رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إرهاب الكورونا



هل تسمع اليوم لداعش ركزًا؟ لقد حل إرهاب الكورونا محل الإرهاب الداعشى، وصار أصحاب الحروب البيولوجية ومروجو الشائعات هم الدواعش الجدد.. بل جندنا نحن لنقتل بعضنا بعضًا بنقل الشائعات والأخبار والفتاوى المغرضة المضللة عن الفيروس ليتفشى فيما بيننا، فأراذل القوم أسافل الناس لن يرتاحوا إلا بعد إزهاق عدد لا بأس به من الأرواح.
استخدموا شتى أنواع الأسلحة، ثم تطورت الأسلحة فصارت ذرية، ثم كيميائية، ثم بيولوجية، حتى وصلنا لحروب الشائعات، فإما داعش أو الكورونا والإرهاب واحد.. تتعدد وتتنوع أساليبه لكن الموت واحد.
موجة داعش الإرهابية توقفت بعد أن جفت منابعها وزهد فى تلك اللعبة ممولوها، فاتجهوا للعبة جديدة تهدف لإزهاق ما يتسنى لهم من الأرواح للتخلص من نصف الكوكب.. تلك هى غايتهم وجل أمانيهم، لقد استخدم السلاح بشتى أنواعه لسنين طويلة، فجاءنا الأكل المسرطن وحقنت الكائنات الحية بالهرمونات.. وكل ذلك كان له دور لا بأس به فى إنجاز عمليات القتل، وعندما أصبحت تلك الوسائل قديمة وغير فعالة «فتاكة»، وتأخذ ربما وقتًا طويلًا وتأثيرها تراكمى وبطىء، كان لا بد من تجريب واختراع الجديد، والوباء هو جديدهم، فبدلًا من إمداد المرتزقة من الدواعش بالسلاح والقيام بعمليات، قد تنجح تارة، وتفشل أحيانًا بفعل اليقظة الأمنية التى أثبتت فاعليتها مؤخرًا وحمت الدولة مؤسساتها وكنائسها بعد سلسلة من التفجيرات المتعاقبة التى استمرت لسنين منذ حادثة تفجير كنيسة القديسين وحوادث القطارات المفتعلة وتفجير معهد الأورام وغيرها.. وبعد أن تعبت أو ملت تلك الذئاب المنفردة من عملياتها المتفرقة هنا وهناك وانكشف أمر سلاح العقيدة، وانفضح أمر المحرضين، وضعف مفعولهم وتأثيرهم على الناس.. كان لا بد من إيجاد طريقة جديدة فتاكة تودى بحيوات بشر كثيرين وبأقل التكاليف دون إمدادات أو مؤن. مجرد فيروس صغير يسير كالنار فى الهشيم ينتشر بسرعة تتجاوز سرعة الصاروخ.. يتفشى ويتمدد وينتقل من هذا لذاك ومن هنا لهناك ينقله الناس لبعضهم البعض.
وكأن كل حامل للمرض هو داعشى يحمل لعابه أو رذاذه قنبلة تنفجر لتتشظى فتحصد الأرواح، ونسمع عن مئات راحوا هنا، وآخرين ودعوا الحياة هناك، لقد صرنا كلنا دواعش.. لقد جعلونا دواعش جُندنا دون تجنيد.. ولم تعد هناك حاجة للحروب الكلامية ولغوها وغسيل الأدمغة الذى يتطلب الوقت الطويل والتراكم، وبدأ تأثيره يخفت وحدثت الاستفاقة.. فكان لا بد من مواجهتها بسلاح فتاك لا يريق الدماء هذه المرة.. إراقة الدماء أصبحت طريقة قديمة مكشوفة وبالية انتهت صلاحيتها.. أما القتل عن طريق الوباء فهو الأجدى والأحدث والأسرع والأشد فتكًا والأقل كلفة، ولا يمكن لوم أحد عليه، أو اتهامه فيه بشىء أو تقديم من موّله أو شجعه لمحكمة العدل الدولية.