رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد تخطي الـ1000.. أطباء يرسمون «خريطة النجاة» من السيناريو الأسوأ

الحجر الصحي
الحجر الصحي

شدد أطباء ومختصون على ضرورة الالتزام بالتعليمات الصحية، بأقصى درجة، مع وصول مصر لرقم ١٠٠٠ مصاب بفيروس كورونا المستجد، حتى نتجنب دخول المرحلة الثالثة الأشد خطورة فى مراحل انتشار الفيروس، إذ يصعب معها تعقب مصدر العدوى بسبب وجود أكثر من بؤرة إصابة رئيسية تتمدد بالتزامن فى أكثر من مكان، ما يعنى تضخم شجرة الإصابات بشكل يفوق قدرة النظام الصحى على استيعابه.
وأكد أطباء تحدثوا لـ«الدستور» ضرورة وقف تسارع انتشار الفيروس خلال الأيام المقبلة، حتى لا ندخل إلى «سيناريوهات مؤلمة» مثل بعض الدول، مشيرين إلى أهمية تجنب الاختلاط، والجدية فى تنفيذ سياسة التباعد الاجتماعى، والحفاظ على النظافة الشخصية، واتباع الإجراءات الوقائية التى أعلنتها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
وقال الأطباء إن المسئولية الكبرى الآن تقع على المواطنين بالتوازى مع الإجراءات الحكومية الاحترازية المتخذة، خلال الفترة الأخيرة، داعين الله أن تخرج مصر من هذه الأزمة بسلام وأقل الخسائر.


مجدى بدران: المرحلة الثالثة هى الأخطر لصعوبة تعقب مصدر العدوى

قال الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن اقتراب مصر من الوصول إلى ١٠٠٠ مصاب يعنى دخولها فى مرحلة متوسطة الخطورة، أى أن معدل الإصابات لا يزال متوسطًا، مشيرًا إلى أن مصر لا تزال بعيدة عن المرحلة الثالثة، وهى المرحلة شديدة الخطورة، ولكن عدم التزام المواطنين سيدفع الحكومة لتشديد الإجراءات الاحترازية، مع صعوبة رصد أعداد المخالطين.
وشدد «بدران» على ضرورة التزام المواطنين منازلهم خلال الأسبوع الجارى، واتباع الإجراءات الوقائية المتخذة للحد من انتشار الفيروس خاصة بالمحافظات كثيفة السكان.
وأشار إلى أن الوباء يمر بثلاث مراحل هى: المرحلة الأولى وفيها لا ينتشر المرض محليًا، والحالات المبلغ عنها عادة تكون لأشخاص لديهم تاريخ سفر إلى بلد به إصابات بالفعل.
وأضاف أن المرحلة الثانية هى مرحلة الانتقال المحلى، عندما ينقله الأشخاص الذين جلبوا الفيروس من الخارج إلى المخالطين الذين يتواصلون معهم، وعادة ما يكون المخالط من الأصدقاء والعائلة، وفى هذه المرحلة من السهل تتبع انتشار الأشخاص والحجر الصحى.
وذكر أن المرحلة الثالثة يصعب فيها تعقب مصدر العدوى، وبمجرد انتشار الفيروس يصبح معديًا للغاية، ومن ثم لا يمكن السيطرة على الانتشار عمليًا، إذ يكون هناك العديد من مجموعات العدوى الرئيسية فى جميع أنحاء البلاد. ونصح «بدران» المواطنين بالالتزام بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى، وتنظيف اليدين بالماء والصابون لمدة ٢٠ ثانية أو معقم اليدين الكحولى، وعند السعال والعطس يغطى الشخص الأنف والفم بمنديل أو بثنى مرفق الذراع، وتجنب المخالطة اللصيقة مع أى شخص لديه أعراض نزلات البرد والإنفلونزا، مع طهى المنتجات الحيوانية والطيور والبيض جيدًا، وتجنب التعامل مع الحيوانات البرية أو حيوانات المزرعة الحية دون استخدام وسائل الوقاية الشخصية، وتجنب ملامسة اليدين للعينين أو الأنف إلا بعد غسل اليدين بالماء والصابون أو تعقيمهما.

