رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نقلة نوعية لحكومة مدبولى فى إدارة الأزمات




الكلمة وقت الأزمة شهادة، والشهادة لا تهتم بمصادفة توقعات، قدر ما تنشغل بمصداقية وموضوعية تضع النقاط على الحروف، وتراجع نفسها ألف مرة ومرة، قبل أن تنطلق واضحة ومحددة وحاسمة، بما يجعلها واثقة لا تهتز، تأتى خالصة لوجه الله والوطن والناس، ولا تهتم كيف يراها الآخرون، خاصة أن الاشتباك مع الشأن العام يضعك الآن تحت المقصلة، فى مواجهة قارئ يبدأ يومه بسَن سلاح السوشيال ميديا، فلا تهتم حين تختلط الحِبال بالنِبال، وتزيد مساحة المناطق الرمادية، وتتكاثف السحب إلى حد الضباب، إلا بأن تقول كلمتك بهدوء وتمضى فى سلام، فقد تأخذ الكلمة مكانها فى العقول قبل النفوس، وعلى هوامش التاريخ قبل صفحاته.
حكومة الدكتور مصطفى مدبولى حققت نقلة نوعية فى إدارة الأزمات فى مواجهة الفيروس القاتل كورونا، تعليق حركة الطيران فى جميع المطارات المصرية حتى آخر مارس الجارى، وتخفيض عدد العاملين فى مختلف مؤسسات الدولة بما لا يؤثر على تقديم الخدمات الاستراتيجية، لم يكن أيهما أول قرارات مدبولى الوقائية، وبالطبع لن يكون آخرها طالما أثقل علينا بحضوره الفيروس الملعون، فإذا راجعت بحياد أداء الحكومة المصرية منذ بداية الأزمة فى الخارج وحتى الآن، مرورًا بتداعياتها المُقتحمة حياة المجتمع المصرى، لوجدت أداء الحكومة فى مجمله تخلص إلى حد كبير من قصور تاريخى عانينا منه طويلًا، وتسبب فى انعدام الثقة المزمن فى الحكومات المصرية المتعاقبة. صحيح أن أداء حكومة مدبولى يأتى صدى لتوجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتعامل مع الأزمة العالمية بما يليق بها دون تهويل أو تهوين، ومع منح الأولوية لصحة المواطن المصرى مهما كانت الخسائر، إلا أن سياق الأحداث أكد إلى حدٍ كبير أننا أمام رئيس حكومة مُبادر، يملك ثقة الانطلاق فى إدارة نفسه وحكومته بما يحقق استراتيجية الدولة، ويواكب فى نفس الوقت إيقاع الأزمة الكارثى، ولم تأتِ ملامح أداء حكومة مدبولى فى مواجهة كورونا، إلا مؤكدة فى كل وقت على مدى اتزان الرجل، واجتهاده فى أن يقدم وحكومته نموذجًا فعالًا فى إدارة الأزمات، يُزيد مستقبلًا من مساحة ثقة المجتمع المصرى فى حكوماته.
ملامح أداء حكومة الدكتور مصطفى مدبولى فى إدارة أزمة كورونا، تتلخص فى اعتماد منهج الشفافية فى مواجهة المواطن، ومع التأكيد على ضرورة أن يقوم المواطن بدوره فى إدارة الأزمة، بعدما حرصت حكومات مصرية متعاقبة على التعامل مع مواطنيها بمنطق ولى الأمر مع قاصر لم يبلغ بعد سن الرشد، والشفافية تبقى شفافية حتى وإن كانت بمفهوم «لا أقول كل الحقيقة ولكن ما أقوله حقيقة»، فدائمًا ما تكون هناك اعتبارات تفرض ألا تُقال الحقيقة كاملة، كما أن حكومة مدبولى تخلصت إلى حد كبير من ظاهرة الأيادى المرتعشة، وأصبحت حكومة سباقة فاعلة تقود مجتمعًا بالكامل، وليس فقط جهازًا إداريًا أو مؤسسات تابعة لها.
خرج بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطانى، بخطاب مرعب مُنفر يدعو فيه مواطنيه لأن يستعدوا لفراق أحبائهم، بينما يحرص الدكتور مصطفى مدبولى فى خطابه، على وضع الأزمة فى نصابها، مع التأكيد أن صحة المواطن المصرى تأتى أولًا ومهما كانت الخسائر، وأننا قادرون معًا بعون الله على تجاوز الأزمة، فقط إذا تحمل كل منا مسئوليته وقام بدوره، فإذا تابعت قدرة الحكومة فى ساعات قليلة، على غلق مراكز الدروس الخصوصية، وبث القنوات الفضائية التعليمية، ودعم سرعات الإنترنت لمواكبة متطلبات التعلم عن بعد والعمل من المنزل، ومنع المقاهى من تقديم الشيشة، وغيرها من التدابير الوقائية، لأدركت النقلة النوعية لحكومة مدبولى فى إدارة الأزمات.