رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصريون الجدد


المشهد الحضاري الذي ظهرت به أجهزة الدولة كلها في اليومين الأخيرين، يشهد بأن ثمة تغيير جذري في سلوك الناس وسلوك الدولة تجاه الأزمة، التي ضرب مصر يومي 12 و13 مارس 2020.
ام يكن سوء الأحوال الجوية جديدا على مصر، فقد سبق ذلك عدة مرات، ولعل ذاكرتنا تنسي أحداث السيول فيالماضي البعيد التي دمرت قري بأكملها، وتحمل الذاكرة الأليمة ما حدثعام 1994 الأليم عندما هطلت الأمطار بغزارة واتساع غير مسبوقين، خاصة على محافظتي أسيوط والمنيا إلى سيول جارفة نتج عنها خسائر فادحة في الأرواح فقد بلغ عدد القرى المتدمرة 10 قرى وفقدان 13165 فدانا من الأراضي الزراعية وانهيار 3219 مسكنا و3 مدارس و3 مساجد ومعهدين أزهريين، بالإضافة إلى تصدع 2677 مسكنا و67 مدرسة و73 مسجدا و10 معاهد أزهرية.وتكرر نفس السيناريو بتلك القرية عام 2014 وتسببت السيول في غمر 5 آلاف فدان من الأراضي الزراعية بالمياه، ما أدى إلى غرق المحاصيل وإتلافها، وهروب الحيوانات.
وفي عام 2018 أدت الأمطار الغزيرة إلى غرق شوارع التجمع الخامس وتعطل حركة المرور في شارع التسعين بعد تحوله إلى بحيرة اصطناعية. وبعض شوارع الإسكندرية والبحيرة.
في المرات السابقة، كانت الدولة في حالة مفاجئة، ولم تشعر الا بالكوارث التي داهمتها حين غرة فلم تتنبه، وتستعد. وشعرت الحكومة والناس بالعجز والشلل.
هذا المرة، كان للدولة السبق في تنبيه الناس إلى موعد الأحوال السيئة بالتفصيل، ويرجع هذا إلى دقة الرصد في هيئة الأرصاد الجوية المصرية، ودقة الحسابات والمراقبة. ونبهت الدولة من خلال وسائل الإعلام الناس إلى ضرورة توخي الحذر،وعدم الخروج وسارعت ومنحت الطلاب والتلاميذ والموظفين والعاملين أجازه لتجنب الخروج.
قبل الكارثة قامت أجهزة الحكم المحلى بإجراء تدريبات عمليا وميدانيا لكيفية مواجهة السيول حال وقوعها، وبدأت بورشة عمل تدريبية نظريا عرضت فيها كل أجهزة المحافظات استنفار جهودها أعقبها التعامل الميداني مع الواقعة من خلال عرض خطة المحافظات لكيفية التعامل مع سيناريو الأزمة بمحاكاة فعلية لموقف طارئ ممثلًا في تعرض المحافظة لسيول نتيجة هطول أمطار شديدة على سلسلة جبال البحر الأحمر
وفي يوم الكارثة ظهرت الدولة المصرية في مواجهة الأزمة والطقس السيءبمجهود قوى وكبير، وجديد بالمرة. ولا يمكن أن ينكره أحد، حيث نجد أن توقعات هيئة الأرصاد الجوية بالطقس السيء منذ أيام، وتحذير المواطنين قبلها بوقت كافي استعداد جيد من قبل مؤسسات الدولة وتوجيه كل الأدوات المتاحة لدى الدولة لمواجهة الأزمة والطقس السيء.
لا ننكر جهود رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبوليفي المتابعة المستمرة لحكومته تجاه ما تم اتخاذه من إجراءات لمواجهة الطقس السيء وخاصة ونحن بصدد مرحلة تتسم بمضاعفة الضغوط على الحكومة الحالية نظرا لمحاربة فيروس كورونا ويعقبه إعصار وطقس سيء كل هذه عوامل ترهق مؤسسات الدولة التنفيذية ونناشد شعب مصر الذي تعودنا منه على الوقوف في الأزمات التضامن مع الأجهزة التنفيذية والمساعدة والالتزام بالتعليمات.
شعر المصريون للمرة الأولي بأنهم لا يواجهون قسوة الطبيعة لوحدهم، ولكن معهم حكومتهم تواجه معهم وتساندهم وتخفف عنهم.
وفي إعصار كورونا الذي اجتاح العالم. كانت مصر من أوائل الدول التي بادرت بإحضار ابناءها من الصين حيث بؤرة الكارثة، بمنتهي التحضر والرقي، وارسلت طائرة لإحضار ابناءها من هناك، وأجرت لهم حجز صحي طبقا للمعايير الطبية العالمية، وسارعت لفحص القادمين من الخرج، ولا تقل إجراءات وزارة الصحة عما اتخذته كبريات الدولة العريقة والمتقدمة. وصارحت المصريين بكل الحقائق. وهو الأمر الذي شعر به كل المصريين بأنهم ليسوا بمفردهم، وأن هناك تغير ملحوظ في كيفية تناول الدولة لمعاناه الناس.