناتي" مع "الدستور"، موضحًا أن النموذج الأولي في الأساس يعتمد على تحويل التصميم ثلاثي الأبعاد على الكمبيوتر، إلى شكل ثلاثي الأبعاد نستطيع لمسه والتعديل فيه، بمعنى أوضح تحويل الفكرة إلى منتج عن طريق الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأكد على محاولتهم التوصل لنموذج من اختراعهم يقوم بنفس دور الجهاز الذي في المستشفيات لكن بسعر رخيص وسهل تنفيذه، وسنراعي في التصميم معدلات الصحة والسلامة، ولن نطرح الجهاز إلا بعد الفحص والاختبار من وزارة الصحة.

وتابع: "نعتمد على الجهود الذاتية، ووجود أجهزة التنفس الصناعي ضرورية، وللاسف مش هنقدر نحدد مدى زمني للانتهاء من التصنيع لأنه يحتاج اختبارات وتمويل"، ولا نقصد التمويل المادي فقط، بل أيضًا الإمكانيات الصناعية والأدوات التقنية والمصانع التي ستساعد في سرعة إنتاج عدد كافي من الأجهزة.


غنيمة: سنطرح جهاز بديل للتنفس الصناعي
الدكتور ماجد غنيمة، أستاذ الهندسة ورئيس مركز الابتكار وريادة الأعمال بجامعة عين شمس، قال: نعمل حاليًا على اتجاهين؛ الأول تنموي لنتمكن من بماء كوادر قادرة على مجابهة الفترة القادمة من المرض، من خلال تدريبهم على كيف يمكن إنتاج جهاز تنفس صناعي، واصفًا أن كل ما يتم نشره حاليًا هو "لعب أطفال".

وأشار إلى أن تلك الكوادر المستقبلية تم تجميعهم من خلال مسابقة تم الإعلان عنها مسبقًا وتم تصفيتهم حتى وصلو إلى ١٠ طلبة ومتخصصين، بهدف تجهيز كوادر مدربة للفترة القادمة.

أما عن الاتجاه الآخر،هو تجمع لفريق من المهندسين المتخصصين لحل مشكلة قلة أجهزة التنفس الصناعي، ففكروا في شق خاص بتنفيذ أجهزة تعقيم ذاتية دون الإضرار بمستخدمها، ووشق آخر خاص بأجهزة التنفس الصناعي، مؤكدًا أن الموجة الأولى من المرض ستقل خلال شهور الصيف، لتعود في موجة أخرى في شهر أكتوبر القادم.



وبسؤالهم للمتخصصين، وجدوا أن مريض "كورونا" له أعراض معينة ولا يسعفه سوى جهاز التنفس الصناعي الموجود في الرعايات المركزة بالمستشفيات ويسمى Smart Ventilator، وهو قابل لوضع "سوفت وير" عليه لتلقي أوامر سريعة من الطبيب المختص، فبدلًا من أن يقوم بتلك العمليات يدويًا ستكون جاهزة له، فجاءت فكرة "الهندسة العكسية" للأجهزة الموجودة حاليًا، ولكن ذلك سيستغرق معنا وقت لا يقل عن السنة، وبالبخث وجدوا أن هناك جهاز آخر يمكن تصميمه خلال ٣ أشهر وتصنيعه في ٣ أشهر، هذا يعني أنه سيكون جاخزًا للموجة الثانية من المرض في أكتوبر.

وذهب وفريقه إلى أطباء التخدير والرعاية المركزة في مستشفى قصر العيني والدمرداش، ليفهموا منهم ما الأجزاء المفترض تواجدها في الجهاز لإسعاف مريض "كورونا"، وأنه يمر بمراحل تبدأ بالأعراض البسيطة بداية الإصابة وانتهاء بالأعراض الخطيرة في المراحل المتأخرة للمرض، ولكن وجدوا أن الأمر سيستغرق وقت أيضًا، فتوصلوا إلى أنه يمكنهم إنتاج جهازين، يستقبل الأول مرضى المرحلة الأولى، والثاني للحالات المتأخرة، وتم البدء بالفعل منذ ١٠ أيام وتم الانتهاء من الجزء الأساسي الذي تم عرضه على أطباء مستشفى"الدمرداش" وتم قبوله.

ويستعدون لجولة أخرى، الخميس المقبل، لعرض فكرة الهندسة العكسية وإدخالها على الأجهزة الموجودة حاليًا، وفي النهاية سيكون أمامهم الاتفاق مع المصنعين لوضع نقاط تلاقي والوصول إلى المنتج النهائي الذي يمكنهم إنتاجه ثم معايرته وتجربته وأخيرًا تصنيعه، متوقعا أن يظهر أول منتج بتلك المواصفات في الأسبوع الثاني من مايو المقبل.