رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمد فضل شبلول: الأدب سيعالج الوضع الإنساني وما خلفه كورونا

أحمد فضل شبلول
أحمد فضل شبلول

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بكورونا، وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا، وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه على الأدب، وعليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه على الكتابة فيما بعد، أو حتى تداعياته والتأثير الذي تركه على العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها في محاولة لاستشراف عالم الغد.

يقول الشاعر "أحمد فضل شبلول": كما كانت الحرب العالمية الثانية زمنا فاصلا في تاريخ القارة الأوروبية، أنتج في النهاية نظام "الاتحاد الأوروبي" وأنهى الخلافات والحروب التي كانت مشتعلة بين الدول الأوروبية قبيل الحرب، أعتقد أن النظام العالمي سيتغير بعد الحرب العالمية الثالثة، وهي حرب الفيروس اللعين المسمى "كورونا"، فالعالم الذي تعرض لهذا الوباء القاتل وهذا العدو الأممي الجديد، سيجعل العالم أكثر تماسكا وأكثر تسامحا وأكثر تقاربا عما قبل، فتداعيات "كورونا" المنتشرة في العالم كله، تجعلنا نرى بوضوح الآن أن لا دولة أفضل من دولة، فالكل وقع تحت أقدام الخوف، وسنابك الرعب، الملياردير والمليمير، فالشعور الإنساني تحت ضغط هذه الجائحة واحد لا يتغير، ولا أحد محصنا مهما كان في بروج مشيدة، وسبحان الله الذي قال في محكم التنزيل "إينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة".

تابع موضحا: هذه الجائحة عرّت الكثير من الأنظمة والكثير من السياسات الخاطئة التي كانت توجه ملياراتها للإنفاق على منظومة الأسلحة والصواريخ وأبحاث الفضاء واحتلال الدول اقتصاديا وعسكريا وثقافيا، فلم ينفع كل هذا في مواجهة "فيروس" لا يرى بالعين، ولا يعرف له علاج ناجع حتى تلك اللحظة التي أكتب فيها.

بل كل يوم يتأزم الموقف عن اليوم الذي قبله، ما يجعل التفكير جديا في توجيه الميزانيات ناحية الأبحاث الطبية، وزيادة وعي الإنسانية، وتطوير الأدوية والمضادات الحيوية التي تستطيع مستقبلا أن تقف في وجه أعتى الفيروسات التي تستطيع أن تطور من نفسها في غفلة عن الإنسان الذي هو من المفروض أن يكون أذكى المخلوقات، ولكنه أمام تلك الجائحة كشف عن وجه غبي آخر، فهناك من هو أكثر ذكاء، وسبحان الله في قوله "ويخلق ما لا تعلمون".
أيا كان الأمر وأيا كان المتسبب في تلك الكارثة العالمية، هل أمريكا، أم الصين، أم غيرهما، فقد حدث الأمر وجاء الذي لا نعلم عنه شيئا، فوقع العالم كله في حيص بيص.
ولا بد من أن نستفيد مما حدث ونستخلص العظة والعبرة، بأن نتكاتف إنسانيا، ونعترف بتكاملنا لا بتفتتنا، ولا بد للدول الكبرى أن تعترف بخطاياها العسكرية والعلمية، التي أدت في النهاية إلى الكارثة التي طالت الجميع، بما فيها هي نفسها، فلم ينجح أحد من الدول في صد هجوم هذه الجائحة.

وأعتقد أن الأدب سيتأثر كثيرا بهذه الجائحة، مثل تأثره بالحروب السابقة، وخاصة الحروب العالمية، وسوف يعالج الأدب الوضع الإنساني وما خلفه الفيروس من أوضاع مأساوية طالت الجميع، وليس الفقراء فحسب. وبالأمس كنت أكتب قصيدة جديدة بعيدا عن "كورونا" ولكن وجدته يتسلل إلى عالم القصيدة ومفرداتها دون وعي مني، فقال صوت من أصوات تلك القصيدة متعددة الأصوات التي تنتمي إلى مجموعة "هوامش على دفتر العقل":
"دعوني أسبح في سوسيولوجيا الفكرِ
وأدخلُ مثل "الكورونا" في تجويفِ العقل"
فقبل "كورونا" لم تكن الرؤية الشعرية تلتفت إلى أثر الفيروسات الكبير على مسيرة البشرية، ولكن بعد "كورونا" سوف تتأثر الرؤية الأدبية بعامة، وربما يحتاج الأمر إلى شيء من الوقت ومن التأمل ومن إعمال الفكر والقلب.