رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السفينة العمياء».. رواية تنبأت بـ«كورونا» قبل عام

جريدة الدستور

لم يكن يتوقع الكاتب أحمد بدر نصار، عضو اتحاد كتاب مصر، ومؤلف رواية «السفينة العمياء» التي صدرت في يناير 2019 بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن دار «السعيد» للنشر والتوزيع، أن ما تنبأ به من انتشار فيروس خطير سيقف العالم بكل ما يمتلك من علم وتكنولوجيا أمامه بالعجز، وأنه سيبيد البشر أمام عجز العلماء، سيحدث بالفعل.

والأخطر أن الرواية نشرت خطابًا موجهًا من أقوى دولة في العالم وهى أمريكا، وهى تعترف بأنها عاجزة عن مواجهة الفيروس، رغم ما تمتلكه من قوة في كل شيء، فقد جاء نصا في الرواية (فقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في خطاب رسمي كان نصه:

«أيها العالم أننا نمر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، ورغم التطور المذهل في العلم إلا أنه مازال عاجزًا أمام الوصول لحل لمواجهة الفيروس الذي جاء لينهي حياة البشر من على وجه الأرض، ومن هنا تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عدم مشاركتها في أي حرب حول العالم، كما تعلن عن اتخاذ قرار تاريخي لها هو حظر جميع أسلحة الدمار الشامل في كل دول العالم».

كما رصدت الرواية حالة الخوف والرعب التي يعيشها رواد السوشيال ميديا حاليا بخصوص الفيروس فجاء في الرواية نصا: «لم يعد هناك حديث في وسائل الإعلام بكافة أنواعها، ومواقع التواصل الاجتماعي إلا ويمتزج بالخوف والفزع من انتشار الفيروس، الذي أصبح وحشًا كاسرًا لم تستطع كل الأسلحة المعلنة وغير المعلنة أن توقفه عند حده، والعلماء لا ينامون، يواصلون الليل بالنهار للوصول لعلاج الفيروس الذي أكدت التقارير الصحفية أنه تم تسريبه من إحدى الدول الغربية التي كانت تحتفظ به لاستخدامه في تدمير الخصم ولكن تسرب قبل أن يجدوا له علاجًا لكي يسيطرون عليه إذا ما هاجم مواطنيها، الفيروس لا يرى بالعين المجردة ولكنه جعل العالم يقف على قدميه لا حتى ينام، الجميع خائف على مستقبل أبنائه، خائف على انقطاع نسله للأبد، حتى أجهزة الاستخبارات العالمية لا تنقطع اجتماعاتها مع كبار الأطباء والباحثين لمعرفة آخر تطورات الفيروس».

حتى وقف خطوط الطيران وحالة التأهب التي تعيشها الدول حاليا فقد جاء نصا في الرواية: «وبدأ الفيروس ينتشر في دول أفريقية، الأمر الذي دفع كل دول العالم في رفع درجة الاستعدادات القصوى وبدء حالات الطوارئ في المطارات وجميع الموانئ والمنافذ الحدودية تجنبا لدخول الفيروس المعدي، ولكن باءت كل محاولات الدول بالفشل وبدأ الفيروس ينتشر بقوة غريبة وبسرعة رهيبة، وعقدت الاجتماعات الطارئة في كل بلدان العالم لبحث المشكلة الخطيرة، كما دعت الأمم المتحدة جميع دول العالم لعقد جلسات طارئة للوصول لحل لانتشار هذا الفيروس الذي بات يمثل أكبر تهديد لبقاء الإنسان على كوكب الأرض».

وعن الرواية يقول الناقد محمد وهبه، إنها تجسد الضمير الإنساني النابض بحب الحياة، وتعبر عن ظمئه الذي لا يروى للسلام، تلك الأمنية التي لم يفلح البشر في أن يصلوا إليها رغم نجاحهم في الوصول حتى المريخ.

ويضيف: «إن ساعي البريد في هذه الرواية لهو بمثابة أيقونة للإنسان السوي الفطرة، المطبوع على تمجيد ثقافة الحياة، ونبذ العنف والقتل والحرب، بكل ما تعنيه الأخيرة من ويلات وثبور، تجعل الحياة جحيما أرضيا، وهذا ما يأباه العقل الراشد؛ فالحياة وإن طالت قصيرة، ولا تستحق أن تضيع في المعارك والدماء، لذلك وبدافع من طبيعته الخيرة يحاول هذا الرجل البسيط أن يتوسل بمهنته ليغير الواقع، ويوقف حماقات بني الإنسان، ويقرر أن يبعث بالخطابات في أعناق الخطابات لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يستنهض فيه رسالة السلام، ويلح عليه في ذلك، فيلقى الرجل المسكين، من ذلك بلاء عظيما، لم يلبث أن غير حياته إلى الأبد».

وتابع وهبة أن «هذه الرواية في وجه من وجوهها تعكس مفارقة في التحضر البشري، فالإنسان رغم ما حصله من علم وحكمة، ما زالت تغلب عليه غرائز القتل والعدوانية التي تسربت إلى ميوله من عصور الحيوانية والهمجية».

وتعلق الناقدة والأديبة الفلسطينية صابرين فرعون على الرواية، بقولها: «تسببت الحروب بصراعات عالمية عبر العصور، وعادت بالويلات على الناس، وأصبح السلام حلما ومطلبا للشعوب».

وتابعت: «تجيء رواية السفينة العمياء للكاتب الصحفي أحمد بدر نصار، محملة بطموح السلم الذي نادت به الأديان السماوية ودعت له من خلال المحبة والتسامح والرحمة والتآخي وبناء الحضارات، فآثار السلم إن عمت، تصيب الأفراد والمجتمعات والدول، وتحافظ على القيم الإنسانية».

الرواية تحكي عن الحروب الطائفية والسياسية والنزوح نتيجة نزعة العالم الرأسمالي للمال والسلطة والمصالح والغرق في التابوهات وفتنتها، وتحكي الرواية أن السلام هو أساس الأمان والعدالة، وهو تتمثل بالسيد توفيق عبدالسلام، المواطن المصري البسيط والأصيل، الذي يبعث برسائل لسفارات العالم والأمم المتحدة، ولا يستسلم ولا يكل حتى تصل الرسائل وجهتها ويصبح بطلا ورمزا أمميا، لكن ذلك يناقض رغبة الجماعات الإرهابية الذين يتصيدون له ولرفاقه ويقتلونهم، وتنتهي الرواية بفاجعة موت البطل الذي كان في طريقه لحضور زفاف ابنته حين تم اغتياله، وعودة ابنه لرشده، والذي كان يبحث عن فرصة العمل والعيش في دولة أجنبية، واستطاع الهرب قبل أن تحكم الجماعات الإرهابية قبضتها وتضمه لصفوفهم للقيام بتفجيرات إرهابية حول العالم وقتل الأبرياء وتدمير بيوتهم وبلدانهم.