رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«يأكلون كل شيء».. من هنا يحصل الصينيون على الحيوانات في مصر

جريدة الدستور

على مدار الأيام الماضية أحدث رواد مواقع التواصل الاجتماعي فى مصر ضجة كبيرة بعدما تناقلوا صورًا تزعم فى البداية قيام أسرة صينية بحفل شواء كمية من الثعابين وتحضريها كوجبة غداء، لافتين إلى أن الأمر أدى إلى حدوث حالة من الهلع والذعر بين سكان المنطقة وقيامهم بإبلاغ الشرطة بتلك الواقعة. 

وعلى الرغم من أن الجهات الأمنية تسلمت تقريراً من مديرية الطب الشرعى بالقاهرة، أكدت فيه أن الطعام المضبوط هو أعضاء ذكرية للعجول، وهي أكلة شعبية يتناولها المصريون بشكل طبيعي وليس له أي صلة بالثعابين كما أشيع من قبل، إلا أن الكثير من المصريين تساءلوا عن كيفية حصول الصينيين على طعام الثعابين والكلاب والقطط في مصر؟".

وتصاعدت الأسئلة بقوة بعد الواقعة السالفة الذكر رغم كونها غير حقيقية. "الدستور" في هذا التحقيق ترد على هذا السؤال من خلال جولات على مزارع حيوانات، والتواصل مع تجار حيوانات، أكدوا على بيعهم الحيوانات بكميات مختلفة لجنسيات أجنبية وعلى رأسهم الصينيين.




تاجر كلاب: بتعامل مع جنسيات مختلفة.. ومش بسأل عن سبب الشراء

في البداية يقول محمد هاني، تاجر كلاب، أنه بدأ العمل في تجارة الكلاب منذ أكثر من سنة، بعدما علم من أصحابه أن التجارة في الحيونات لاسيما الكلاب مربحة للغاية، فبدأ يؤسس عمله الذي اختاره في تجارة جميع أنواع الكلاب بكل مستوياتها.

يضيف "هاني": كبرت في التجارة حتى أصبح لدي مزرعتي الخاصة، بالإضافة إلى اسم اشتهر به في المجال ومع زبائني من كل مكان في مصر وبرة مصر، ووصلت للشهرة وعملت اسم ليا لأني بقالي سنين شغال في التجارة دي، وبتاجر في كل أنواع الحيوانات الغالية والرخيصة".

يواصل تاجر الحيوانات قائلًا: " بيتردد علي مختلف الطبقات من الزبائن، الذين يشترون الكلاب، بل ومختلف الجنسيات أيضًا وليس التعامل مقتصرًا على المصريين فقط، فضلًا عن إني بدأت مؤخرًا أتعامل مع دول أجنبية، بتطلب أنواع ومواصفا وكميات معينة من الكلاب، وبستطع بإمكانياتي أوفرها لهم وأصدرها".

أكد "هاني" أنه يتعامل مع جنسيات عديدة تطلب منه الكلاب، موضحًا أنه يبيع لمن يريد الشراء ولا يسأل عن سبب واضح للشراء، مؤكدًا أنه يتعامل مع المصريين وغير المصريين، ولا يسأل عن غرض شراء الكلاب، معلقًا: "الجميع يشتري ولكن بغرض الهواية والتربية أو حتى شراء الكلاب بغرض أكلها، فهذا ليس من شأني أو دوري، أنا مش رقيب على تصرفات أو سلوكيات الناس، واللي عايز يشتري أي أنواع وبأي أسعار بوفرهاله".

وعن الأسعار يوضح تاجر الكلاب، أن الأسعار تبدأ من 1500 جنيه، وتتوقف الأسعار بشكل عام على نوع الكلب، يوجد بـ 1000 جنيه فيما فوق، أما بالنسبة للزبائن التي تريد شراء الكلاب بأعداد كبيرة وكميات، حينها تختلف الأسعار، " بنعمل تخفيض في السعر لو الشخص هيشتري بكميات وأعداد كبيرة".


تايسون: يترددون على الأسواق ويشترون ألوانًا من الزواحف

التقينا في سوق الجمعة تايسون أمير، تاجر الثعابين الذي يعمل بشكل حر، كشف أن تجارة وشراء الزواحف في مصر ليست بالأمر الصعب؛ إذ تنتشر الأسواق والمزارع المخصصة لهذا الغرض، موضحًا أن بإمكان الجميع شراء أي من أنواع الزواحف التي يرغبها، فهناك سوق كامل مثل سوق الجمعة بالقاهرة يعج بجميع أنواع الزواحف والتي يستطيع أي شخص قدر على دفع ثمنها الشراء دون السؤال عن جنسيته أو هدفه من الشراء.

