رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحثة إنجليزية تؤرخ لإبداعات الكاتبات العربيات المعاصرات

جريدة الدستور

في كتابها "الروائيات العربيات المعاصرات.. تعبير ثقافي في سياق"٬ للباحثة الإنجليزية "أنستازيا فالاسوبولس"٬ ونقلها للعربية سمير محفوظ بشير، والصادر عن المركز القومي للترجمة٬ تشير "أنستازيا" في مقدمة الكتاب إلى أنها كانت قد طالعت مقالة للكاتبة الفلسطينية "آمال عمير" في العام ٢٠٠٠ وكانت الحافز لخروج الكتاب٬ خاصة في ظل الحاجة إلى تناول الأعمال الأدبية لتذكير القراء بأنهم لا يقرأون وثائق تسجيلية٬ لكنهم يقرأون أدبا ينبض بقناعات خاصة وينبثق من واقع تقاليد راسخة.

وأوضحت أن اختيارها لأعمال بعض الكاتبات الراسخات٬ أمثال هدى بركات٬ آسيا جبار٬ مي غصوب٬ نوال السعداوي٬ حنان الشيخ٬ وأهداف سويف وجميعهن ممن تلقين الكثير من النقد الإيجابي سابقا٬ لكنها في نفس الوقت تتعرض أيضا لمن لم تتعرض أعمالهن للنقد باللغة الإنجليزية٬ أمثال: ليانة بدر٬ حميدة نعنع٬ أحلام مستغانمي٬ وليلى صبار. تعرضت المؤلفة بالنقد للروايات القصصية أكثر من الأعمال الدرامية والشعر والقصص القصيرة، وتفسر هذا بأن الرواية تستحوذ على الإهتمام الأكبر٬ مما اعتبرته أكثر تمثيلا للإبداع الأدبي.

وعن اختيارها الكتابة عن أعمال ترجمت إلى الإنجليزية توضح أنستازيا: "شعرت أن من واجبي أن أكتب عن مادة يستطيع القراء الذين اطلعوا سابقا على هذه الكتب أن يعودوا إليها٬ ويتدربوا ويهتموا بها. هناك سبب آخر٬ هو أنني مهتمة للغاية بنشر هذه الأعمال وعرضها على المستوى العام٬ وأن أسهم حقا في الاحتفاء بها٬ وحجية هذا السبب الأخير بسيطة للغاية٬ فأنا لا أود أن أشغل نفسي بمادة يكون فيها رأيي هو الأخير٬ فأنا أكتب بروح تهدف إلى تحقيق نوع من التواصل الثقافي على مستوى العالم كله٬ وإذا أتيح للعمل أن يترجم مع سهولة الحصول عليه٬ إذن يمكن لي أن أطلب من جمهور القراء المشاركة بشكل مباشر في تفسيره وتقييمه.

يشمل الكتاب 6 فصول٬ الأول منها يركز علي الجدل الذي أثير عند الاحتكاك الأول بكتابات النساء العربيات وما تبع ذلك من نقد وتقييم. أيضا أهتم بمتابعة العلاقة ما بين النشاط الأنثوي العربي والرنتاج الثقافي٬ وفي هذا السياق ناقشت المؤلفة هيكل النشاط الإبداعي النسوي الذي كان له فضل السبق٬ من خلال عرض جهود النسوة العرب واستعراض الأفكار الاجتماعية العربية ونظرية ما بعد الكولونيال. موضحة كيف أن إمكانيات الاهتمام قد أتاحت سبلا جديدة متنوعة من القراءة والفحص. كما ناقش الفصل إمكانية تفهم كثيرا من السياقات والمنظومات الإنتاجية التي من خلالها نتمكن من قراءة إبداعات الكاتبات العربيات دون الاستعانة بالجهود السابقة التي خضعت للتجريب والاختبار باستخدام الأدوات التي تدافع عن الأنوثة.

أما الفصل الثاني فقد ناقش إمكانيات انتقال الثقافات واختلاطها بكل مشاكلها التي نعثر عليها في الكتابات المبكرة لنوال السعداوي، وفيه تعلن الكاتبة أيضا عن اهتمامها وتقديرها للسعداوي لمهارتها في التعبير عن شخصيات متفتحة واعية بالتناقضات المتوارثة في المحيط الاجتماعي والثقافي الذي أفرزهم: "إنني معجبة بالأعمال الأدبية للسعداوي لأنها تسهم في خلق دعوة عالمية لتحرير المرأة. من خلال ذلك أؤمن أن السعداوي إنما تسعى لتأصيل الكرامة الإنسانية٬ التي يجب أن تسود على مستوى العالم أجمع لا سيما بالنسبة للمرأة٬ وهي تقدم لنا مفهوما يهدف إلى النظر إلي إنسانية المرأة واعتبارها امرأة بكل تحديداتها وصفاتها المعلومة. أعتقد أن الكثير من أعمال سعداوي الأدبية قابلة للترجمة على مستوى واسع ويمكن استخدام أعمالها الفنية٬ لكي تعرض إمكانيات حركات التحرير النسوي  العالمي بتجارب وخبرات تهدف إلي بناء شكل عالمي تسلك سبيله المرأة.

ركز الفصل الثالث على الأعمال الأدبية النسوية التي تواكبت مع نشوب الحروب اللبنانية بشكل عام٬ وعرضت بعضا من أعمال حنان الشيخ ومي غصوب على وجه الخصوص٬ وناقشت مسألة أن الكتابات النقدية للمشاهد الحربية ليست بالضرورة قادرة على أن تصل بنا إلى تحقيق تأكيدات وتفسيرات ذات محتوى سياسي، فكثيرا وغالبا ما نلاحظ أن الأديبات اللاتي ينغمسن في الكتابة عن الحروب الدائرة تجدهن وقد حرصن على عرض الكثير من ردود الأفعال وما يستتبع ذلك مع عرض أشكال جديدة من البناء الفني.

ناقش الفصل الرابع السلسلة التي نشرها "جارنت" بعنوان الكاتبات العربيات وهو مشروع كان يهدف لترجمة ونشر الأعمال الروائية للأديبات العربيات التي تكشف عن نوعية الاهتمامات والموضوعات التي تتطرق إليها هذه الأعمال مثل الخبرات المكتسبة أثناء اشتعال الحروب٬ والصراع السياسي٬ والقرار بأن يكون المرء فعالا أو غير فعال أثناء نضال معين٬ والتعبير عن أفكار وآراء ترسم بعض ملامح الحياة المنزلية والزواج٬ أيضا استبطان الصراع الدائر داخل نطاق العائلة والوطن.

أما الفصل الخامس فيركز على رواية أحلام مستغانمي "ذاكرة الجسد"٬ ورواية أهداف سويف "في عين شمس"٬ موضحة أن هدفها من عرض روايتين ترسمان شكلا يمتزج فيه الشأن السياسي مع الإجتماعي ٬ حيث تحدث المعايشة واكتساب الخبرات من خلال حياة الفرد.

تناول الفصل الأخير بالبحث رواية "نساء الجزائر في جناحهن" للكاتبة آسيا جبار٬ ورواية "شهرزاد" لليلى صبار٬ وفيهما عرضت أنستازيا جهد الكاتبتين في عرض المعايشة الشرقية.