رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عزل إجباري».. العالقون بالخارج: أعيدونا إلى مصر

عزل إجباري
عزل إجباري

بنبرات حزينة خائفة، يبعث المصريون في الخارج رسائل استغاثة إلى وطنهم الأم مصر، مستنجدين بالرئيس عبدالفتاح السيسي، بإعادتهم إلى مصر، فقد تمكن الوباء من البلاد التي سافروا إليها، آملين أن يأتوا بقوتهم الذي يعينهم على المعيشة، ومنهم من سافر لقضاء عطلة ترفيهية مؤقتة، لكن تطور الأمور التي جرت في الآونة الأخيرة قلبت موازينهم رأسًا على عقب.

واتخذت وزارة الصحة قرارات صارمة تجاه العائدين من الخارج، حيث ألزمت كل مصري أراد الرجوع على طائرة استثنائية ترسلها لهم الدولة المصرية، التوقيع على إقرار قبل ركوب الطائرة بدخول الحجر الصحي فور الوصول للبلاد، والذي بدأ تطبيقه منذ الثلاثاء الماضي.

ونص القرار على الموافقة على العزل الصحي في المكان الذي تحدده وزارة الصحة لمدة ١٤ يومًا من تاريخ الوصول، تواصلت معهم "الدستور" لإبداء آرائهم تجاه إعادتهم وعزله.

أحمد: أوافق على الحجر ولكن أعيدوني لبلدي
أحمد علي، شاب ثلاثيني يعمل نجارًا، سافر إلى تركيا منذ فترة ليست ببعيد، ليتمكن من تحسين أحواله المادية، فهو من محافظة الدقهلية، ورزقه الله بطفله "محمد"، الذي يريد تأمين حياة كريمة له.

منذ الإعلان عن أول حالة "كورونا" في تركيا، وبدأ الخوف يتسلل إليه، فقد أراد العودة إلى وطنه وابنه، لكن حتى سبل الطيران إليهم تم إغلاقها، لحين تم الإعلان عن أن مصر سترسل طائرات استثنائية لكل العالقين الذين يريدون العودة إلى بلادهم، فتواصل مع السفارة منذ ٢٧ مارس الماضي، وهو في انتظار الرد، لأنه حجزه في ٢٠ مارس الماضي تم إلغاؤه بسبب تلك الأزمة.

"احنا معندناش أي مشكلة في الحجر"، قالها "علي" بنبرة حزينة، فهو على ثقة أن الحجر الصحي ضروري له ولأهله، مختتمًا ب: "عايزين نشوف أهالينا، ممكن نموت بعيد عنهم".

"عبدالرحمن".. من شهر عسل إلى عالقين
ومن تركيا إلى تايلاند، حيث تواصلنا مع عبدالرحمن فايد، مهندس كهرباء، في أواخر العشرينيات من عمره، سافر إلى هناك لقضاء شهر العسل، لكن وقعت الأزمة فأصبح من العالقين، قال: "أنا سائح جاي عامل حسابي إني هقعد ٧ أيام وهروح والفلوس اللي معايا على اد كدا بس".

وأكد "فايد"، خلال حديثه مع "الدستور"، أنه غير معترض على الخضوع وزوجته للعزل الصحي، لكنه قلق على فكرة تدبير تلك النفقات التي لم تكن في حساباته، معلقًا: "احنا مش معترضين على الحجر كمبدأ احنا أصلًا عاملين حسابنا عليه ومتفقين عليه مع أهالينا إنما أن أنا مش معايا فلوس ادفعها، وعددنا هنا تقريبًا ٤٠ شخص، ووزارة الهجرة قايلة إن ١٤٠ شخص حد أدنى عشان تبعت طيارة".

وبنبرة حزينة، قال إن المبلغ الذي أحضره كان كافيًا لقضاء عطلته المفترض انتهائها ٢٣ مارس الماضي، ولما أُلغيت أصبح في كل يوم زائد أصبح يخسر الأموال التي ادخرها كاحتياطي، إلى جانب أن عمله تم تعطيله لعدم عودته، "اجيب منين أقعد هنا تاني أنا وزوجتي!".

واختتم بأنه باقتراح أن يكون الحجر منزلي، مع مرافقة أحد أفراد الأمن لهم للتأكد من عدم اختلاطهم مع أحد.

محمد: النفقات ثقيلة وغير قادر على تحملها
"بقالي شهر مفييش شغل"، تلك الكلمات التي بدأها محمد مهدي، الثلاثيني العمر، مدرس اللغة الإنجليزية، من محافظة المنوفية، الذي سافر إلى المملكة العربية السعودية، تحديدًا مدينة الرياض، ولم يستكمل العام فيها، حتى وقعت أزمة "كورونا"، وكانت فرحته عارمة بأنه سيتم إرسال طائرة لإعادة المصريين العالقين هناك، إلا أنه بعد قراءة خبر إيقاف الطيران لإعادة العالقين بات يفكر كيف سيتم حل تلك المعضلة.

"مهدي" خلال حديثه مع "الدستور" تعهد بأن يخضع للعزل الصحي الذي ستفرضه وزارة الصحة المصرية عليه فور وصوله إلى مصر، وهو أمر ضروري حفاظًا على سلامته وأسرته وكل من يعرفهم، فلديه أسرة مكونة من زوجة وصبي وصبية، يحتاجون أيضًا إلى تلك الأموال التي قمت بادخارها لهم، لكن كيف سأعود إليهم!

