رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«محبة وخوف».. هكذا يعيش الطلاب الصينيون فى مصر بعد كورونا

الطلاب الصينيون في
الطلاب الصينيون في مصر

ما إن انتشر فيروس «كورونا» في مدينة «ووهان» الصينية ومنها إلى أكثر من 91 دولة أخرى مطلع العام الحالي، حدث نوع من الفزع الهائل في العالم أجمع، أثر على كل القطاعات في معظم الدول.

وبمرور الأيام وزيادة أعداد الحالات المصابة في الكثير من الدول، حتى قام كثير من الدول بحظر رحلاته من وإلى الصين، وباتت الأنظار تلتفت نحو الصينيين المتواجدين في الدول الأخرى غير الصين كيف يعيشون وماذا يفعلون؟

من بين هؤلاء كان الطلاب الصينيون في مصر، سواء في مدارس ما قبل التعليم الجامعي، أو طلاب الجامعات، والذين قامت الحكومة بإجراءات خاصة بهم منذ انتشار الفيروس، لعدم قدرة البعض منهم على العودة من الصين أو الذهاب إليها.

فكيف يعيش الطلاب الصينيون في مصر بعد انتشار فيروس «كورونا»؟. «الدستور» أجابت عن هذا التساؤل من خلال حكايات طلاب صينيين في الجامعات والمدارس، والذين يتلقون معاملة مختلفة من المصريين ما بين الخوف والمحبة.


أنطوني: «المصريون متعاونون لكن البعض لا يعتبرنا سوى كورونا»

منذ عامين ترك أنطوني وانج الصين وانتقل إلى مصر بعد أن حصل على منحة للدراسة في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة، ورغم الاختلاف الثقافي الكبير بين البلدين إلا أن وانج استطاع بسرعة التأقلم على العيش بين المصريين، قائلا "المصريون لديهم قدرة على تقبل الاختلاف وكونت أصدقاء كُثر في الجامعة ودائما ما يقولون لي الصينيون أحسن ناس".

وانج لا يذهب إلى الصين إلا مرة واحدة في العام في الإجازة الصيفية لزيارة عائلته، وأوضح " لا أسافر إلى الصين إلا في فترة الإجازة لصعوبة السفر المتكرر خلال العام الواحد لبعد المسافة بين الدولتين، وهذا كان من حسن حظي؛ لأنني تمكنت من الاستمرار في الدراسة خلال الفصل الدراسي الثاني، على عكس بعض زملائي الذين سافروا إلى الصين في إجازة منتصف العام، ولم يتمكنوا من العودة إلى مصر، نتيجة انتشار فيروس كورونا وقامت الصين على إثره بحظر الانتقال من وإلى الصين وحتى داخل المدن المتجاورة في الصين.

وتابع مصر بها الكثير من الطلاب الصينيين في جامعات كثيرة يدرس أغلبهم اللغة العربية أو الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر وبعضهم في الدراسات العليا، ولم يستطع أغلبهم العودة إلى مصر في الفصل الدراسي الثاني، لذا قررت وزارة التعليم العالي تقديم الدعم لهم بالتواصل مع سفارتنا في القاهرة، حتى لا يتعرضون للفصل من الجامعة بسبب الغياب المتكرر، وعلمت من بعضهم أنه تم تعديل الجداول الدراسية لتتناسب مع الظروف العصيبة التي تمر بها الصين.

وعن تعامل الطلبة المصريين مع زملائهم الصينيين بعد انتشار فيروس كورونا، قال وانج هناك الكثير من الطلاب في الكلية يقدمون لي دعما متواصلا ودائما أجد منهم تعاطفا كبيرا تجاه الأزمة التي تمر بها بلادي، ويؤكدون أن الله لن يتركنا في هذه الأزمة وأنها ستنتهي قريبًا، لكن خارج أسوار الجامعة اختلف الوضع قليلًا فأحيانا يتنمر علىّ الطلاب الذين لا يعرفونني معرفة شخصية وأجدهم يتفادون التعامل معي خوفًا مني.

وتابع أزمة كورونا جعلتني أشعر بالقلق من النزول في الشارع؛ لأنني أشعر بخوف الناس مني كلما مررت بجانبهم، وهذا ما خلقه تداول شائعات كثيرة عن أن الفيروس معدل في الصين، لكنني أصبر على ما يقولون؛ لأنه قبل انتشار الفيروس في الصين كان المصريون يتعاملون معي أحسن معاملة وكنت أشعر بالسعادة لتواجدي بينهم وأعلم أن هذه المرحلة ستنتهي سريعًا.

