رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متعافو «كورونا»: «خدمات فندقية» فى المستشفيات.. ومتابعة بعد الشفاء

كورونا
كورونا

نستطيع أن نصف التجربة المصرية فى علاج مرضى فيروس «كورونا» بأنها «ملحمة طبية وإنسانية» تعكس بوضوح إرادة الدولة وقدراتها الطبية وكفاءاتها فى إدارة الأزمات، كما تعكس وعى هذا الشعب وقوته فى مواجهة المحن والصعاب. ملامح هذه التجربة الفريدة يكشفها المتعافون من «كورونا»، خلال حديثهم فى السطور التالية مع «الدستور»، عن الظروف التى عاشوها منذ اكتشاف إصاباتهم بالمرض حتى دخولهم مستشفيات العزل، والرعاية الطبية الفائقة التى تلقوها حتى إتمام شفائهم وخروجهم معافين تمامًا، بجانب العلاقات الإنسانية التى توطدت بينهم وبين الأطقم المعالجة.

مها: جميع طلباتى كانت مُجابة.. الدولة فعلت ما عليها.. وأدعو المواطنين لالتزام المنازل منعًا لانتشار العدوى

قالت مها أحمد، مقيمة فى الجيزة، إنما لم تكن تشعر بأنها فى مستشفى خلال فترة وجودها فى مستشفى أبوخليفة للحجر الصحى بالإسماعيلية، هى ونجلها «آدم»، ٩ سنوات، الذى أُصيب هو الآخر بالعدوى. وأوضحت أن جميع طلباتها كانت مجابة خلال فترة إقامتها، وتلقت دعمًا نفسيًا كان له أثر إيجابى على حالتها وسرعة شفائها، مضيفة: «هذا النجاح يُغيّر نظرة المجتمع بأثره تجاه المنظومة الطبية». وحكت أن أصعب لحظات يمر بها المريض بعد إصابته تكون أثناء إجراءات التحاليل لأهله والمخالطين له، إذ يشعر بالذنب بأنه كان السبب فى إصابة أحدهم بالفيروس، الذى قد يودى بحياته إذا لم تكن له مناعة قوية. وطالبت المواطنين بالالتزام بالمنازل وعدم الخروج منها إلا للضرورة القصوى، لتجنب نشر العدوى أو انتقالها إلى أى مواطن، مختتمة: «الدولة فعلت ما عليها، وعلى المواطنين الالتزام بتعليماتها للحفاظ على الوطن».


أسرة «شهيد بلقاس»: تلقينا أفضل رعاية وأجود طعام صحى
خرجت أرملة الراحل أحمد عامر، ثانى متوفى بالفيروس فى مدينة بلقاس بالدقهلية، هى وابنتاها من مستشفى العزل فى الإسماعيلية، تاركة خلفها نجلها الذى ما زال يتلقى العلاج، معبرة عن شكرها لجميع الأطقم الطبية المعالجة.
وقالت أرملة «عامر» إنها أُصيبت بالعدوى هى وأبناؤها من زوجها الراحل، وتم احتجازهم فى مستشفى العزل بعد وفاة رب الأسرة، وتلقوا جميعهم الرعاية الطبية اللازمة، ومروا بتجربة علاج فريدة تمت بنجاح وتكللت بشفائها وابنتيها، فى حين أن نجلها ما زال محتجزًا فى المستشفى.
ووجهت الشكر لجميع الأطقم الطبية على جهودها التى بذلتها خلال فترة العلاج والرعاية، قائلة: «بكل أمانة تلقينا اهتمامًا ورعاية مميزة شملت كل من فى العزل».
وتابعت: «كنت مع أولادى الثلاثة فى العزل، وتلقينا العلاج والحمد لله شُفينا، وكنت أنتظر نتيجة ابنى حتى نعود معًا، لكنه ما زال فى العزل يتلقى العلاج، وأنتظر عودته لنا، وصبّرنى الله على فراق زوجى الذى فجعنى رحيله».
ووجه ياسر الرفاعى، زوج شقيقة المتوفى أحمد عامر، المتعافى من الفيروس، الشكر لجميع الأطباء والتمريض فى مستشفى العزل، قائلًا: «شكرًا لهم جميعًا، مستشفى العزل على أعلى ما يكون، سواء من ناحية النظام أو الاهتمام والرعاية الطبية».
وأضاف: «كنا معزولين كلُّ فى غرفة منفصلة تتوفر فيها كل الاحتياجات، وأعضاء التمريض كانوا يقظين على مدار الـ٢٤ ساعة، ليقيسوا درجة الحرارة والضغط وكانوا يقدمون الطعام الصحى بأجود وأفضل ما يكون»، مشيرًا إلى أن الأطباء كتبوا لنا «دواء مضاد حيوى وفيتامين سى وخافض حرارة» لمدة ٤ أيام بعد خروجنا، كاستكمال لبروتوكول العلاج.


