رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وحش «كورونا».. لماذا وصل الاحتلال للمرحلة الثالثة من كابوس «كوفيد-19»؟

وحش «كورونا»
وحش «كورونا»

واقع كارثي يعيشه الاحتلال الإسرائيلي جراء بدء تفشي فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" لديه، ما أجبره أن يتخذ عدة إجراءات صارمة لتقييد حركة المستوطنين، بالتزامن مع إعلان وزارة الصحة لديه، اليوم الأربعاء، تسجيل 438 إصابة جديدة، ليصبح الإجمالي 2369 حالة، فيما سجلت خمس حالات وفاة، وتعافى 58 فقط.

بدأ الاحتلال كابوس المرحلة الثالثة، جراء تفشي فيروس كورونا بكسره رقم ألفي مصاب، بالإضافة لخمس وفيات، منهم 3 حالات في يوم واحد، ما يعني أنه دخل دوامة فقدان السيطرة على ذلك الفيروس، خاصةً وأن الأرقام لديه تتزايد بالعشرات، وتصل للمئات كلما استمرت عقارب الساعة في رحلتها.

سجل كورونا أول حالاته في إسرائيل يوم 21 فبراير الماضي، لمستوطن عائد من سفينة "ديموند برنسيس"، التي كانت عالقة في اليابان، خلال فترة الحجر الصحي لها بعد عودتها لتل أبيب، وكان أقصى عدد تم تسجيله لحالات مصابة – مخالطة للحالة الأولى – هما حالتين، حيث ارتفع العدد لثلاث حالات نهاية الأسبوع، تحديدًا في 27 فبراير، واتخذت سلطات الاحتلال إجراءات احترازية بمنع الرحلات الجوية من بعض الدول منها الصين وكوريا الجنوبية.

منذ ذلك الحين، بدأ كورونا يخرج عن السيطرة لدى الاحتلال، ولم يستطع أحد إيقافه، وفي غضون ثلاثة أسابيع فقط، وأصبح "كوفيد-19" ضيف مفزع يجول في أنحاء الأراضي المحتلة كافة.


الأسبوع الأول
بدأ كورونا رحلته رسميًا إلى الاحتلال بعد الكشف عن زيارة وفد سياحي كوري جنوبي إلى 33 مكانا داخل الأراضي المحتلة، وكان من بينه نحو ثمانية مصابين بالفيروس، والأزمة هنا أنه تم التوصل إلى نتائج التي أثبتت إصابتهم بعد مغاردتهم بأسبوع كامل، أي أن هناك الأن من يحمل الفيروس وربما لم تظهر الأعراض عليه، أو ظهرت ولكنه يظنها مجرد أنفلونزا موسمية.

نشرت سلطات الاحتلال التفاصيل الكاملة عن خط سير ذلك الوفد، مطالبة كل من خالطتهم أو كان في محيطهم أن يدخل في عزل صحي منزلي لمدة 14 يومًا، للتأكد ما إذا كان اصيب أم لا، كما تم نقل أكثر من 200 من مخاليطهم إلى الحجر الصحي، أملا في السيطرة عليه ومنعه تفشيه.

وفي 27 فبراير الماضي، أعلنت تل أبيب عن أول إسرائيلي مصاب في الداخل، عائدًا من إيطاليا، ولم يستغرق الأمر سوى 24 ساعة فقط، لتعلن تسجيل أول عدوى لديها، وهي زوجة هذا المصاب، ومن هنا بدأ ارتفاع معدل الإصابات، ببطء لكنه مستمر، وكان أكبر عدد تم تسجيله هو 3 حالات يوميًا، حيث أنهى الاحتلال أسبوعه الأول مع "كوفيد-19"، في 5 مارس الجاري، بإجمالي 17 حالة فقط.

كانت هناك حالتين هم الأخطر، تم تسجيلها في اليوم قبل الأخير لذلك الأسبوع – 4 مارس – لإسرائيلي حضر مباراة كرة قدم، وكان وسط المدرجات المملوءة بالجماهير، ما رجح أن الفيروس انتقل على الأقل لمن كانوا بجانبه، بالإضافة لحالة أخرى، طالبة داخل إحدى المدارس، ما يعني أن هناك فصل كامل قد حصل على هذه العدوى.

مع استمرار الارتفاع الطفيف، وتسجيل تلك الحالات، بدأت حكومة الاحتلال مناشدة مستوطنيها بالاتزام بتعليمات الوقاية اليومية، غسل الأيادي وغيرها، وعدم الوجود في تجمعات لأكثر من 5 ألاف شخص، وأن المشجعين الذين حضروا تلك المباراة عليه الدخول في حجر منزلي 14 يومًا، وإبلاغ السلطات المختصة لمتابعة حالته، عبر الخط الساخن المخصص لها، في حال شعر بأي عرض لـ"كورونا".