أكد تاجر الزواحف أن عددًا كبيرًا من الصينين بمصر كانوا يلجؤون إلى شراء أطعمتهم من أسواق الحيوانات الزاحفة، وعلى رأسهم سوق الجمعة لما يتوافر به من الأنواع التي يفضل الأجانب أكلها، مثل الثعابين والكلاب والخفافيش وأيضًا الضفادع، فضلًا عن توافرها بكميات معروضة كبيرة وأسعار مرضية.

بحسب "تايسون" فإن أسعار الثعابين ليست غالية وفي متناول الجميع، فيتراوح سعر ثعبان "أبو السيور" من 30 جنيهًا فقط للواحد وصولًا إلى 100 جنيهًا، وكذلك كان يتوافر الخفافيش والتي تبدأ سعرها من 15 جنيهًا فقط للصغير إلى 100 جنيهًا للأكبر حجمًا.

أكد تاجر الزواحف، أنه بحكم تعامله مع عدد كبيرًا من الصينيين علم بأنهم يلجؤون إلى تناول الخفافيش للتبرك بها، إيمانًا منهم إنه يجلب الحظ الوفير، ويبارك في الرزق، موضحًا أن الخطر الأكبر بانتشار الفيروسات مثل "الكورونا" وغيرها يتمثل في تناول تلك الخفافيش التي تتغذى على اللحم وتحوي العديد من الميكروبات، مشيرًا إلى أنه بعد إغلاق الأسواق أصبح الأمر أكثر أمنًا عما سبق من وصول هذه الحيوانات الزاحفة إلى أيدي الصينين.


صاحب مزرعة زواحف: بتعامل مع أجانب.. ولا دخل لي بطريقة أكلهم

فاروق ف، صاحب كبرى مزارع الزواحف في مصر، بدأ حديثه عن تجارته في هذا المجال الذي ورثه عن والده، بأنه لا يتعامل بالبيع القطاعي؛ مرجعًا أسبابه أنه وصل إلى مرحلة التعامل مع جنسيات أجنبية وكبار التجار، فضلًا عن التصدير خارج البلاد إلى دول أخرى.

أكد "فاروق" أن جميع أنواع الزواحف مثل الثعابين السامة وغير السامة تتوافر في مزرعته، وهناك أنواع عديدة منها، ويزداد الطلب من قبل الأجانب على نوع "الهامستر" الذي يشبه الجرذان، وعددًا من أنواع السحالي.

وردًا على سؤال "الدستور" بشأن تعامل صاحب المزرعة مع صينيين، فكشف أن المزرعة يتوافد إليها عدد من الزائرين محبي الحيوانات الزاحفة، وكذلك عدد من الأجانب من جنسيات مختلفة والذين يقبلون على شرائها بكافة مؤكدًا أنه لا يستطيع أن يعلم السبب وراء شراء كل زبون لتلك الحيوانات فما عليه إلا البيع فقط لصاحب الرغبة في الشراء.

أما عن الأسعار فأكد صاحب المزرعة، أن الأسعار متفاوتة وتختلف من نوع إلى آخر ويوجد تدرج في أسعار نوع الحيوان الواحد، فمثلًا تصل أسعار الثعابين الكبيرة إلى 2500 جنيهًا، أما عن بعض أنواع السحالي فهناك العديد منها كسحالي الجوانا المستوردة وسحالي "الضب"، ويبدأ سعر السحالي الضب من 300 جنيهًا والجوانا من 1500 جنيهًا، ويتم التعامل أيضًا حسب الكمية المطلوبة.

تاجر ثعابين: الصينيون بيشتروها وبيطلبوا أنواع محددة

أحد كبار تجار الزواحف في محلة البرج وبالتحديد الثعابين، "علي ن" يقول إنه ورث العمل في هذا المجال من والده منذ 25 عامًا، فهو من أبناء قرية محلة البرج، والتي ينتشر بها صيد الثعابين، كما تعتبر المصدر الوحيد لرزقهم في القرية، موضحًا أن طبيعة عملهم تطلب الاستيقاظ مبكرًا والخروج لاصطياد الثعابين والاتجار بها، متخصصًا في صيد جميع أنواع الثعابين ومنها الأنواع الكبيرة منها وأبرزها "الكوبرا".