إسلام: لم أتخيل وجود هذه التجهيزات المذهلة فى الصعيد

أشاد «إسلام. م» الذى أُصيب بالعدوى خلال عمله على إحدى البواخر السياحية فى محافظة أسوان بمستوى مستشفى العزل فى إسنا الذى تلقى فيه العلاج، قائلًا: «لم أكن أتخيل وجود مثل هذه التجهيزات الطبية المذهلة فى صعيد مصر». وحكى «إسلام» ملابسات إصابته بالعدوى، إذ كان يعمل على إحدى البواخر السياحية فى أسوان، وخالط شخصًا حاملًا للمرض، وتم الاشتباه فى إصابته، وعقب وصول فريق من مديرية الصحة لإجراء المسح الطبى على العاملين تم اكتشاف عدد من الحالات المصابة، وكان من بينهم. وأضاف: «تم نقلنا لمستشفى العزل، وإخضاع باقى العاملين للحجر الصحى على متن الباخرة»، مشيرًا إلى أن إخطار أسرته بأنه سينتقل لمستشفى العزل كان صعبًا عليهم، وأصابهم بصدمة، وكانوا يرغبون فى القدوم إليه، لكن المستشفى أخبرهم بأن الزيارة ممنوعة، وصاروا يتواصلون معه بشكل مستمر عبر الهاتف، وهو ما أشعرهم بالاطمئنان على حالته الصحية. وأشاد باهتمام الأطقم الطبية ومستوى كفاءتها ورعايتها جميع المصابين دون تفرقة، مشيرًا إلى أنه مع مرور الأيام خلال فترة العزل توطدت العلاقات والروابط الإنسانية بين الأطقم والمرضى، حتى مَنّ الله عليهم جميعًا بالشفاء وتم السماح لهم بمغادرة المستشفى.


محمد: الدعم النفسى أسهم فى انتصارى على الفيروس


قضى محمد عبدالحميد رحلة علاج استمرت ٨ أيام داخل مستشفى العزل الطبى فى العجمى بالإسكندرية حتى تماثل للشفاء وتم السماح له بالخروج.
وقال «محمد»، ابن قرية «صفط العنب» مركز كوم حمادة بالبحيرة، ٤٧ عامًا، إنه يعمل فى مقر هيئة الإسعاف بمحافظة القاهرة، وعلم بإصابته بالفيروس بعد إجراء الكشف عليه، وإخضاعه لتحليل «pcr» بمستشفى حميات إمبابة، وحين تبين أن نتيجته إيجابية تم نقله إلى مستشفى الحجر الصحى بالعجمى.
وأشار إلى أنه لم يتوقع أبدًا أن يُصاب بالمرض، قائلًا: «أجريت التحليل أنا وزميلى كإجراء احترازى، وزميلى جاءت نتيجته سلبية، بينما تأكدت إصابتى، وأبلغت بأسماء كل من اختلط بى و٧ من أفراد أسرتى».
وعن تجربته فى مستشفى العزل، قال: «لم أر من قبل مثل هذا الأداء والمعاملة المتميزة، تلقيت أفضل رعاية، والخدمات كانت فندقية، وأقمت فى غرفة خاصة بها جميع وسائل الراحة، وتلقيت دعمًا نفسيًا هائلًا كان له الفضل فى إتمام شفائى».
وأضاف: «فى أول أيام العزل كنت قلقًا على عائلتى، حتى تواصلت معهم وعلمت بسلبية نتائجهم، كما جاءت نتيجة تحاليل زملائى المخالطين لى والعاملين فى الهيئة سلبية أيضًا». وواصل: «كنت أخضع باستمرار لقياس درجة الحرارة والضغط، ولم تكن لدىّ أى أعراض، وتم سحب عينة منى بعد فترة من العزل وظهرت النتيجة سلبية، وتم أخذ عينة أخرى بعدها بـ٣ أيام، وأُجريت لى أشعة بعدها بيومين، وتم إبلاغى بعدها بأننى شُفيت تمامًا، وسأخرج من الحجر الصحى». وأشار إلى أنه رغم خروجه من المستشفى تتابع معه طبيبة مختصة حالته الصحية بشكل دورى عبر الهاتف، وتتابع معه الالتزام بكل التعليمات الطبية، مختتمًا: «استفدت كثيرًا من هذه التجرية، وأول شىء تعلمته هو قيمة الالتزام، واتباع تعليمات الوقاية، وكل العاملين فى مستشفى الحجر الصحى، بداية من التمريض والأطباء حتى المديرة، كانوا أبطالًا ويستحقون التقدير، وكان لهم أثر إيجابى علىّ».

على: نجل أول حالة وفاة مصرية بسبب الوباء: أخشى من خوف الناس منى


لم يتوقع على مسعد أن تتوفى والدته بسبب وباء عالمى، وأن تكون أول حالة وفاة جرائه فى مصر، كما لم يتصور يومًا أن يصاب هو بوباء لا يعرف له أحد علاجًا حتى الآن، ثم يُشفى منه دون أن يشعر بالسعادة لذلك.
إنه «على» ابن قرية «السماحية الكبرى»، التابعة لمدينة بلقاس بالدقهلية، ويقيم حاليًا فى دمياط لظروف عمله، ونجل السيدة «عطيات السيد إبراهيم»، أول حالة وفاة بـ«كورونا» داخل البلاد، والذى خرج من مستشفى «أبوخليفة» للحجر الصحى فى الإسماعيلية، أمس.
ولم يعتبر الشاب، البالغ من العمر ٢٧ عامًا، خروجه من المستشفى مصدرًا للسعادة أو البهجة، مثل غيره ممن عادوا إلى منازلهم بعد أيام طويلة قضوها فى شبه عزلة عن العالم، بعدما ترك فراق أمه أثرًا قاتلًا عليه للأبد.
«الفيروس القاتل يحول بينى وبين عودتى لحياتى، خاصة أن الجميع سيقلل من تعاملاته معى خوفًا من انتقال العدوى إليه، وكيف لا وقد توفيت والدتى نفسها بسببه».. بهذا يصف «على» مخاوفه من الأيام المقبلة، محذرًا جميع من يعرفهم من الاستهانة بالمرض الذى يمكنه أن يختطف الأحباء فى أيام.
ويضيف: «الأطباء فى مستشفيات الحجر الصحى يبذلون قصارى جهدهم من أجل علاج كل الحالات المصابة، وأنصح الجميع بالابتعاد عن التجمعات فى الأسابيع المقبلة، لأن أعراض الفيروس قد لا تظهر على من يحمله، لكن ذلك لا يمنع انتقاله إلى أهله وأقاربه».