رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفي نصر: أزمة كورونا أثبتت أهمية العلماء

الروائي مصطفي نصر
الروائي مصطفي نصر

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله. استطلعت "الدستور" آراء عدد من الكتاب والمثقفين فى هذا الشأن، وكيف يتخيلون شكل العالم ما بعد الفيروس؟ وما التأثير الذي سيتركه على الأدب، وهل سيفرض الوباء نفسه على الكتابة، أو حتى تداعياته والتأثير الذي تركه على العالم كما نعرفه ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها محاولة لاستشراف عالم الغد.

يحكي الروائي "مصطفي نصر" ذكرياته عن الأوبئة التي أصابت مصر عبر تاريخها، فيقول: كانت الاستعارة في مكتبة البلدية بالإسكندرية تتم عن طريق أسانسير صغير، يحمل الكتب التي لم أرها في رفوفها- فهي موضوعة في الدور العلوي- وفي الدور الأرضي مجلدات لجريدة "الوقائع المصرية"- متاحة للاطلاع الداخلي، فكنت أسحب المجلد وأتابع ما فيه بسعادة غامرة، فيها أسماء من حصلوا على شهادة الابتدائية، واستحقوا لقب "أفندي"، وأخبار عن سرقة محلات في مدن مصر، ومما أذكره أخبار الأوبئة، الطاعون، الكوليرا التي تفشت في مصر عدة مرات، وقد سجلها نجيب محفوظ في رائعته الحرافيش، مناطق خاوية من سكانها، ماتوا في وباء الكوليرا.

وقد عاصرت انتشار مرض الكوليرا في أواخر ستينيات القرن العشرين، لكنه لم يكن عاليًا، ولم يستمر طويلًا، وأذكر أن صديقًا لي شكوا في إصابة أمه بالكوليرا، فاحتجزوا الأسرة بالكامل في مستشفى حميات الإسكندرية.

لكن هذا الوباء الذي اسمه كورونا لم أر له مثيلًا، أول مرة أشهد الحظر الذي فرض في مصر وكل دول العالم، والناس تموت بالآلاف في دول أكثر رقيًا مثل إيطاليا وإسبانيا وأمريكا.

كتب ألبير كامي روايته الطاعون، الذي نقلته الفئران للناس. وأخرج توفيق صالح- فيلمه صراع الأبطال عن انتشار لكوليرا في مصر بسبب تناول مخلفات الكامب- معسكرات الإنجليز- وعمل محمد حسنين هيكل «مراسل عسكري» نقل ما يحدث في أماكن حجز المرضى بالقرى والمدن المصرية.

أعتقد أن العالم سيتغير بعد كورونا، فالوباء درس لهؤلاء الذين لم يعطوا للعلم أهمية يستحقها، والكارثة لو خرجت مصر من هذه الأزمة دون أن تتعلم من نتائجها، وأن تظل- كما هي- لا تقدر الأطباء، أو نظل كما هي، غير مقدرة لقيمة البحث العلمي، وأن المعلم يستحق أن يحصل على أعلى أجر في الدولة، فهو الذي علم وأسس القادة والعظماء في العالم، لو حدث هذا سنعلي قيمة المواطن، ولن يضطر المعلم أن يلجأ للدروس الخصوصية، آه، يا ويلنا لو خرجنا من أزمة كورونا سالمين، ولم نتغير.