يؤكد "علي.ن" أن معياره الوحيد لبيع صيده هو إمكانية تعامل الزبون مع هذه الثعابين ولا يفرق معه جنسيته موضحًا أن مصر بالأساس تصدر بعض الحيوانات الزاحفة للخارج، مستطردًا أن هناك بعض الزبائن من جنسيات مختلفة يترددون على منزله بمعرفة بعض الأصدقاء لشراء تلك الثعابين، والتي يبدأ سعرها من 200 جنيهًا.

يضيف تاجر الثعابين: " عندما يكون لدي كمية مناسبة من الثعابين، كنت بنزل سوق السيدة عائشة؛ لأن بيتردد عليه زبائن بتطلب أنواع معينة من الثعابين ومعظمهم بيبقوا أجانب "شبه بعض" أي من دول شرق آسيا مثل الصين وفيتنام، إلا أنه في الفترة الأخيرة ومع غلق الأسواق وأماكن التجمعات، فلم أعد أذهب السوق مجددًا لأنه هناك رقابة كبيرة على تلك التجارة خاصةً في الوقت دا".

السموم: العديد من الأمراض والفيروسات في تناولها

من ناحيته علق الدكتور محمود عمر، مؤسس المركز القومي للسموم، على الصورة التي تم تداولها على المنصات الإخبارية بشأن ضبط صينيين يقيمون حفل شواء في إحدى المدن الجديدة، أن الثعابين لا تحتوي على السموم في جميع جسدها، وإنما في غدد معينة يتركز بها السم وهي موجود في منطقة الرأس، مؤكدًا أنه الصينيين على علم بهذا إذ ما تم تداوله من صور يؤكد على فصل رأس الثعابين أي منطقة الغدد التي يتركز فيها السموم.

وأضاف "عمر"، أن الصينيين يعلمون جيدًا بما تحتويه الثعابين أو السحالي بالسموم؛ لذا يقومون بشوي تلك الأنواع بعد استقطاع الجزء السام منها، فضلًا عن القيام بسلقها في مياه مغلية والتي بدورها تقضي على أية سموم أو أمراض بمجرد إنزالها في ماء مغلي، مستطردًا أن الدول التي تتمركز في شرق آسيا مثل الصين وغيرها أو دول أمريكا الجنوبية كالبرازيل فهم يعتقدون أن تناول الحيوانات بعد شوائها أو سلقها يعود عليهم بمنافع غذائية.

أكد مؤسس مركز السموم، أنه علميًا في حال سمية جسد الثعبان كله فبمجرد أكله ونزوله في المعده تقوم بدورها في تحويل هذه السموم إلى بروتينات، لتقتصر أضرار سمية الثعبان في لدغاته فقط، موضحًا أنه بالنسبة لتناول أكل القوارض أو الكلاب والقطط فلها أضرار وخيمة، حتى بعد تنظيفها أو شوائها كما يفعل الصينيون؛ مرجعًا أسبابه أن هذه الحيوانات مصنفة على كونها من الحيوانات القذرة التي تأكل من المخلفات والقمامة، فتناولها يسبب العديدمن الأمراض والفيروسات.

وعن الأعراض الجانبية يقول مؤسس المركز القومي للسموم، أن تناول كل هذه التوليفة من الحيوانات؛ تسبب العديد من الأمراض مثل النزلات المعوية الحادة والإعياء والغثيان فضلًا عن احتمالية تطور الأمر الذي قد يصل إلى أمراض الحساسية المزمنة، والتي يمكن أن تنتقل من شخص لآخر، موضحًا أن هذه هي عادات الناس في دول شرق آسيا لاسيما الصين، وليست عادات المصريين إطلاقًا لالتزامهم بالعادات والتقاليد في الطعام، فضلًا عن تعاليم الدين في الابتعاد عنها.

ا
الطب البيطري: سموم وأمراض الحيوانات لا تموت حتى مع الطهي

الدكتور نديم عادل استشاري الطب البيطري بجامعة القاهرة يوضح أن هناك العديد من الأمراض المشتركة بين الحيوانات والإنسان، والتي تتنقل من الحيوان إلى الإنسان بكل سهولة سواء عن طريق الاختلاط المباشر، وكذا بالطبع عن طريق التناول موضحًا أن تأثير هذه الأمراض لا ينتهي حتى مع الطهي، أما عن تناول الكلاب كما بيفعل البعض فيسبب أمراضًا خطيرة للإنسان مثل مرض البروسيلا الذي يضيب الجهاز التنفي واكذلك مرض الصرع والجرب.

