رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حسام كصاي: سيترك الوباء مساحة كبيرة للكتابة

الباحث حسام كصاي
الباحث حسام كصاي

من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بــ "الكورونا" وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه علي الأدب، عليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه علي الكتابة فيما بعد، أو حتي تداعياته والتأثير الذي تركه علي العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. في محاولة لاستشراف عالم الغد.

يقول الباحث العراقي "حسام كصاي": بدءً هناك حوامات شكوك حول جائحة كورونا من أن تكون صنع بشري، وهذا برأينا رهن ما ستكشفه الفحوصات الجارية حتى حين، أما تخيل العالم ما بعد كورونا فأعتقد بوجود تبدل في الهيراركية الدولية من يبدو هناك انزياح في المركزية الأمريكية بعد سنوات من التفرّد بالقطبية إلى التشاركية التي فشلت حتى الآن في مواجهة الإرهاب أو الكوارث البشرية، الوضع الدولي الجديد سيحتم مكانة عالمية أوسع للصين وهذا ما سيكون في صالح العرب إذا ما وظفنا مونادات التفاعل والتعاون بين حضارتين شرقيّتين "الكنفوسوشية" و"العربية الإسلامية"، سيبدو وجه العالم أكثر جدة وحيوية من حيث بروز قوى جديدة ستتحالف مع الصين أظن الفرصة هنا للعراق ومصر إذا ما نجحا من الإفلات من ربقة الهيمنة الأمريكية.

وأضاف صاحب "حانوت العبادات تجَّار الدين": هذا لا يعني إن كورونا قد أصحت ضمير الإنسانية، ما دامت كورونا نفسها نتاج العقل الرأسمالي _ إذا ما ثبتت الأيام ذلك _ وحدث كورونا ليس غريب فغاز الأعصاب السارين والأسلحة المشابهة لكورونا استخدمت في حرب أمريكا على العراق وافغانستان دون عدوى وبائية كانت قد شوهت النسالة البشرية حتى اللحظة في المواليد الطليعة، وبالتالي فكورونا نكبة القرن الحادي والعشرين ودلالة على الابتذال والسيولة والتشيؤ حتى في القيم الدينية بل في مقدمتها.

أما تأثيرهُ على الأدب: لا شك أن للوباء أثار على شتى الصُعد خاصة الأدب، لأن الأدب مرآة الحياة الاجتماعية، والرواية والشعر والأقصوصة هي ترجمة لما يواجه الحياة اليومية، يمكن أن نطلق عليه "أدب الوباء" مثل نتاجات: نازك الملائكة عن "الطاعون"، جابريل ماركيز "حب في زمن الكوليرا"، سيترك الوباء مساحة كبيرة للكتابة خاصة حين يوفر الوباء وقتًا كافيًا للسرّد والتدّوين، مع ضرورة الالتزام بقواعد السرد حتى لا يتحول الكتابة في زمن الكورونا إلى سباق أحصنة سوداء خاسرة المهم أن نكتب دون التركيز على روح ومعنى النتاج الأدبي.

أما شخصيًا: لقد كانت الكورونا بالنسبة لي "رب ضارةٍ نافعة" أعاني كثيرًا من أزمة الوقت التي تقهرني دائمًا لتسترجع الاعاشة على عافيتي في الأرق والسهر والإسهاب في المطالعة والكتابة، بالكورونا وفرت لي جزء من الوقت المفتقد حيث العمل، المشاغل، العلاقات الاجتماعية، المحاضرات والدروس الألكترونية للطلبة، نجحت الكورونا في تقزيم الوقت بالنسبة لي، أربعة بحوث وكتاب سياسي يتناول ما وراء كورونا، وأقصد كل المشاريع التي مُررّت تحت جلد كورونا دون وعي العالم منها وأخص بالذكر منها صفقة القرن التي تمضي خلف عباءة كورونا دون درّاية أحد، ولدّي رواية جديدة اكتب فيها في مرحلة كورونا ولكن لا ترتبط بكورونا وإنما عن سلاح ديني أفتك من البيولوجيا وهو جرثومة التخلف أو ما اسميه الطائفية الرعناء، قصة حقيقية لم يسعفني الوقت لكتابتها لولا كورونا.
وشخصيًا أيضا: أرى في كورونا فرصة لإعادة الحديث مع القراء لأنها ساعدت على العزلة (الحجر الثقافي)، والعزلة هي أحد أدوات الكتابة الحقيقية، وقد أكون تعافيت من الكورونا ولكن لا أضمن لكِ معافاتي من مرض القراءة والكتابة (البيبلومينا) ولا أتمنى الشفاء في وقت وفر لي الكورونا كل معدات ذلك الوباء.

في النهاية: حتمًا سيترك الوباء بصمتهِ على العالم، قد نشهد تحولات اقتصادية بالدرجة الأولى، سياسية، ثقافية، قد تكون مرحلة تلاقح ثقافي جديد، دافع نحو التعاون والحوار الحضاري بدل صدام الحضارات، خاصة بعد أن صاب الوباء كل بلدان العالم ولأول مرة يحقق نوع من العدالة المرضية، مما دفع إلى التشاركية والتعاون على مواجهتهِ، "الحرب على الوباء"، قد يكون الوباء أكثر كارثية إذا ما ربط بالفكر الخلاصي (النبوئي) وتوثق بفكرة نهاية العالم حيث تصورات الأصوليين الدينيين بأن معركة نهاية العالم قريبة أو يعجلون فيها، وأنها ستكون بالأسلحة النووية أو البيولوجية، وهو حديث قد يبدو للبعض أنه نقاش يدعو للضحك منا أكثر مما علينا أو بالعكس إذا ما لم نفِقّ من صدّمة النهايات!!