وكذلك، منع الرحلات الجوية لخمس دول أوروبية "فرنسا وألمانيا وسويسرا والنمسا وأسبانيا"، بعد ظهور كورونا داخلهم، بالإضافة إلى إلزام أي إسرائيلي عائد من تلك الدول إلى بأن يدخل حجر صحي منزلي، ولكن الأزمة بدأت من هنا، فلم يلتزم العديد من الإسرائيلين، ظنًا منهم أن هذا الأمر غير خطير، والفيروس لن يصيبهم، والأعداد مازالت بسيطة وجميعها من المخالطين فقط، لذا استمروا في التجمعات وعاداتهم اليومية العادية دون توخى أي حذر ولو بسيط.


الأسبوع الثاني
بدأت تل أبيب أسبوعها الثاني مع كورونا بتسجيل 4 حالات فقط في اليوم الأول، ليبلغ الإجمالي في 6 مارس الجاري، 21 حالة، وبدأ معه تحذيرات من أزمة اقتصادية، تحديدا في مجال السياحة، بعد قرارات بوقف الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل، مع عدة دول، وإلزام أي شخص يأتي إليها بحجر صحي 14 يومًا سواء تظهر عليه أعراض المرض أم لا، في محاولة جديدة للحد من تسلل الـ"كوفيد-19".

واستمر معدل الارتفاع في عدد الحالات ما بين الـ11 حالة والـ27 حالة يوميًا، وانتهى الأسبوع الثاني لدى إسرائيل، يوم 12 مارس، بإجمالي 109 حالة مصابة بكورونا، أي أنه في سبعة أيام فقط تم تسجيل 92 حالة، كان معظمها معلوم مصدر عدوته، وسط وجود نحو 100 ألف شخص داخل الحجر الصحي، سواء المنزلي أو داخل المستشفيات، كان يخضع منهم حينها 5 آلاف فقط للفحص.

خلال ذلك الأسبوع أغلقت حكومة الاحتلال المدارس، ومنعت الطيران منها أو إليها، وكذكل دخول السائحين، ما أسفر عن تسريح أكثر من ألف عامل لدى شركة "العال" الإسرائيلية للطيران، بالإضافة إلى تسريح معظم العاملين في الفنادق لعدم وجود سائحين، وتخصيص 10 مليار شيكل لدعم الاقتصاد الذي تضرر بسبب الأزمة.

وسجلت وزارة الصجة لدى الاحتلال الإسرائيلي حينها أول حالة لطبيب مصاب بـ"كورونا"، من بين الأطقم المتابعة للحالات المصابة، بالإضافة لحالات محدود ثبت إصابتها دون معرفة مصدر العدوى، وهو ما دق ناقوس خطرًا، بأن الأمور أصبحت تسير إلى الأسوأ، وأن عدم الالتزام بتعليماتها للوقاية، يجعلها تواجه مرحلة التفشي لا الانتشار.

ا
الأسبوع الثالث
مثَّل هذا الأسبوع مرحلة الخطر الفعلي لتل أبيب، إذ سجلت في اليوم الأول فقط، الموافق 13 مارس، 34 حالة جديدة، أي ثلث إجمالي ما سجلته في الأسبوع السابق، وفي اليوم ثاني سجلت 50 حالة جديدة، ما يعني أن "وحش كورونا" بدأ الإفلات.

اتخذت حكومة الاحتلال أولى خطوات إلزام الإسرائيليين بعدم الوجود في الشوارع والبقاء داخل منازلهم، فقررت إغلاق المطاعم والمقاهي ورياض الأطفال والنوادي وقاعات المناسبات وغيرها، وحظر التجمعات لأكثر من 10 أشخاص، بالإضافة لتقييد حركة المواصلات العامة، وخصصت مواعيد محددة لعملها، وبدأت الأزمات تضرب إسرائيل، ليس في السياحة أو الاقتصاد فقط، بل وطبيًا أيضًا، حيث يعاني القطاع الأخير من نقص الأقنعة والأدوات التي يحتاجها الأطباء.