ويوضح نديم أن أبرز الحيوانات التي تتسبب في العديد امن الأمراض للإنسان هي الجرذان والتي تنقل فيروس lassa virus ومرض الطاعون القاتل الذي تسبب في وفيات أعداد هائلة من البشر وقت انتشاره، وكذلك مرض الهانتا المميت وغيرها من الأمراض مؤكدًا أن الفئران تستطيع نقل العدوى للإنسان بعدد كبيرًا من الفيروسات لم يتم اكتشاف بعد منها إلا القليل، وذلك حسب ما أكدته كبرى الأبحاث العالمية.

ويضيف استشاري الطب البيطري، أنه من الحيوانات التي تسبب أمراضًا مميتة للانسان ويتخذها أيضًا البعض من الجنسيات الأخرى غذاءً هي تلك الخفافيش، ومنها أنواع تتغذى على الدماء وذلك حتى وجود البعض منها ما يتغذى على الخضروات والفاكهة فإن خطرهم جميعًا واحدًا فالخفافيش قادرة نقل فيروس الإيبولا القاتل نقل مرض وفيروس "الهاندرا" وجميعها فيروسات تؤدي إلى الوفاة بمعدلات تفوق معدل الوفيات الناتجة عن انتشار فيروس"كورونا" كما تابع عادل أن الخفافيش تستطيع إصابة الإنسان ب200 مرض وفيروس، لم يكتشف منها إلى الآن سوى 10 أنواع فقط.

الصين تصدر قانونًا يحظر تداول الحيوانات على رأسها الثعابين والكلاب والخفافيش

بعد تفشي فيروس كورونا في الصين وبالتحديد مدينة ووهان، أعلنت مدينة شينجين الصينية حظر تناول لحوم الحيوانات وعلى رأسها الكلاب والثعابين، ونشرت نص القانون الذي يحدد أنواع اللحوم المسموح بتناولها، كما تم إغلاق وحجر ما يقارب 20 ألف مزرعة للحيوانات البرية في 7 مقاطعات.

قانون شينجين الصينية، هو الأول من نوعه في البلاد، لحظر تناول لحوم الكلاب والقطط على خلفية انتشار فيروس مورونا الذي حصد الآلاف من أرواح حول العالم، إذ طالب نشطاء في مجال حماية الحيوان الحكومة الصينية، بحظر تناول لحوم الحيوانات كلثعابين او الكلاب لعدة سنوات قادمة.

حدد قانون مدينة شينجين الصينية الذي لم يتم تعميميه على بقى المقاطعات وقد نص على أنواع لحوم الحيوانات المسموح بتناولها والتي تشمل الأبقار والدجاج والخنازير والأسماك والأحياء المائية، على أن تجارة أو تداول استهلاك لحوم الحيوانات البرية، على الرغم من أنه بلغت حجم تجارة تربية الأحياء البرية بمبلغ 57 مليار جنيه إسترليني وفق تقرير صادر عن الأكاديمية الصينية للهندسة عام 2017.

جاء مشروع القانون السالف بعدما فرضت الصين حظرا مؤقتا على تجارة الحيوانات البرية في مختلف أنحاء البلاد، كمحاولة للحد من تفشي فيروس كورونا، لاسيما بعد التقارير التي أشارت إلى أن الخفافيش أو الثعابين ربما تكون المصدر الأول لانتشار الفيروس.

المجلة الدولية لعلم الأحياء: الزواحف تحمل فيروسات وأمراض قاتلة

تفيد دراسة نشرت في المجلة الدولية لعلم الأحياء الدقيقة الغذائي أن تناول الزواحف مثل الثعابين يمكن أن يؤدي إلى داء المشعرات، وداء الخماسي، وسبارجانس كما يتسبب في عدة أمراض منها مرض العطيفة وهو أحد الأشكال الشائعة للعدوى البكتيرية المعروفة باسم "عدوى كامبيلوبكتر" لدى البشر، ويكون سببها اللحم النيء وغير المطهو جيدا، وتؤدي إلى أعراض تشمل الإسهال وآلام البطن والحمى في غضون 2-5 أيام بعد ابتلاع البكتيري، كما يمكن أن يشكل تناول الزواحف أخطار صحية كبيرة نتيجة لوجود الطفيليات والبكتيريا والفيروسات والمعادن الثقيلة بجسمها.

وبحسب المجلة فإن ذلك يتسبب تناول الثعابين إلى وخز العظام الملوثة للجسم فشبكة عظام الثعابين واسعة للغاية، وتحضير لحم الثعبان فن لا يتقنه الكثيرون، ويمكن أن تكون عظام العديد من أنواع الثعابين سامة وملوثة حتى بعد الموت، وهذا يجعل التعامل مع لحم الثعبان من قبل طباخ عديم الخبرة أمرًا خطيرًا للغاية مما قد يؤدي إلى التسمم لمتناوله.