رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوضع تحت السيطرة.. المصانع والتجار: نتعاون مع الحكومة في توفير السلع الغذائية

المصانع  في مصر
المصانع في مصر

منذ بدء الحظر الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية، كإحدى الإجراءات الاحترازية، لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، بدأ بعض المواطنين في التزاحم على المحال التجارية لتخزين السلع الغذائية، إيمانًا منهم بأن تلك الخطوة ستؤمن لهم الفترة القادمة إذا ما تم الإعلان عن الحظر الكامل.

تلك الأفعال جاءت بفائدة كبيرة لدى المصانع والتجار، حيث زاد الإنتاج بعد زيادة الطلب على السلع الغذائية، رغم ما أعلنته وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن الدولة لديها مخزون استراتيجي كبيرمن السلع الرئيسية يكفي البلاد لمدة 4 أشهر.

"الدستور" في السطور التالية ذهبت في جولة بين عدد من المصانع والشركات، لتوضيح كيف يتم التعامل مع هذه المرحلة من تخزين بعض المواطنين للسلع بما يزيد عن احتياجاتهم، وكيف أصبح ذلك عامل ربح لهم وزاد الأمر من تجارتهم وصناعتهم، بما يحقق مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد".

الجمال: تاجر الجملة المتأثر الوحيد بالأزمة
البداية كانت مع تجار الجملة لشرح تأثيرات هذا الوضع عليهم، فيقول محمود الجمال، 28 عامًا، أحد تجار السلع الغذائية، والمسئول عن توريد المنتجات لمحافظتي كفر الشيخ والبحيرة، إن السلع الغذائية تمر بثلاث مراحل قبل وصولها للمستهلك، أولها المصنع المسؤول عن توريد ما لا يقل عن 50 طنا من المنتجات الغذائية لتجار الجملة في اليوم واحد.

وأضاف: "المرحلة الثانية هي توزيع التجار للسلع الغذائية على المحال التجارية، ثم أخيرًا وصولها للمستهلك"، يقولها "الجمال" استكمالًا لحديثه مع "الدستور"، فتاجر الجملة هو المتأثر الوحيد من عملية السحب الزائد على المنتجات الغذاية، بسبب تخزين المحال التجارية لكميات كبيرة من البضائع نتيجة إقبال المستهلكين عليها.

أما عن مدى سحب السلع الغذائية من الأسواق خلال تلك الفترة، أكد أن المصانع والشركات لم تتأثر بشكل كبير من الإقبال الشديد على المنتجات، كونها تملك حصة كبيرة من البضائع المخزنة، أما التجار فقد أثرت الأزمة عليهم بعد أن تسببت في انتشار حالة الهلع بين المواطنين، وجعلتهم يتزاحمون على شراء أكبر كميات من السلع.

"المستهلك اللي كان بيسحب 2 كيلو قبل الأزمة، دلوقتي بيسحب 5 كيلو عشان يخزنهم"، هكذا ذكر "الجمال"، مشيرًا إلى أن السحب الشديد على السلع الغذائية لم يؤثر على الأسواق التجارية حتى وقتنا هذا، منوهًا أن مشهد الإقبال على الأسواق يتكرر كل عام في نفس الوقت، وهو الشهر الذي يسبق شهر رمضان، رغبة من المستهلكين في ضمان توافر أكبر كمية من السلع الغذائية.

الحسيني: سوق السلع الغذائية حاليًا "بيع وهمي"
وتابع عنه الحديث، خالد الحسيني، 42 عامًا، تاجر سلع غذائية، الذي أوضح أن السلع الأساسية مثل النشويات والزيت والسكر أصبح عليها إقبالًا شديدًا من قبل المستهلكين بعد انتشار أزمة "كورونا" في مصر، ورغبة المواطنين في تخزين أكبر كمية ممكنة من المنتجات، ما سيؤثر على سوق السلع الغذائية بشكل واضح بعد انتهاء فترة الأزمة.

ووصف "الحسيني" الحالة التي يشهدها سوق السلع الغذائية حاليًا بأنه "بيع وهمي"، موضحًا أن المستهلكين يخزنون كمية كبيرة من البضائع قد لا يحتاجونها خلال فترة أزمة "كورونا"، ما سينتج على أثره حالة ركود في السوق الغذائي رغم توافر السلع الغذائية في الشركات والمصانع بشكل كبير.

