رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراها الـ150.. من أين جاءت فكرة دار الكتب والوثائق؟

 دار الكتب والوثائق
دار الكتب والوثائق

150 عامًا مرت على تدشين دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة فقد بدأت الكتب خانة في أول عهدها سنة 1870 تحت إشراف ديوان المدارس، الذي تغير اسمه في 1875 إلى «نظارة المعارف العمومية»، ثم وزارة المعارف في 1915، ثم وزارة التربية والتعليم سنة 1955، وفي 1958 انتقلت تبعية دار الكتب المصرية من التربية والتعليم إلى الثقافة والإرشاد القومي، ولا تزال تتبع وزارة الثقافة حتى الآن.

وبحسب الموقع الرسمي للدار، فإن فكرة إنشاء دار الكتب وجدت عند الحاجة إلى المحافظة على ثروة مصر الثقافية والعلمية؛ فهي ذاكرة الأمة، وبمثابة مكتبة عامة متاحة للجمهور.

فقد كانت لدى الخديو إسماعيل (1863- 1879) رغبةٌ في إنشاء «كتب خانة عمومية» لجمع شتات الكتب من المساجد وخزائن الأوقاف وغيرها؛ لحفظها وصيانتها من التلف؛ واقترح «علي مبارك» على الخديو إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط المكتبة الوطنية في باريس، حيث أعجب بها حينما أُرسل ضمن البعثة التي أُوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 1844.

وبناءً على ما عرضه على باشا مبارك، أصدر الخديو إسماعيل الأمر العالي رقم 66 بتأسيس الكتبخانة في 20 ذي الحجة 1286هـ (23 مارس 1870)، في سراي مصطفى فاضل باشا (شقيق الخديو إسماعيل) بدرب الجماميز لتكون مقرًا للكتب خانة، وجُعل لها ناظر وخدمة، وصار لها مفهرس من علماء الأزهر مسئول عن الكتب العربية، وآخر مسئول عن الكتب التركية، ونُظمت لها لائحة وضعت أسس الانتفاع بها، وكانت النواة الأولى لمقتنيات الكتب خانة الخديوية نحو ثلاثين ألف مجلد، شملت كتب ومخطوطات نفيسة، جُمعت من المساجد والأضرحة والتكايا ومكتبتي نظارتي الأشغال والمدارس.

واتخذت دار الكتب عدة مسميات رسمية؛ فكان اسمها عند نشأتها سنة 1870 «الكتب خانة الخديوية»، ثم «دار الكتب الخديوية» (1892- 1914)، ثم «دار الكتب السلطانية» (1914– 1922)، ثم «دار الكتب الملكية» (1922- 1927)، ثم دار الكتب المصرية (1927- 1966)، ثم «دار الكتب والوثائق القومية» (1966- 1971)، ثم «الهيئة المصرية العامة للكتاب» (1971- 1993)، وأخيرًا أطلق عليها «الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية» منذ (1993 وحتى الآن).

مرت دار الكتب بمرحلتين انتقاليتين؛ الأولى إلى باب الخلق: ففى 1880 ضاقت الكتبخانة بمقتنياتها، ثم نقلت سنة 1889 إلى الطابق الأول (السلاملك)، من السراي نفسها، ومع تزايد رصيد الكتب خانة أصدر الخديو عباس حلمي الثاني في 1896 أمرًا بنزع ملكية الأرض وتخصيصها لبناء الكتبخانة الخديوية عليها، لكن هذا المشروع لم يتحقق، وفى 1899 وضع الخديو عباس حلمي الثانى حجر الأساس لمبنى يجمع بين الكتبخانة الخديوية ودار الآثار العربية (متحف الفن الإسلامي حاليًا) في ميدان باب الخلق (أحمد ماهر فيما بعد)، وخصص الطابق الأرضي من المبنى لدار الآثار العربية، وطابقه الأول بمدخل مستقل لدار الكتب الخديوية، وفي 5 مارس 1904 افتتحت الكتبخانة أبوابها للجمهور.

والثانية إلى مبنى الكورنيش: في 1930 ضاقت مخازن دار الكتب بمختلف أنواع المقتنيات، وبموظفيها وروادها من المطالعين، فطالبت الدار بإنشاء مبنى جديد يساير التطور العالمي في نظم المكتبات الحديثة في ذلك الوقت، وفي 1935 وقع الاختيار مبدئيًا على أرض الحكومة بجهة درب الجماميز، واختير موقع بـ«أول شارع تحت الربع»؛ لقربه من مكان الدار في ذلك الوقت الذي اشتهرت به، ورأى المجلس الأعلى للدار في 1938 أن خير موضع تُبنى فيه دار الكتب هو أرض سراي الإسماعيلية.

وفي يوليو 1938، كتب وزير المعارف حينها محمد حسين هيكل باشا إلى وزارة المالية يطلب تخصيص جزء من الاعتماد المدْرَج عام 1938 في ميزانية مصلحة المباني للبدء في المبنى الجديد للدار، ووُضعت الخطة بحيث يبدأ البناء سنة 1939، إلا أن نشوب الحرب العالمية الثانية قد عوق بدء البناء.

في 1959 طالب ثروت عكاشة وزير الثقافة، رئيس المجلس الأعلى لدار الكتب في ذلك الوقت، بتمويل مشروع المبنى الجديد للدار، من ريع أوقاف الدار، وفي 23 يوليو 1961، وُضع حجر الأساس للمبنى الجديد على كورنيش النيل برملة بولاق، وتم نقل رصيد الدار والموظفين إلى المبنى الجديد تدريجيًا ابتداءً من 1971 وحتى 1978، رغم عدم استكمال المبنى؛ لانتقال دار الوثائق التاريخية، والمكتبة المركزية من قصر عابدين إلى مبنى باب الخلق.

ورغم أن هذا المبنى خُصص في الأساس لدار الكتب المصرية ومراكزها العلمية ومطبعتها الملحقة بها، إلا أنه عند افتتاحه عمليا لم يخُصص لدار الكتب وشاركته الهيئة المصرية العامة للكتاب- التي أنشئت في سنة 1971- لتضم دار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية ودار التأليف والنشر، وتم افتتاحه في الثامن من شهر أكتوبر 1979، ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا المبنى الجديد يعرف باسم «الهيئة المصرية العامة للكتاب»، إلى أن صدر القرار الجمهوري رقم (176) لسنة 1993، بإنشاء «الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية».

على الرغم من أن دار الكتب قد انفصلت عمليًا بمقتضى قرار جمهوري عن الهيئة العامة للكتاب، وأصبح كل منهما هيئة مستقلة، إلا أنه منذ 1993 يشارك كل منهما الآخر بمبنى كورنيش النيل.