تيسير النجار: الأدب سيتأثر بكورونا لأنه يسعى لرصد العالم
من المؤكد أن العالم ما بعد وباء كورونا لن يعود كما كان قبله، وربما سيأتي اليوم الذي يؤرخ فيه بــ "الكورونا" وربما قيل الوقائع الفلانية حدثت قبل أو بعد الكورونا. وبعيدا عن روايات أو عالم الــ"ديستوبيا" استطلعت "الدستور" آراء العديد من الكتاب والمثقفين حول هذا الفيروس القاتل، وكيف يتخيل الكتاب شكل العالم ما بعد الكورونا؟ وما التأثير الذي سيتركه علي الأدب، عليهم شخصيا، وهل سيفرض هذا الوباء نفسه علي الكتابة فيما بعد، أو حتي تداعياته والتأثير الذي تركه علي العالم كما نعرفه؟ كل هذه الأسئلة وغيرها.. في محاولة لاستشراف عالم الغد.
قالت الكاتبة تيسير النجار: "المصيبة حين تشمل الجميع تصبح كوميدية" ذلك ما قاله صديقي في حديث قديم عن مصيبة لحقت بأسر النجع لدى، كنت أوافقه حينها لكنني الآن عرفت أن المصيبة حين تشمل العالم بأكمله وأنت تراقب عاجزًا تداعيات الخطر، أدركت أن لا كوميدية في ذلك، وكذلك لا يوجد شعور بالمواساة، لأن المشهد ضبابي أمام الجميع، الأمر أشبه بأن يفقد طفل ثقته في والديه، تعرفين تلك النظرة الطفولية للآباء والفخر بقدرتهم على فعل كل شيء، نحن شعوب العالم الثالث مع الأسف ننظر كذلك نحو دول العالم المتقدم، وعدم سيطرته على الكورونا يخيفنا بإمكانيتنا الضعيفة ووضعنا المتردي، جعلنا جميعًا سواسية، ليس بإمكان أحد الأغنياء أن ينجو بالسفر إلى دولة آخرى لتلقي العلاج مثلما كان يحدث في الإصابة بأمراض آخرى.
تابعت "النجار" في تصريحات خاصة لــ "الدستور" حول أدب ما بعد الكورونا:"العالم يعاد ترتيبه الجميع يعرف ذلك، بالطبع الأدب سيتأثر إنه رصد للعالم يؤثر فيه ويتأثر به، وأرى أن السخرية من ذلك بها نوع من السماجة، لأن هذا دور الأدب، تسجيل تلك اللحظات شديدة الخصوصية والندرة، وفيروس كورونا ليس حدثًا معتادًا، حتى من عاصروا الكوليرا كان أطفالًا، ولا يمتلكون هذه النظرة الحالية، كل كاتب سيتفاعل مع الأزمة بطريقته، الجميع طاله التغيير، العالقون في بلد آخر، الجالسون في منازلهم بعدما كانوا يملأون الحياة صخبًا وفسحًا، التاركون أعمالهم يعانون الزلزلة في حالتهم الاقتصادية، الأكثر ألما من أصابهم المرض أو لحق بأحد من أحبتهم.
تعرفين لماذا بدأت شهادتي بتلك الجملة، لأنها تشبهني، في العادة الطبيعية أنا لا أخرج سوى للعمل وأعود قبل مواعيد الحظر، منشورات الأصدقاء عن الملل والفراغ تماثلني هذا ما أقوله لأمي كثيرًا، لكنها تؤكد أن هذه هي الحياة على الأقل في نجعي وأن لا شيء غريب في ذلك، منشوراتهم تؤلمني وتضغط بقسوة أنني أعيش حياة غير طبيعية.
المشهد الأكثر رعبًا الذي سأدونه حتمًا، هو تكالب البشر على السلع الغذائية، كان ذلك يوم الخميس أقسم لك أن ما يقومون بتخزينه لن يستهلكون نصفه في يومين الحظر أو حتى أسبوع، ليست أول أزمة في تاريخ البشرية ولن تكون آخرها، لا أظن أننا سنتغير إلا قليلًا والتغيير الأكبر سيكون في الساحة الاقتصادية والسياسية وحسب، لأننا كما قالها نجيب محفوظ سابقًا: آفة حارتنا النسيان.