أحمد: الحجر المنزلي الحل وإلا الغرامة
وإلى الكويت كانت قصتنا التالية، مع جمال أحمد، خمسيني العمر، معلم لغة عربية، قاهري الأصل، سافر إلى دولة الكويت منذ ١٠ سنوات، وكانت الأمور تسير على ما يرام، إلى أن تم الإعلان عن أول حالة إصابة ب"كورونا" في فبراير الماضي، فبدأ منذاك البحث عن كيفية العودة إلى وطنه لينضم إلى أسرته هناك.

يروي "أحمد"، لـ"الدستور"، أنه متفق تمامًا مع إجراءات الدولة للحفاظ على مواطنيها داخلها وخارجها، راجيًا أن تضع الدولة في اعتبارها ظروف المواطن المغترب، فعليها أخذ إقرار وتعهد على الالتزام بالحجر المنزلي ومتابعة الإدارة الصحية التابع لها المواطن، وفي حال عدم الالتزام بالحجر المنزلي تطبق غرامة كبيرة على المواطن.

الجوهري: يجب على رجال الأعمال مساعدة الدولة
قصة أخرى في دولة الكويت، كان بطلها ممدوح الجوهري، صاحب السبعة وثلاثين سنة، مدرس الجغرافيا بوزارة التربية الكويتية، لديه من الأطفال ثلاثة صبية وفتاتين، سافر هناك منذ ١٢ عامًا حتى وقعت أزمة "كورونا".

وأعرب "الجوهري" عن سعادته بمبادرة الدولة المصرية بإعادة أبنائها من أي دولة إلى أرض وطنهم، متفقًا مع ما تم اتخاذه من إجراءات للوقاية من الفيروس الذي تفشى في أرجاء العالم، ومن حقها عزل أي شخص يشتبه في إصابته، حفاظًا على أرواح مواطنيها، ولا مانع من خضوع كل العائدين إلى الحجر الصحي الذي تفرضه وزارة الصحة المصرية.

وطالب رجال الأعمال بمساعدة الدولة والتكفل مهمة تحمل تكلفة العائدين، أو الاستفادة من المدن الجامعية الخالية من الطلاب والمدارس، بحيث تقوم الدولة من خلال الجيش والمؤسسات المدنية ورجال الأعمال بتجهيزها، إلى جانب أن يكون هناك تحليل pcR لتحديد المصاب من غير المصاب، لتحديد ما إذا كان في حاجة إلى الحجر من عدمه.

وأكد أنه متواجد في منزله بالكويت منذ ما يقرب من شهر ونصف، لكن لا زال راتبه يتم صرفه، لكن أرجئت وزارة التربية والتعليم الكويتية الدراسة إلى شهر أغسطس القادم، مع السماح للمعلمين بالعودة إلى أوطانهم، مختتمًا ب: أنا قلق على أسرتي، وأتمنى أن ينتهي هذا الوباء وتعود حياتنا الطبيعية، مناشدًا بسرعة عودتهم إلى مصر، وأن تساهم الحكومة المصرية في مزيد من التسهيلات في الإجراءات للعودة إلى أرض الوطن.

طارق: أعيدوا العالقين وضعوهم في مخيمات
طارق جادو، مهندس من محافظة القليوبية، وهو أيضًا كاتب وروائي عضو اتحاد كتاب مصر، متواجد في الكويت على فترات متقطعة من ٢٠١٥، استطاع اللحاق بالرحلة الأخيرة قبل تطبيق القرار في ٢٥ مارس الماضي.

وروى "جادو" ل"الدستور"، أنه حين عودته تواصل مع القنصلية المصرية هناك، أدرجت اسمه في كشوف الحالات الطارئة، لكنه تحمل ثمن تذكرته عندما أُتيحت الفرصة لقيام رحلات الإجلاء، وبالمطار تم عمل الكشف، ثم عاد لمنزله مع متابعة وزارة الصحة لحالته.

واقترح أيضًا أن يتم عمل حجر صحي في مكان توفره الدولة، كمخيمات في أي ستاد، أو أرض المعارض أو المدارس أو نزل شباب، بحيث يتم عمل اللازم من الحجر الصحي.

الشرقاوي: الدولة لديها مرونة في الاستجابة لكل موقف
ومن الكويت إلى باريس، حيث تواصلنا مع محمود الشرقاوي، لاعب في الاتحاد الفرنسي في فريق Adidas runners Paris، الذي اتفق تمامًا مع إجراءات الدولة بوصفها ب"المهمة"، مؤكدًا أنه بشكل عام تصرف الدولة ممتاز، وبه نوع من المرونة والاستجابة الفورية لكل موقف.

"فكرة إن الدولة تفكر تستجيب وتساعد في عودة المصريين ده ممتاز طبعًا"، بتلك الكلمات استكمل "الشرقاوي" حديثه مع "الدستور"، مؤكدًا أن تعامل الدولة حاليًا مع الأزمات أصبح أفضل كثيرًا، لكن قد تكون الإمكانيات المحدودة عائق أمام تنفيذ طموحاتها.

وكانت سلطة الطيران المدنى المصرية أعلنت توقف حركة الطيران المدني بمصر، سواء القادم أو المغادر من المطارات المصرية منذ 19 مارس الجاري ويستمر حتى 15 أبريل القادم، واستثنى الخطاب 5 حالات من التعليق، منها رحلات الشحن الجوي، ورحلات الشارتر لتتمكن من عودة الأفواج السياحية بعد انتهاء برامجهم دون استقدام أفواج جديدة، ورحلات الإسعاف الدولية والرحلات الداخلية داخل الدولة.