رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تفسيرات داعشية للأزمة الكورونية



منذ أن اجتاح فيروس «كورونا» العالم بشرقه وغربه وشماله وجنوبه والأطباء والخبراء والعلماء يواصلون الليل بالنهار للبحث عن دواء أو اكتشاف المصل الواقى منه. وعلى الطرف الآخر جلس عدد من الأصوليين المتعصبين فى بيوتهم خلف الكيبورد لينفثوا سموم تعصبهم وعنصريتهم وجهلهم.
فعدد ممن ينتمون للأديان الإبراهيمية الثلاثة رأى أن الله يعاقب الصين بـ«كورونا» لأن الصينيين كفار ولا يؤمنون بالله الواحد الأحد، وهناك من رأى أن ارتفاع عدد الوفيات والإصابات بفيروس «كورونا» فى إيطاليا يرجع لعقاب الله للإيطاليين بسبب الحروب الصليبية. وهناك من رأى أن إيطاليا تدفع ثمن فيروس «كورونا» فادحًا لأنها كاثوليكية.
وهناك من رأى أن الولايات المتحدة الأمريكية يرتفع فيها عدد الوفيات والإصابات بفيروس «كورونا» لأن الأغلبية من المسيحيين هناك ينتمون للمذهب البروتستانتى.
وهناك من رأى أن فيروس «كورونا» ما هو إلا عقاب من الله بسبب الانحلال الخلقى والمثلية الجنسية.
وهكذا تتوالى تفسيرات المتعصبين لفيروس «كورونا»، ومن الواضح أنها تفسيرات تنم عن عنصرية بغيضة خارجة عن قلوب كارهة نفسها وكارهة الإنسانية وكل آخر مغاير.
وواضح من هذه التفسيرات أن أصحابها أبعد ما يكونون عن التفكير العلمى السليم الذى يجعل من ينتهجه يعيد المشكلات إلى أسبابها الحقيقية العلمية.
إن الله سبحانه وتعالى إله محب ودود وهو يحب خليقته ويترفق بها، وما الشرور والأوبئة إلا من صنع الإنسان بسبب فساده وشروره وآثامه، والإنسان الحكيم هو الذى يتعظ من مثل هذه الأزمات وينتهز الفرصة ليراجع حساباته ويراجع موقفه من الله ومن إخوته فى الإنسانية وأن يتوب عن شروره وآثامه، فخير الخطائين التوابون.
وأيضًا ليت فيروس «كورونا» يكون فرصة لأن يراجع المتعصبون الداعشيون موقفهم من إخوتهم فى الإنسانية، فالفيروس غير عنصرى ولا يمارس التمييز مثلهم، فهو لا يفرق بين أتباع الأديان ولا يميز بين معتنقى المذاهب، كما أنه لا يعمل حسابًا لدول كبرى أو عظمى، ولا يفرق بين الأغنياء والفقراء ولا بين العظماء والأدنياء ولا بين الوزراء والخفراء ولا بين الرجال والنساء. فهل يعى المتعصبون المتطرفون هذا الدرس؟