أشرف عقبة: سنسجل 130 حالة يوميًا.. وحان وقت التضافر


رأى الدكتور أشرف عقبة، رئيس قسم الباطنة والمناعة بجامعة عين شمس، أن الوصول إلى الألف إصابة يعنى صعوبة تتبع مصدر الإصابات وحصر المخالطين، أى صعوبة فى البحث عن مصدر الفيروس، عكس ما حدث فى البداية عندما كانت الإصابات ناتجة عن حالات مخالطين للقادمين من الخارج. وقال: «ما يحدث الآن يعرف بالانتشار المجتمعى، أى وجود إصابات لا نعرف المصدر الرئيسى لها، ما سيكون سببًا فى ظهور حالات جديدة، ومن المتوقع ارتفاع معدل الإصابة بشكل كبير وملحوظ فى الفترة المقبلة، ليكون بين ١٢٠ و١٣٠ حالة يوميًا، ما يضعنا أمام إجراءات لا بد من اتباعها لتقليل منحنى الانتشار الكبير وهو منحنى غير مبشر خلال المرحلة المقبلة».
ونصح «عقبة» بالالتزام بغسل الأيدى بشكل متكرر، وعدم لمس الأنف والفم والعينين، والتباعد الاجتماعى وتجنب الأماكن المزدحمة، مع اتباع التحذيرات التى وضعتها وزارة الصحة، وعدم التواجد بشكل مباشر مع كبار السن.
ولفت إلى أنه «حان وقت التضافر والمشاركة بين المواطنين والدولة، لأن الدولة بمفردها ستعانى بسبب الأشخاص المستهترين الذين يضربون بالإجراءات الاحترازية عرض الحائط، ويتسببون فى زيادة أعداد المصابين، ما يجعلنا قريبين من مرحلة الخطر. فالمستهترون كانوا سببًا فى تفشى الفيروس فى مختلف محافظات مصر».



محمد مصطفى: «كوفيد- 19» سريع الانتشار وشرس عكس معظم الفيروسات


ذكر الدكتور محمد مصطفى، طبيب بقسم الباثولوجى بمستشفى قصر العينى، أن الفيروسات المتطورة جينيًا تعمل على شقين؛ الأول: سرعة الانتشار، والثانى أن تكون أكثر شراسة، موضحًا: «الفيروس الذى ينتشر بشكل واسع تكون نسبة الوفيات بسببه قليلة، أما الشرس القاتل فلا يصيب أعدادًا كبيرة من البشر».
وقال: «طبقًا لتلك القاعدة، فإن فيروس كورونا يسير وفق نمط محدد لتوسيع دائرة نشاطه فى دول العالم، الأمر الذى كان من المفترض أن يطمئن أطباء الباثولوجى، فكلما زادت رقعة توسع الفيروس تحدث له تغيرات فى صفاته الوراثية، تجعله أقل خطورة ومن ثم يتلاشى مع الوقت، أو تندر الإصابة به».
وأضاف: «كان من الممكن أن تكون هذه القاعدة مطمئنة مع تخطى حاجز الألف إصابة فى مصر، لكن الأمر غاية فى الصعوبة، لأن الفيروس يسير على المسارين معًا، الانتشار السريع والشراسة. فمن الملاحظ بشكل كبير ارتفاع أعداد الوفيات، ونسبتها أخذت تتزايد من ٢٪ إلى ٣.٤٪ لتحقق ٥.٤٪، من إجمالى عدد المصابين، كما أن أعداد المصابين تخطت المليون إصابة حول العالم، وهو ما يجب أن يتعامل العالم معه بشكل صارم، دون تخاذل». وأشار إلى أن «كوفيد- ١٩» هو الوجه السيئ لعائلة الفيروسات التاجية، فهو أشرس ما ظهر من سلالته الفيروسية، موضحًا أنه «من الممكن أن يميت الملايين إذا استمرت الأعداد فى زيادة بهذا الشكل»، مضيفًا أن «العالم الآن فى مواجهة قاتل محترف يعلم من أين تؤكل الكتف».
وكشف «مصطفى» عن أن هذا ليس الظهور الأول لفيروس كورونا، فهناك موضعان ظهر فيهما تعامل لـ«كورونا» مع الإنسان بشكل واضح قبل هذه الجائحة، أولهما كان خلال عام ١٩٦٠، وأصاب شخصين فقط، ظهرت عليهما جميع علامات الإنفلونزا، بالإضافة إلى ضيق فى عملية التنفس، إلا أنهما شُفيا بعد ذلك، ومن ثم فإن فيروس كورونا فى نشاطه الأول لم يكن مميتًا. وأضاف: «أما الموضع الثانى الذى ظهر فيه كورونا جليًا، كان فى المملكة العربية السعودية ٢٠١٢»، مشيرًا إلى أن معظم الفيروسات تفشل فى أول مواجهة بينها وبين الإنسان، إلا أنها تعود مرة أخرى بعد أن تطور الجينات الخاصة بها لتكون أكثر شراسة. وأشار طبيب قسم الباثولوجى إلى أن «كورونا المستجد» جاء من نسل عائلة فيروسية كبيرة تضم حوالى ١٢ تطورًا فى جيناتها، منوهًا بأن عائلة «كورونا» كانت تعيش فى الحيوانات البرية، حتى اخترق الإنسان حياتها، وتناولها كوجبات طعام، بعد أن خرجت الصين على العالم بمصطلح «البروتين البديل»، ويشمل عددًا من الحيوانات الضالة كالخفافيش، الأمر الذى أصاب العالم بفيروس سارس، وآكل النمل الحرشفى الذى ثبتت الدراسات المبدئية أنه الوسيلة التى اخترق بها «كوفيد- ١٩» جسد البشر.
وذكر أنه بالتتبع الجينى لفيروس كورونا المستجد «كوفيد- ١٩» ثبت أنه صورة مطورة جينيًا من فيروس سارس، ليكون الجينوم الوراثى الكامل له هو SARS-COVID-19، وذلك وفقًا للدراسات التى أجريت فى معهد سمورودينتسيف لأبحاث الإنفلونزا، التابع لوزارة الصحة الروسية، فى التاسع عشر من مارس الماضى ٢٠٢٠.
وعن إمكانية أن ينتهى الفيروس مع مطلع الصيف، قال إن هناك العديد من الأطباء وغيرهم يتحدثون عن إمكانية أن تقضى أشعة الشمس على «كورونا المستجد»، إلا أن تلك الطائفة من الفيروسات المطورة جينيًا لا تقضى عليها أشعة الشمس، وإنما هى بحاجة إلى أمصال مقاومة للفيروس.

