رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليس بـ الطوب وحده نبنى العمارات


لو جبنا شخص، إديناله حتة أرض فاضية، ووفرنا له كل طوب العالم، وطلبنا منه يبنى لنا «عمارة» خمس سبع إدوار كدا، هل دا ممكن؟
الإجابة: أكيد لأ، ليس بـ الطوب وحده تبنى العمارات، عايزين حديد وأسمنت وخشب، وحاجات تانية كتير، ثم الأهم الأهم، هو استخدام كل دا بطرق معينة، مش هـ نقيم العمود مثلًا فى أى حتة كدا، مش هـ نصب السقف مطرح ما تيجى، العمارة «منظومة» كاملة.
طب فريق الكورة، لو جبنا مدير فنى، وإديناله أحسن ١١ لاعب فى العالم، كدا بقى عندنا «فريق»؟ لأ طبعًا، افرض أحسن ١١ لاعب دول، كلهم مهاجمين، أعمل بيهم إيه؟ الفريق دا مراكز مختلفة، وخطة وتكتيك وأدوار و.. الفريق دا «منظومة» كاملة.
فكر فى أى حاجة فى الدنيا، هـ تلاقيها «منظومة» كاملة، إيشمعنى بقى اللغة، اللى معظم الناس بـ تفكر فيها بـ اعتبارها «مفردات» أو «كلمات» وبس؟ أو إنه المهم فى الموضوع هو «الكلمات»، واللى بـ يحدد «هوية» أى جملة هو هوية كل كلمة فيها؟
الموضوع دا مش مظبوط خالص، الكلمات مكون من مكونات اللغة، أكيد، مش عايز أقلل من أهميته كـ مكون، اللاعب فى الفريق مهم، الطوب فى المبنى مهم، المفردات فى اللغة مهمة، لكن فى حدود دورها لـ إتمام المنظومة.
أى لغة فى الدنيا ليها أولًا مستوى صوتى «الحروف والحركات المستخدمة»، ثانيًا مستوى صرفى، «طريقة تكوين الكلمة وتصريفها مش الكلمة نفسها»، ثالثًا مستوى نحوى «طريقة تركيب الجملة»، رابعًا القاموس، خامسًا الكتابة «ودى فيها كلام ورغى كتير».
فيه حاجات تانية، والحاجات التانية برضه ليها أهميتها، بس دول الأساس. لـ ذلك، لو حد حب يتعلم إنجليزى، فـ راح حافظ له ٢٠٠٠ كلمة، كدا يقدر يقول جملتين على بعض؟ يقدر يكتب سطر ونص حتى؟ أكيد لأ.
لما بـ آجى أحدد «هوية» أى حاجة، اللى هو شبه الـ دى إن إيه كدا، بـ أحط كل حاجة من دى فى الاعتبار، علشان أوصل لـ نتيجة.
مثلًا: جملة «هات القلم دا»، هل دى جملة «عربية»؟ ييجى واحد يقول لى: طبعًا عربية، «هات» كلمة عربية، ويروح جايب لى بيت شعر لـ الشنفرى مثلًا، «القلم» كلمة عربية، ويروح جايبهالى من القرآن، «دا» كلمة عربية، اللى هى «ذا» أساسًا، وتحويل الذال إلى الدال كان معروف عند بعض القبائل العربية، جملة عربية ١٠٠٪.
إنما «الواقع» إنه لأ، دى مش جملة عربية خالص، ليه؟ لـ إنه على المستوى النحوى، وضع «اسم الإشارة» بعد «المشار إليه»، مش بـ ييجى إلا بـ شروط، لا تتوافر هنا، فـ عربيًا «اسم الإشارة» قبل «المشار إليه»، «هات ذا القلم»، الإخلال دا مش بسيط، طريقة تركيب الكلام عامل أساسى وجوهرى فى تحديد هوية الكلام.
أيوه، بس نعمل إيه فى تشابه المفردات؟ يعنى يرضى ربنا إنه جملة ١٠٠٪ من كلماتها عربية، تيجى إنت فى الآخر تقول لى إنها مش عربية؟
حيلو، دا كلام وجيه جدًا، علشان كدا قلت لك قبل كدا، الحكاية مش بسيطة، علاقات اللغات بـ بعض، تصنيف اللغات، حكاية مش سهلة، ومحتاجة كلام وكلام وكلام، فـ هـ نناقش لـ قصة «اللغة العربية»، وهـ نتابع الدنيا بعد نسخ عثمان لـ المصاحف. بس بعد ما نفكر فى العلاقة بين اللغة الرسمية فى أى بلد، واللغة المستخدمة يوميًا فيها، بس دا إن شاء الله فى مقال جى.