رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

البنك الدولى: كورونا يتسبب فى صدمة عالمية لشرق آسيا

البنك الدولي
البنك الدولي

قال تقرير جديد للبنك الدولي، صدر اليوم، إن الفيروس الذي فجر صدمةً في جانب العرض في الصين تسبب الآن في صدمةً عالمية.

ويشير التقرير إلى أن الاقتصادات النامية في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ التي تتعافى من التوترات التجارية وتكافح تفشِّي فيروس كورونا (كوفيد-19)، تواجه الآن احتمال وقوع صدمة مالية وكساد على مستوى العالم.

جاء ذلك في إصدار أبريل 2020 من نشرة أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ الذي يصدره البنك الدولي بعنوان "شرق آسيا والمحيط الهادئ في زمن فيروس كورونا".

ووفقا لهذا التقرير، فقد مكنت سياسات الاقتصاد الكلي السليمة واللوائح التنظيمية المالية الحصيفة معظم بلدان المنطقة من التعامل مع الهزات العادية، لكننا نشهد مزيجا غير مألوف من الأحداث المعطِّلة التي يعزز بعضها بعضا. ويبدو أن كل البلدان ستواجه مصاعب اقتصادية كبيرة بسبب ذلك. ويشدد التقرير على ضرورة أن تتحرَّك البلدان الآن- بما في ذلك القيام باستثمارات عاجلة في قدرات الرعاية الصحية وتدابير المالية العامة الموُجَّهة من أجل تخفيف بعض الآثار الفورية.

وفي بيئة سريعة التغير، يبدو أن تقديم تنبؤات وتوقعات دقيقة لمعدلات النمو أمر صعب على نحو غير عادي، ولذلك، يُقدِّم التقرير خط أساس وسيناريو الحالة الأدنى.

فمعدل النمو في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ النامية من المتوقع أن يتراجع إلى 2.1% في سيناريو خط الأساس، والى سالب 0.5% في سيناريو الحالة الأدنى في عام 2020 من معدل قدره 5.8% في 2019. ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو في الصين إلى 2.3% في سيناريو خط الأساس، و0.1% في سيناريو الحالة الأدنى في 2020 من 6.1% في 2019.

ومن شأن احتواء الجائحة أن يمهد السبيل إلى تعاف له مقومات البقاء في المنطقة، لكن المخاطر التي تنذر بإفساد آفاق المستقبل من جراء توتر الأسواق المالية ستظل مرتفعة.

وستكون لصدمة تفشِّي فيروس كورونا أيضا آثار خطيرة على أوضاع الفقر. ويذهب التقرير إلى تقدير أنه في ظل سيناريو نمو خط الأساس، سيكون عدد من يستطيعون الخروج من براثن الفقر في أنحاء المنطقة في 2020 أقل بنحو 24 مليونا عن مثيله في غياب الجائحة (باستخدام خط الفقر البالغ 5.50 دولار للفرد يوميا).

وإذا استمر تدهور الأوضاع الاقتصادية، وساد سيناريو الحالة الأدنى، فمن المتوقع أن يزداد عدد الفقراء بنحو 11 مليونا. وكانت تنبؤات سابقة قدَّرت أن قرابة 35 مليون شخص سيخرجون من براثن الفقر في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في 2020، منهم أكثر من 25 مليونا في الصين وحدها.

وتعليقا على ذلك، قالت فيكتوريا كواكوا، نائبة رئيس البنك الدولي لشئون منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ "بلدان شرق آسيا والمحيط الهادئ التي كانت تواجه بالفعل توترات تجارية دولية وتداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في الصين تواجه الآن صدمة عالمية. ومما يدعو إلى التفاؤل في هذا المجال أن المنطقة تمتلك مواطن قوة يمكنها استغلالها، لكن سيتعيَّن على البلدان أن تتحرَّك على وجه السرعة وعلى نطاق واسع لم يكن متصورا من قبل".

ومن بين الإجراءات التي أوصى بها التقرير القيام باستثمارات عاجلة في القدرات الوطنية في مجال الرعاية الصحية والتأهب الأطول أجلا لمجابهة الصدمات، ويقترح التقرير أيضا اعتماد رؤية متكاملة لسياسات الاحتواء والاقتصاد الكلي.

ومن شأن اتخاذ تدابير مُوجَّهة على صعيد المالية العامة، مثل تقديم دعم للأجر في حالة المرض والرعاية الصحية أن يساعد في احتواء الوباء، وأن يكفل ألا يتحول الحرمان المؤقت إلى فقدان طويل الأمد لرأس المال البشري.

من جانبه، قال أديتيا ماتو، رئيس الخبراء الاقتصاديين لمنطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ في البنك الدولي "بالإضافة إلى الإجراءات الوطنية الجريئة، فإن أنجع لقاح للوقاية من هذا الخطر الداهم هو توطيد التعاون الدولي، ويجب على بلدان المنطقة وخارجها أن تكافح هذا المرض مجتمعةً، وأن تبقي التجارة مفتوحة، وتنسق سياسات الاقتصاد الكلي".

ويدعو التقرير إلى التعاون الدولي، وإلى شراكات جديدة عابرة للحدود بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الإنتاج وتوفير الإمدادات والخدمات الطبية الرئيسية في مواجهة الوباء، ولتحقيق الاستقرار المالي في أعقاب زواله، ومن الضروري أن تبقى السياسة التجارية مفتوحة حتى تكون الإمدادات الطبية وغيرها من الإمدادات متاحة لجميع البلدان، وكذلك لتسهيل التعافي الاقتصادي السريع للمنطقة.

وثمة توصية أخرى في مجال السياسات، هي تيسير الائتمان لمساعدة الأسر على ترشيد استهلاكها ومساعدة الشركات على التغلب على الصدمة الفورية، غير أنه بالنظر إلى احتمال اتساع نطاق الأزمة، يؤكِّد التقرير على ضرورة مضاعفة تدابير مثل الرقابة التنظيمية، لا سيما أن بلدانا كثيرة في المنطقة تتحمَّل بالفعل عبئا ثقيلا من ديون الشركات والأسر، وأمَّا بالنسبة للبلدان الأفقر، فإن تخفيف الديون سيكون ضروريا حتى يمكن تركيز الموارد الحيوية على إدارة الآثار الاقتصادية والصحية للجائحة.

ويُسلِّط التقرير الضوء على اشتداد مخاطر السقوط في براثن الفقر بين الأسر التي تعتمد على قطاعات شديدة التضرر من آثار تفشِّي فيروس كورونا، مثل السياحة في تايلند وجزر المحيط الهادئ، والصناعات التحويلية في كمبوديا، وفيتنام، وبين الأسر التي تعتمد على تشغيل الأيدي العاملة في القطاع غير الرسمي في جميع البلدان.

وفي بعض البلدان، يأتي تأثير الفيروس، بالإضافة إلى عوامل يختص بها كل بلد مثل نوبات القحط والجفاف في تايلند أو صدمات السلع الأولية في منغوليا. وفي بلدان جزر المحيط الهادئ، تتعرض آفاق النمو لعام 2020 لمخاطر كبيرة بسبب اعتماد اقتصاداتها على المنح والسياحة والواردات.