عبدالرحمن خيرى: «يا تقعد فى البيت أو العناية»


توقع الدكتور عبدالرحمن خيرى، أستاذ الطب الوقائى رئيس قسم الطوارئ بمستشفى إسنا بالأقصر، ارتفاع نسبة الإصابات بنحو ٣٠٪، بعد الزيادة التى حدثت فى أعداد المصابين بالعدوى، وزيادتها على مستوى العالم لتتخطى مليون شخص.
ونصح «خيرى» المصريين بالالتزام بإجراءات الوقاية لتجنب السيناريو الأسوأ، قائلًا: «يا تقعد فى البيت يا تقعد فى العناية»، مضيفًا: «هذا هو عنوان المرحلة، لأن الأعداد زادت بشكل ملحوظ وواضح للجميع، وانتشرت العدوى حتى بين الأطباء».
وطالب المواطنين بعدم مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى، موضحًا: «ننصح الناس ما حدش ينزل من بيته إلا للضرورة القصوى، لأن الأعداد لو زادت أكثر من ذلك، ستكون هناك مشكلة فى توفير أجهزة التنفس للمرضى، بجانب العجز الذى سيحدث فى صفوف الأطقم الطبية».
كما طالب مؤسسات الدولة بتطبيق المرحلة الثالثة من إجراءات الوقاية، قائلًا: «لا بد من تطبيق الحظر الكامل، حتى لا نندم جميعًا، خاصة بعد وفاة شخصين من أطقم التمريض».
وقال: «إحنا داخل بيت الرعب وشايفين كويس إننا بنواجه فيروس شرس، هو لا يضرب الرئة فقط لا غير، لكن يصل للقلب والكبد والبنكرياس ما يسبب الوفاة».
وشدد على ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية، وغسل الأيدى بالماء والصابون، مدة تتراوح بين ٢٠ إلى ٣٠ ثانية، وتابع: «الأمر الآن متوقف على أفراد المجتمع المصرى، بعدما اتخدت الدولة جميع الإجراءات، وحصلت على إشادات من مدير منظمة الصحة العالمية».