جامعة القاهرة اتخذت الكثير من الإجراءات الوقائية وعلقت منشورات عن طبيعة الفيروس وكيفية الوقاية منه، وأحاول قدر الإمكان الالتزام بكل التعليمات التي كُتبت في هذه المنشورات، ولكن مصر الآن هي الدولة الأكثر أمانًا لأنها لم تسجل أي حالات إصابة كما أوضحت منظمة الصحة العالمية وهو ما جعل عائلتي في الصين مطمئنة على مكوثي في مصر بعيدًا عن البؤر التي ينتشر بها المرض.


دانا: «أجد محبة وتنمرا في معاملة المصريين معي بعد كورونا»

قبيل انتشار فيروس كورونا، بنحو ثلاثة أعوام، جاءت «دانا دوكي» من مدينة «شنجن» جنوب الصين إلى مصر، من أجل الدراسة بكلية الآداب قسم إعلام في جامعة الإسكندرية، وتحضير رسالة ماجيستير ودكتوراه تخص البرامج التليفزيونية.

تقول: «أعمل على رسالة بحثية حول وضع انتشار البرامج التليفزيونية الصينية في مصر، وكنت دائمًا أتلقى تعاونا بالغا من المصريين زملائي خلال عملية البحث، والكثير منهم حين كنت أحتاج إلى عمل استبيان خاص بالرسالة كان يقوم بتوزيعه بنفسه على المصريين زملائه كي يجيبوا عنه».

مع انتشار فيروس كورونا في دولة «دانا» وتسرب القلق من حدود الصين إلى العالم أجمع، بدأ القلق يدب أرجاء قسم الإعلام بالكلية، لاسيما أن هناك 6 صينيات آخريات طالبات معها في نفس الكلية.

تضيف: «شعرت بصدمة وقت انتشار الفيرس في بلدي، ووجدت معاناة شديدة في التواصل مع أهلي، لاسيما أنني لا أستطيع الذهاب إليهم أو الاطمئنان عليهم، فالجامعة تسمح لي بالسفر مرة واحدة فقط طوال العام».

تشير إلى أن المعاناة زادت حين بدأت تلاحظ تغيير في معاملة زملائها لها، فالبعض منهم يخشى التعامل بدعوى أنها حاملة الفيروس: «لم أسافر إلى الصين منذ أكثر من عام ولا أعرف كيف تخيل زملائي أنني مصابة بالمرض».

تضيف: «الجامعة اتخذت إجراءات وقائية مع جميع الطلاب وليس الصينيين فقط، ولكنها ستكون مشددة مع الطلاب الصينيين الذين سافروا وسيعودون قريبًا، كما أن جداول الحضور تم تغييرها بما يتناسب مع الوضع الجديد للطلاب».

توضح أن الأساتذة يقدمون للطلبة الصينيين كل الدعم، ووقت الانتشار الأول للفيروس كانوا يحثون الطلاب على التعامل السويّ معنا حتى لا يؤذي أحد مشاعرنا، لافتة إلى أن خارج الجامعة كان الوضع أسوأ، فهي تسير بدون كمامة طبية حتى لا تلفت النظر، ولكن تشعر بخوف من التعامل معها.

تختتم: «أعلم أن المصريين شعب ودود يتقبل جميع الجنسيات، سوى أن فيروس كورونا أحدث بالفعل فزعا عالميا لا يمكن إخفاؤه لكونه مرضا قاتلا، دفع كثيرين للخوف من كل ما هو صيني الجنسية، فلا لوم على من يخشون التعامل مع الصينيين في مصر».

شياو: «أغلب المصريين متفهمون للوضع جيدًا ولا أواجه أي معاملة سيئة»

الأمر اختلف لدى «شياو أوو» التي تمت 6 سنوات في مصر مطلع عام 2020 الجاري، وتدرس بقسم اللغة العربية جامعة القاهرة، تقول: «جئت إلى مصر عام 2014 من أجل دراسة اللغة العربية، والتي أهتم بها، لأنها تفيدني في معرفة حقيقة وتاريخ دول العالم».

تصف أوو الشعب المصري بالعاطفي، الذي لم يختلف تعامله قبل وبعد انتشار الفيرس كثيرًا: «التغيير ليس ملحوظا فلم أجد سوى تعاطف جم من المصريين على ما يحدث في الصين».

لم تستطع الطالبة الصينية السفر إلى بلادها منذ انتشار الفيرس بسبب منع الرحلات من وإلى الصين: «أواجه أزمة في إنني أريد الاطمئنان على أهلي في الصين ورؤيتهم لكن لا أستطيع».