رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عادل أسعد الميري: العنصر البشري مهدّد بالفناء بسبب كورونا

عادل أسعد الميري
عادل أسعد الميري

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بكورونا، وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا، وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه على الأدب، وعليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه على الكتابة فيما بعد، أو حتى تداعياته والتأثير الذي تركه على العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها في محاولة لاستشراف عالم الغد.

قال الكاتب عادل أسعد الميري: "أنا في فرنسا منذ أواخر فبراير، وقد لاحظت تغيّر نبرة الخطاب في وسائل الإعلام، فبالتدريج أصبحت اللغة السائدة هي التخويف والإنذار بالأخطار المحتملة، ولم يعد أحد من المتحدّثين في وسائل الإعلام يتبنّى لهجة الطمأنة المتفائلة، فنحن لا شكّ مقدمون على مرحلة من أخطر مراحل تاريخ العالم في العصر الحديث، أكبر بكثير من أزمة 2008".

وأوضح الكاتب: "لأن العنصر البشري مهدّد بالفناء بسبب الفيروس، وليس فقط رؤوس الأموال في البنوك، كما أن أزمة الأنفلونزا الأسبانية سنة 1918، كانت في وقت يقلّ فيه الاعتماد على تكنولوجيا الاتصالات، التي تسمح الآن بالتداعي الحرّ بين اقتصادات كل الدول في العالم أجمع".

وتابع: "من أعجب ما سمعت في الإذاعة الفرنسية، وكان أوّل ما صدمني، حوارات أجريت مع عدد من السائحين الفرنسيين الذين كانوا في مصر في منتصف فبراير، حيث قاموا برحلة نيلية على ظهر أحد المراكب السياحية، وكان عدد الفرنسيين قليلا بالمقارنة بالمجاميع الأخرى، وذكروا أن علامات المرض لم تكن قد ظهرت بعد على أي شخص، إلا أنهم قالوا إن أكبر مجموعتين سياحيتين كانتا على المركب هما من الصين وإيطاليا، وأن هذا هو السبب في أن إيطاليا هي أكثر الدول تأثّرا بالوباء".

وأضاف: "أول عناصر الخطر التي ذكرها المحلّلون، هو عنصر إنهيار أسواق المال وتراجع أسعار الأسهم في البورصات العالمية، مما يهدّد بانكماش أو كساد اقتصادي، قد يصل يوما ما الى حدّ الانهيار التام. ثم جاء توقّف خطوط الطيران ليهدّد باحتمال إفلاس شركة إير فرانس، مما قد يجعل الدولة الفرنسية تتدخّل بتأميمها، ثم أعلنت الدولة عن اختزال خطوط المواصلات العامة من قطارات وباصات إلى الحدّ الأدنى، وإغلاق المدارس والجامعات، والمطاعم والحانات والأسواق".

وذكر: "لم يعد متاحا إلا محلات بيع المواد الغذائية والصيدليات وحتى يهدأ الناس وعدت الدول بدعم كل هذه القطاعات بحيث يستمر الموظّفون الحكوميون في قبض مرتّباتهم الشهرية، إلا أن مشكلة العاملين في القطاع الخاص تبدو أكثر تعقيدا، وقد شبّه أحد العاملين في مجال التأمينات الاجتماعية الموقف الحالي، بأنه يشبه شركة تأمين على حوادث السيّارات فوجئت بأن كل السيّارات قد أصيبت في حوادث في نفس اليوم".

ولفت الكاتب إلى إن أخطر عناصر الأزمة هو "عدم وجود أماكن في المستشفيات كافية لكل المصابين الجدد، وهو ما يعني ترك المصابين يموتون في الشوارع على أبواب المستشفيات، وهو تقريبا ما وصل إليه الوضع حاليا في منطقة لومبارديا بشمال إيطاليا، فإذا كان هذا هو الحال في إيطاليا، رابع أقوى اقتصاد في أوروبا، بعد ألمانيا وإنجلترا وفرنسا، فكيف سيكون الحال في دول العالم الثالث؟".

وأردف: "أنا في الحقيقة لست متفائلا على الإطلاق، فإن سرعة وسهولة انتقال هذا الفيروس بين الدول، يجعلنا نعتقد أن هذا الوباء العالمي لن ينتهي قبل أن يقضي على اقتصاد العديد من الدول، بسبب توقّف السياحة والسفر والتبادل التجاري، ويقضي كذلك على مئات الملايين من البشر خلال شهور طويلة، بدليل أن الصين التي كانت قد أعلنت عن القضاء على الفيروس في مدنها، عادت قبل يومين الى التصريح بظهور 1500 حالة جديدة، من القادمين من خارج البلاد".

واختتم: "بالتالي فإمّا أن تكون إجراءات العزل غير مجدية، أو قد يكون هناك تفسير آخر، وهو أن الفيروس أحدث طفرة في تكوينه mutation، حتى يتمكن الجيل الجديد بعد الطفرة من مقاومة الأدوية أو الفاكسينات التي يحاول الإنسان مقاومته بها، وهي الأدوية التي قد تكون الصين استحدثتها دون أن تعلن عنها".