"السلع الترفيهية لم تشهد إقبالًا كبيرًا خلال فترة الأزمة، خاصة بعد إغلاق المدارس والجامعات المطاعم"، هكذا استطرد "الحسيني" حديثه مع "الدستور"، موضحا أن السلع الترفيهية مثل العصائر والمشروبات المعبأة والأطعمة الخفيفة لم يعد لها نسبة إقبال كما الماضي، فالمستهلكين ركزوا احتياجاتهم على البضائع الأساسية فقط مثل لوازم التموين من النشويات والسكر والبقوليات.

اختتم "الحسيني" حديثه معبرًا عن هذه الفترة التي عاشها كتاجر سلع غذائية، بأنها الفترة الأكثر عملًا منذ التحاقه بهذا المجال، فقد أثرت أزمة "كورونا" بشكل كبير على احتياجات المواطنين، ما جعلهم يتسارعون على تخزين أكبر قدر من السلع الغذائية وإنفاقهم كل ما لديهم من مال لشراء المستلزمات الغذائية.

عبد الرحمن: مطالب التجار تضاعفت بعد أزمة "كورونا"
محمد عبد الرحمن، 44 عامًا، تاجر آخر للسلع الغذائية في منطقة شبين القناطر، والذي انتهى من توزيع جميع بضائعه على المحال التجارية بعد أزمة "كورونا" في مصر، لكنه استطاع توفير منتجات أخرى في وقت قصير للغاية من خلال المصانع الموردة، والتي بها ما يكفي من احتياجات لسوق السلع الغذائية في مصر.

بدأ "عبد الرحمن" حديثه لـ"الدستور"، موضحًا أن فيروس "كورونا" خلق حالة جديدة لم يشهدها سوق السلع الغذائية من قبل، فالمستهلكين يتواصلون معه بشكل يومي لطلب المزيد من المنتجات الغذائية، بعد أن تسارع المواطنين على تخزينها بأكبر شكل ممكن لحين الانتهاء من فترة الفيروس.

"التاجر اللي كان بيطلب 50 طن من المصنع، دلوقتي بيشتري 150 طن عشان يسد احتياجات الموزعين"، مضيفا أن هناك العديد من التجار الذين نفذت بضائعهم، وتعطل عملهم بسبب حالة الإقبال الشديدة من قبل المستهلكين، مشيرًا إلى أن المصانع ما زالت لديها ما يكفي من مخزون غذائي لسد احتياجات المواطنين خلال الأشهر المقبلة.

أحمد: بعض التجار يستخدمون منطق "تعطيش السوق"
واختتمنا جولتنا على التجار مع رضا أحمد، أحد تجار السلع الأساسية، والذي استهل حديثه قائلًا: "حركة البيع قليلة ولكن الشخص الواحد يأخذ سلع بكميات كبيرة"، مشيرًا إلى أن هناك بعض التجار الذين يخزنون السلع في المخازن خوفًا من عدم قدرتهم على توفير السلع في الأيام القادمة، وأملًا في المكسب بعد أن تقل هذه السلع في الأسواق وترتفع سعرها.

وأضاف "أحمد"، في حديثه مع "الدستور"، أن السلع الأساسية التي يحتاجها الإنسان ما زالت متوفرة، ولكن الأزمة تكمن في التاجر والمواطن لأن بعض التجار يستخدمون منطق "تعطيش السوق"، وبعض من المواطنين يشترون منتجات بكميات كبيرة من الممكن أن تكفيهم لمدة عشرين يومًا، وإن كانت هناك أزمة ستحدث ستكون نتاج التاجر الجشع والمواطن المذعور.

مصنع للسكر: إغلاق "الكافيهات" أثّر عليّ فرفعت كمية البضاعة
ومن التجار إلى المصانع، والتي هي أساس إنتاج تلك السلع التي يطلب المواطنون توافرها، فعبدالله محمد، صاحب أحد مصانع السكر، قام بفرض شرط على من يتعامل معه من الموزعين، وهو أن يأخد التاجر 500 طن كأقل كمية يمكن شرائها وبسعر 7150 جنيه للطن الواحد.

ويجب على التاجر أن يذهب للمصنع لكي يتم تحميل الشاحنات بعد أن يعقد الصفقة ويحصل على أمواله، ويقول "محمد" مبررًا، خلال حديثه مع "الدستور"، إنه يمتلك مصنع ولا يجوز أن يوزع أقل من هذه الكمية للموزع الواحد، ليضمن أن ما تم تصنيعه داخل مصنعه سيباع كاملًا وبسرعة، معتقدًا أنه لن يستطيع بيع سلعته في هذه الأوقات، لأن إغلاق الكافيهات أثّر على سوق السكر لأنها تعتبر المستهلك الأكثر شراهة في استخدام السكر.

