رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يجوز تعجيل الزكاة بسبب كورونا؟.. «الأزهر للفتوى» يجيب

جريدة الدستور

تعرضت العديد من الأسر إلى أزمة كبيرة، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، لارتباط أشغالهم باليومية، أو لأن أشغالهم توقفت بشكل كبير.

وتساءل عدد كبير من الناس، هل يمكن التعجيل في الزكاة لحل أزمة المتعثرين بسبب هذه الأزمة

وتناول مركز الأزهر العالمي للفتوى، مسألة التَّرغيب في كفالة الأُسر الفقيرة في ظلِّ الأوضاع الرَّاهنة، وحكم تعجيل الزَّكاة لها، قائلًا:

حكم تعجيل الزكاة

يجوز تعجيل إخراج الزَّكاة قبل تمام حولِها لمصلحة، والتَّنافس في كفالة الفقراء والمحتاجين عملٌ صالحٌ جزاؤه مغفرةُ الله والجنّة.


تفصيل حكم التعجيل


جعل الإسلامُ سعيَ العبدِ في حاجة أخيه أولى من الاعتكاف في المسجد النَّبوي الشَّريف -شرَّفه الله وأدام فيه ذكرَه- شهرًا؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ -يعني مسجدَ المدينة- شهرًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط].

وأولى كفالة الفقراء، وأصحاب الحاجات، والضعفاء منزلة عظيمة، قال الله سبحانه: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261]، وقال: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39]

تابع أيضاً:


وقال صلى الله عليه وسلم: «المُسلمُ أَخو المُسلِم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ؛ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً؛ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا؛ سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ» [مُتَّفق عَليه].

 
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: «أحبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط].

 
ولا شك أن مبادرات التَّنافُس في الخير التي تشهدها مصر الآن؛ لتكشف عن أصالة معدن الشَّعب المصري العظيم، ووعيه، وكرم أهله؛ في ظل ما تشهده البلاد من أزمة اضطرت كثيرًا من أرباب الأُسر إلى المُكوث في بُيوتهم وترك أعمالهم؛ حفاظًا على سلامتهم، وسلامة أُسرهم.

والخير هو أفضل ما يَتنافس النَّاس فيه {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]؛ إذ هو -في الحقيقة- تنافس في رضا الله وجنته، قال سبحانه: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

أما بخصوص تعجيل الزكاة قبل تمام حولها لهذا الغرض الجَليل؛ فجائز بغير كراهة؛ بل إنَّه من التَّفقُّه، وحسنِ التَّصرف؛ لمَا نزل بالفقراء من حاجةٍ عاجلة، ولمَا حلَّ بالنَّاس من نازلة؛ ويدل على جواز ذلك: «أنَّ العباسَ بنَ عبدِ المطلبِ سألَ النَّبيَ صلى الله عليه وسلم في تعجيلِ صدقتِه قبلَ أنْ تَحلّ؛ فرخَّصَ لهُ في ذلكَ» [أخرجه أحمد وغيره].