وتحدث بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال المنتهية ولايته، بأنه سيفرض المزيد من قرارات الإغلاق، حتى إذا وصل الأمر إلى إغلاق شامل، بسبب عدم الالتزام بتعليمات حظر التجمعات كبيرة العدد وغيرها، وأن "كورونا عدو يجب محاربته، ليس لعبة، بل هو حياة أو موت، وسيقتل مئات الآلاف من الإسرائيليين"، موجهًا باستعداد جهاز الشرطة لديه لتنفيذ أمر الإغلاق الشامل قريبا.

حينها، فوضت الحكومة الإسرائيلية جهاز الأمن العام "الشاباك"، باستخدام الوسائل التكنولوجي لديه وتتبع مرضى كورونا، ومنتهكي قرارات الحجر الصحي، خاصة المنزلي، وكذلك المخالطين لأي حالات تم إصابتها، وغيرهم، في محاولة لإجبارهم على الالتزام بالتعليمات، فيما استدعى جيش الاحتلال أكثر من 2500 جنديًا للمشاركة في جهود منع انتشار "كوفيد-19".

وانتهى الأسبوع الثالث من كابوس كورونا لدى الاحتلال، في 19 مارس الجاري، بتسجيل 244 حالة جديدة، ليصبح إجمالي عدد الحالات 677 حالة، ولم يسلم ضباط الجيش الإسرائيلي، حيث سجلت 10 حالات بين صفوفهم حينها، فيما تم وضع أكثر من 5 آلاف جندي داخل الحجر الصحي.

الأرقام السابقة دلت أن الأسبوع الثالث لدى الاحتلال شهد الانطلاق الرسمي لمرحلة تفشي كورونا، حيث قفز المعدل اليومي لتسجيل الحالات من متوسط 20 لـ50 حالة يوميًا، إلى ما بين 95 لـ244 حالة في يوم واحد.

الأسبوع الرابع
هنا دخلت تل أبيب المرحلة الثالثة فعليا، وتفشى كورونا في الداخل المحتل، في اليوم الأول من هذا الأسبوع، 20 مارس الجاري، ارتفع عدد إجمالي المصابين لـ705 حالة، وسُجلت أول حالة وفاة بالفيروس، وفي اليوم التالي انضمت 178 حالة جديدا، ليرتفع الإجمالي لـ833.

اتخذت حكومة الاحتلال أولى خطوات الإغلاق، وطالب نتنياهو بعدم الخروج من المنازل إلى للضرورة القصوى، مثل شراء الطعام والدواء والتبرع بالدم، والحفاظ على ألا يكون التجمعات لأكثر من 10 أشخاص، والاستعداد لتطبيق الإغلاق الشامل للداخل رسميًا، وكالعادة لم يلتزم سوى القليل، بينما لم يتحمل الاقتصاد الإسرائيلي تلك الأزمة، ما جعل بنيامين يعقد اجتماعا عاجلا مع مسؤولي وزارات الاقتصاد والمالية ومسؤولي مجلس الأمن القومي، ويطالبهم بتقديم خطة للإنقاذ من الانهيار جراء كورونا.

لم ينقضِ من أسبوع كورونا الرابع في إسرائيل سوى 5 أيام، ارتفاع خلالها إجمالي عدد المصابين بكورونا إلى 2369 حالة، بينهم طفلين رضيعين، كما شهد أعلى معدل لتسجيل الحالات لديها، وهو 439 حالة، أعلن عنها يوم أمس الثلاثاء، بالإضافة لحالتي وفاة، أضيف لها حالتين جديدين اليوم الأربعاء.

لم ينحصر كورونا، وظل ضيف ثقيل مستمر في تجوله من شخص لأخر سواء كبيرا أو حتى رضيعًا، ولم يفلح الحل ضد كورونا بالإجراءات التي اتخذتها حكومة الاحتلال فقط، فالعامل الأساسي والذي كان يجب أن يساعد على هم الإسرائيليين ذاتهم، ولكنه لم يلتزموا بالقدر الكافي دون وعي.

لذا، أعلن نتنياهو أنه بدءًا من الخامسة مساء اليوم، يسرى إغلاق شامل للداخل، ويستمر لمدة أسبوع، أبرز ملامح هذا الإغلاق هو عدم السماح للأسر بالخروج من المنزل لشراء الطعام أو مستلزمات اليوم الضروية سوى مرة واحدة فقط، وحظر الخروج عامة إلا للضرورة القصوى، ولمسافة لا تتعدى الـ100 متر، وإغلاق كافة المعابد اليهودية، وغيرها، على أن يستمر هذا الإغلاق مدة أسبوع، ينظر بعدها فيما إذا ستخفف أم أن الكورونا مازال هو المنتصر، وحقق توقعات "صحة الاحتلال" بأن يصيب أكثر من 2 مليون إسرائيلي.