رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيمفونية الرئيس.. وجسورالثقة!


في مصر أم الدنيا .. عشنا وتعايشنا زمنًا طويلاً؛ نؤمن بمقولة المثل الشعبي الذي نسمعه على لسان العواجيز : " إمشي سنة .. ولا تعدِّي قنا "! وكان هذا مقبولاً  و"مصر" تحت الاحتلال الإنجليزي والصبر على المفاوضات لحين اقتناص النجاح في مفاوضات الجلاء ونيل الاستقلال، وكان هذا الطرح وقتئذٍ لتهدئة ثورة الشباب الذي يطمح في استقلال بلاده ،أو استخدام المثل للإسقاط والتنديد بسلطة جائرة أو جار سوء حتى يرحل أو يذهب إلى حيث تلقي به المقادير .

 ولكن هذا لم يعُد مقبولاً وتجاوز الزمن هذه المقولة المُحبطة؛ وبخاصة في ظل السيادة والقيادة الوطنية التي تمتلك شجاعة اتخاذ القرار والمصارحة والمكاشفة وبسط الأوراق ـ بلا مواراة ـ أمام الجموع؛ لاجتياز منحنيات الأزمات والكوارث الطبيعية أو المُختلقة التي تواجه مسيرة الشعوب؛ من أجل بناء جسور الثقة لعبور بحور الأماني لتحقيق كل الأمنيات المرجوّة .

وفي جلسة حُب حقيقية بين الرئيس السيسي وكتيبة مجلس الوزراء؛ وكأنها "قعدة دوَّارالعمدة" في أقصى نجوع مصر، وكانت جلسة "العُمدة" كبيرالعائلة التي يستمع فيها إلى مشكلات الري في الحقول وانتقاء الحشرات الضارة في زهرات القطن والاحتياطي الاستراتيجي من مخزون"كيزان الذرة" صانعة رغيف الأطفال والكبار، وجاءت جلسة الرئيس ـ مع اختلاف مشكلات العصر بالطبع ـ لوضع الخطوط العريضة لمواجهة " وباء كورونا " المتربص و المتمترس بين أصابعنا وشوارعنا وقرانا وجامعاتنا ومدارسنا، وكل ركن في جنبات الوطن .

جاء الحديث بسيطًا هادئًا سلسًا؛ يبرهن على تفهم القائد لـ "سيكولوجية" الشعب؛ لنجده بعد تتابع عرض المشكلات والقضايا المصيرية التي تواجه  البلاد والعباد؛ ليبدأ في التصاعد في لهجة الخطاب وطريقة التخاطب كأنه "المايسترو" الذي يتصاعد بلغة الموسيقا إلى مايسمَّى  ـ في عالم الأنغام بالـ "كريشندو" ليسيطرعلى أفئدة المستمعين من عامة الشعب في الحقول والبدو والحضر .

وتعالوا بنا نستعرض سيمفونية الرئيس ومتطلباته في مجابهة الخطروالقضاء عليه في حلبة الصراع "بالضربة القاضية العلمية" وليست التواكلية والاتكالية على المفاهيم الخاطئة لبعض المخرِّفين والمحرِّفين أعداء الوطن والدين؛ وهم الشرذمة التي تحاول إسقاط الوطن منذ ثمانين عامًا خلت وحتى اليوم !، وأشار الرئيس إلى أن "هؤلاء" أشد خطرًا وفتكًا من كل جراثيم العالم مجتمعة، وما يجب علينا هو نبذ أفكارهم وتوجهاتهم ومقاصدهم غيرالشريفة، بل يوصي بتوخِّي الحذر مما يبثونه على جدران صفحات التواصل الاجتماعي من شائعات ومعلومات مدسوسة، وهو في هذا التحذير يعطي دلالة قاطعة على متابعته الدقيقة لكل مايدور من حوارات تصل إلى حد الفكاهة اللاذعة والتهكم في بعض الأحيان .. فهو ابن الشعب الحقيقي الذي يشعر بنبض الشارع والبيت وأماكن العمل، بل يتفهم فلسفة الشعب المصري "ابن النكتة" في مواجهة الأزمات، ولكن الرئيس لايريد أن تصل قناعات الشعب بتلك الفلسفة إلى الإفراط في جلد الذات؛ لأنها مصر العظيمة القوية دائمًا في كل العصور؛ ومنذ قديم الزمان وقدرة شعبها الخارقة في مواجهة ثورة وعربدة وطوفان النهرالعظيم شريان الحياة .

إنها ثقة القائد في تجليات الشعب المصري رجالاً ونساءً وكأنهما "حدَّي المقص" في منظومة الحياة؛ ولا غنى لطرف عن الآخر! فدور"المرأة" لاغنى عنه بالتوازي أو التقاطع ـ بحسب المكان والمكانة ــ ليقوم هذا "المقص" بصنع الثوب اللائق للوطن ومواطنيه؛ فهي صانعة الرجال ومرضعة القيم الوطنية والاخلاقية في مهدهم؛ وهي من تقوم بتلقين الحروف الأولى لمعاني الشرف والإنسانية التي جُبل عليها هذا الشعب منذ وُجد قبل صياغة دفتر التاريخ .

لقد تحركت الدولة المصرية بكل إمكاناتها المادية : العلمية والبشرية؛ في الاتجاه الصحيح منذ ظهور بوادرالأزمة في العالم  ـ غربًا وشرقًا ـ برغم كل تهكمات القلَّة من مثبطي الهمم من جحافل الشر وأذنابهم الذين يعيشون بيننا ويتقاسمون ـ ببجاحة ـ رغيف الخيانة المسموم فيما بينهم، ولكن يقصم ظهورهم ضمير الشعب الذي يخوض المعركة بكل الوعي والحذر من المتربصين بمكتسبات الوطن والمواطن .

إن بناء جسور الثقة لايأتي من فراغ، ومجرد "التمنِّى" ـ بلا عمل جاد ـ لايحقق الأمنيات، والوقوف على قضبان القطار متحصنًا بأوهام الدعاء المستجاب؛ لن يمنع القطار من دهسك مالم تأخذ بالأسباب التي منحها الله لك ولعقلك الواعي بأهمية : كيف تتعامل مع هذا الوعي !

إننا أمام هذه الجهود التي بذلتها ـ وتبذلها ـ الدولة المصرية؛ بكل المجموعات التي تعمل بإخلاص ككتائب الجيش المحارب في  جبهة قتال شرس؛ لايسعنا إلا الانحناء أمامهم تكريمًا وتوثيقًا ينضاف إلى صفحات كتاب التاريخ؛ لإثراء ذاكرة ووجدان الجيل الحالي والأجيال القادمة، ولتظل شعلة الحضارة مرفوعة تتسلمها أيادي الأجيال جيلاً بعد جيل .

ونرفع يد التضرع إلى الله أن يرفع البلاء والوباء عن أوطاننا؛ ويُلهم قادتنا وسياسيينا كل سبل الصواب ، وصدق الشاعر/احمد شوقي حين قال :

بالعلم والأخلاق يبنى الناس مُلْكهمُ

لم ُيبن مُلكٌ على جهلٍ وإقلالِ !

* أستاذ ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي بأكاديمية الفنون