نبيل عبدالمقصود: إجراءات عاجلة لمنع التفشى

شدد الدكتور نبيل عبدالمقصود، مدير مركز علاج السموم بمستشفى قصر العينى أستاذ علاج السموم والإدمان بكلية الطب جامعة القاهرة، على ضرورة العمل على الحد من حالات الإصابة وضمان ألا ينتشر الفيروس أكثر من ذلك بعد وصول عدد المصابين إلى ألف مصاب.
وقال «عبدالمقصود»، إن ما يحد من انتشار الفيروس هو التصرف بشكل صحيح، وأن تكون هناك عقوبات صارمة وبقوة لمن لا ينفذ الإرشادات الصحية، مضيفًا: «من يدمن المخدرات يؤذى نفسه، ولكن من يحمل الميكروب سيؤذى الآخرين». وأشار إلى أن هناك مشتبهًا فى إصابتهم، ومصابين، والمشتبه فيهم هم أشخاص محتمل حملهم الفيروس ويتم التعامل معهم على أنهم مخالطون، مطالبًا بوضع هؤلاء فى عزل خاص لحين إجراء التحاليل لهم للسيطرة على عدد الإصابات. ورأى أن «هناك عدم وعى بين عدد كبير من المواطنين، ويجب أن تعمل وسائل الإعلام على معالجة هذا الأمر، وإلا سنفقد السيطرة تمامًا».
واختتم: «نحن لا نملك إمكانيات أمريكا ولا إيطاليا أو إسبانيا، وهى دول تفشى فيها الوباء، ونريد فقط أن نحد من انتشاره بالوعى الصحيح، ونحتاج إلى تعلم الدرس منها، كما لا نريد التهويل من الأمر ولا التقليل من شأنه».

أمجد الحداد: إذا دخلنا المنحنى المرتفع سنواجه أزمة.. وعزل المحافظات ضرورى


قال الدكتور أمجد الحداد، رئيس قسم الطب الوقائى بمستشفى الإسكندرية الجامعى، إن الوضع الوبائى لفيروس كورونا فى مصر حاليًا يقف فى مفترق طرق، فإما أن تنجو البلاد وتخرج بأقل خسائر، أو تتحول إلى بؤرة شبيهة بإيطاليا، لأن تخطى حاجز الألف مريض يصعّب بشكل كبير عملية تتبع سلسلة المخالطين لكل مصاب.
وأضاف «الحداد» أن عملية تتبع مصدر الإصابة والمخالطين لكل مريض فى الدول التى ارتفعت فيها أعداد الإصابات شاقة ومعقدة للغاية، موضحًا أنه «من الممكن للمريض الواحد أن ينقل العدوى للمئات، ويصعب التوصل إليهم فى ظل الزيادة فى الأعداد»، متابعًا: «لو الناس لم تلتزم بالتعليمات سنكون أمام كارثة محققة، هنلاقى الناس بتموت بالمئات والآلاف».
وكشف عن أنه كانت هناك توقعات علمية فى عام ٢٠١٨ بظهور فيروس لا يستطيع الجهاز المناعى مجابهته، بسبب تطور السلالة الجينية للفيروسات التاجية داخل حقول التجارب فى المعامل، منوهًا بأن «كورونا» تعرض لتطور كبير، وهو ما يفسر زيادة رقعة انتشاره ووصول أعداد المصابين به حول العالم إلى ما يزيد على مليون مريض.
وعن رؤيته لسيناريو انتشار الفيروس فى مصر، توقع إما الدخول فى المنحنى المرتفع الذى دخلت فيه إيطاليا، الذى من تداعياته زيادة عدد المصابين عن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات العامة، وافتراش الفرق الطبية الشوارع المحيطة بالمستشفيات، وإما الاستقرار فى المنحنى المنخفض، الذى ما زالت تسير مصر عليه، ويتمثل فى تقليل أعداد المصابين من خلال تتبع سلسلة المخالطين، والسيطرة على بؤرة انتشاره قبل اتساعها، معلقًا: «أتصور أن الاستقرار فى هذا المنحنى سيكون صعبًا حاليًا بعد تخطى حاجز الألف مصاب».
وشدد على أنه فى حال زيادة الأعداد عن القوة الاستيعابية لمنظومة الصحة، ستكون هناك صعوبة شديدة فى إجراء الفحوصات للمخالطين للمرضى الذين ثبتت إصابتهم، منوهًا بضرورة أن يدرك المواطنون حجم المرحلة التى وصل إليها الوباء فى مصر، والتى كانت نتيجة للإهمال وعدم المسئولية التى ارتكبها البعض، متابعًا: «إحنا خلاص.. إما هنقع زى الدول اللى انهارت أو هنقف على رجلينا وهتقل الأعداد خلال الأسبوعين المقبلين». وطالب بتنفيذ خطة لعزل المناطق عن بعضها، موضحًا أن «هذه الطريقة من أهم المناهج التى يجب أن تتبناها الدولة، وفى حالة إيقاف حركة التنقل بين المحافظات ستكون هناك إمكانية للسيطرة على سلاسل العدوى، والحد من اتساع دائرة الانتشار، وهو ما يساعد الدولة فى نهاية المطاف فى الانتصار على المرض».