مصنع مكرونة: الحظر منعنا من إيصال طلبيات كثيرة
ومن السكر إلى المكرونة، فكان لقاؤنا التالي مع محمود فهمي، مدير المبيعات بإحدى مصانع إنتاج مكرونة، قال إن السحب تزايد بعد استخدام المكرونة في صناديق الطعام الخاصة بالمبادرات، بالإضافة إلى أن هناك طلبيات كثيرة لم نتمكن من توصيلها بسبب حظر التجوال نظرًا لأنها في محافظات بعيدة.

وأكد "فهمي"، خلال حديثه مع "الدستور"، أنهم في الوقت الحالي غير قادرين على التوزيع بكامل قوتهم كما كان الحال قبل فرض حظر التجوال في البلاد، معللًا أن سيارة التوزيع الآن تقوم بالخروج مرة واحدة في اليوم بعد أن كانت تعود لأخذ كميات أخرى لتعاود التوزيع على التجار والموزعيين.

وأضاف أن السلع تأتي المصنع كما المعتاد ولم يتأثر الإنتاج بما يحدث، بل يتأثر السوق بالتاجر الذي يسعى إلى تخزين كميات كبيرة واستغلال الأزمة لصالحه، بالإضافة إلى أن المصنع سيقوم يوم الإثنين بتوزيع جميع أنواع المكرونات على الموزعين؛ لسد حاجة الناس من هذه السلعة، مؤكدا أن سير الأعمال سيكون على ما يرام خلال الأسبوع الحالي لأنهم سيكونوا قد تأقلموا مع الوضع وسيتم تنظيم الأعمال والمواعيد وسيارات التوزيع.

مصنع جبن: لن نخلق أزمة ارتفاع الأسعار
ورغم اختلاف الصناعة إلا أن محمد مصطفى، أحد أصحاب مصانع الجبن، اتفق مع سابقه في أن السوق بعد فرض الحظر على البلاد ما زال كما هو قبل الحظر، حيث إن المستهلك يقوم بالشراء كما المعتاد ولكن بزيادة بسيطة نظرًا للظروف التي تمر بها البلاد لأن المواطن خلال أوقات الحظر لا يستطيع الخروج من منزله ليقضي حاجيات البيت من سلع أساسية، فيقوم بشراء كميات أكبر من المعتاد بقليل تحسبًا للأوقات التي لا يستطيع الخروج فيها.

وأضاف مصطفى، خلال حديثه مع "الدستور"، أنه لا يمكن التوقف عن العمل حتى لا تصبح هناك أزمة في الأسعار نتيجة قلة السلعة ولا سيما أن الألبان والمنتجات التي تُصنع منها الجبن متوافرة كما في السابق ولا توجد أي معوقات للعمل، وأصبح العديد من الموزعين الذين يتعاملون معي يسحبون المنتجات بشكل أكبر من المعتاد.

مصنع للتعبئة والتغذية: لن تتوقف خطوط الإنتاج
وختام جولتنا بين المصانع كانت مع المهندس إسلام محمد، صاحب إحدى شركات التعبئة والتغذية، الذي أكد أن حالة السوق مستقرة نوعًا ما إلى أن تبدأ ساعات الحظر، فلا نستطيع التوزيع أو الإنتاج في هذه الأوقات، مما يسبب أزمة للمصنع في أن العائد لا يغطي تكاليف الإنتاج.

أما عن إنتاج المصنع، فتابع "محمد" حديثه مع "الدستور"، قائلًا:" لم يتأثر إنتاج المصنع كثيرًا، ولكن تكمن المشكلة في توزيع المنتج كما في السابق، بالإضافة إلى توافر المواد الخام ومتطلبات الصناعة مما يجعل المصانع والشركات تستكمل عملها، ولا تتوقف خطوط الإنتاج إلى لهذا السبب، لكن فقر المصنع لمتطلبات الصناعة".

واختتم حديثه معنا قائلًا: "سنمر من هذه الأزمة من خلال تكاتف الجميع فأنا كصاحب مصنع أعتمد على مَن يورد لي المادة الخام ومتطلبات الصناعة، والموزع يعتمد عليّ، والتاجر الصغير يعتمد على الموزع من ثم المستهلك في النهاية، فإذا تراخى أي شخص من هذه الدائرة سيتضرر الباقي بلا أدنى شك".

شعبة المواد الغذائية: "مفيش منتج السوق عطشان منه"
وختامًا كان لنا تواصل مع الجهات المعنية حول توافد المواطنين على السلع الغذائية، فبدأنا مع محمد الديب، سكرتير عام شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية بالجيزة، الذي أكد أنه لا يوجد نقص في المخزون الاستراتيجي، فهو يكفي لـ4 أشهر قادمة، وهناك سلع أخرى مخزونها يتخطى هذه المدة أيضًا، ورغم وجود أزمة في الزيت منذ فترة بسبب أزمة التعاقدات مع الموردين، إلا أنه تم حلّها منذ يومين.

ولفت "الديب"، في تصريحاته لـ"الدستور"، إلى أن السلع الحرة كالسماد والزيوت متاحة ولم يحدث بها أي هزة أو إشارة بارتفاع أسعارها، فالسوق مستقر ولا توجد أي نية لرفع الأسعار، وذلك بتوصيات من الرئيس عبدالفتاح السيسي وتعاون حكومته بقيادة المهندس مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، لأن الوضع الحالي لا يحتمل أي استغلال والدولة نفسها لن تسمح بوجوده، متابعا: "مفيش منتج السوق عطشان منه والأمور ماشية طبيعي".

وأشار إلى أن قرار الحظر لم يمس التجار، بالتالي فإن عملهم مستمر بطبيعة الحال، لأن ذلك القرار استثنى "السوبرماركت" والبدال التمويني، بالتالي فلن يشعر المواطن بوجود أي عجز في السلع، وخلال تلك الفترة بدأنا في عمل تخفيضات أيضًا فيما نستطيع من السلع، مؤكدًا أنه حتى الآن لم يتم رصد أي شكوى خاصة باستغلال أي تاجر للأزمة التي تمر بها مصر في رفع أسعار السلع، فالكل ملتزم بالقرارات، "ولو محصلش تكاتف وانضباط الغلبان هيجيب منين".

برلمانية: زاد شراء المواطن خوفًا من الأزمة
انتقلنا في الحديث بعده إلى النائبة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، فقالت إنه لا يمكن قياس الموازين في هذه الفترة القصيرة، لأنه لم يتم تخفيف العمالة كليًا بل هناك أيدي عاملة تقوم بدورها كما هي معتادة لأنه إن لم يكن هناك عمالة فلن يكون هناك إنتاج وستتولد أزمة في الأسعار.

وأكدت "فهمي"، في تصريحاتها لـ"الدستور"، أنه من الضروري أن تستمر المصانع في الإنتاج لتتولد حالة من الاستقرار والسلم الاجتماعي، بالإضافة إلى ما يقوم به المواطن من شراء السلع بكميات أكثر قليلًا من المعتاد فهذا نتاج قلق وخوف من أن تتولد أزمة أو خوفًا من الخروج باستمرار من منزله.

وتمنت من الحكومة التعامل باحترافية مع الأزمة الحالية، من خلال شرح الوضع الذي تمر به البلاد بطريقة لا تُثير الهلع داخل المواطنين، بالإضافة إلى أنها قامت بالذهاب إلى العديد من المجمعات لترى الوضع على أرض الواقع، وتأكدت من عدم وجود أزمات أو قلة في السلع وأنها متوافرة وأن خطوط الإنتاج مازالت تعمل.

التضامن: لدينا ما يكفي من مخزون غذائي طوال فترة "كورونا"
وختامًا كان لنا حديث مع أحمد كمال، المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، الذي أكد أن الحكومة المصرية تسيطر تمامًا على سوق السلع الغذائية، كما أن المنتجات متوافرة بكثرة داخل الأسواق، والمخازن لديها ما يكفي من منتجات غذائية لمدة ثلاثة أشهر.

"هناك تعليمات واضحة للمحال التجارية من قبل وزارة التضامن بشأن تقليل الكميات المتوافرة لديها، بعد الإقبال الكبير من قبل المواطنين على تخزين أكبر كميات من المنتجات الغذائية خلال فترة أزمة "كورونا"، هكذا أشار "كمال"، في تصريحاته لـ"الدستور"، لافتا إلى أن المصانع تعمل على تصنيع المواد الأساسية بشكل مستمر لسد احتياجات السوق المصري.

"أسواق الخضار والفاكهة والأفران ما زالت مفتوحة ولن يتم إغلاقها"، قالها "كمال"، موضحًا أن الوزارة تعمل على إمداد المخابز بالدقيق والمجمعات الاستهلاكية والبقالة التموينية بالسلع بشكل مستمر، عبر سيارات الدعم والإمداد التابعة خلال ساعات الحظر، التي مصرح لها بالحركة خلال ساعات الحظر.