رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل ضرب كورونا «أكل عيش» الآسيويات بمصر؟

الآسيويات بمصر
الآسيويات بمصر


حسب التقديرات الرسمية، يصل عدد الصينيين المقيمين فى مصر لما يقرب من ٤٠٠ ألف، بالإضافة لمئات آلاف آخرين من بقية شعوب شرق آسيا يعملون فى مهن وأعمال شتى، من تلك الأعمال ما لا يضطرهم إلى التعامل المباشر مع الناس، لكن ماذا عن أعمال أخرى، مثل الخادمات فى البيوت، وصالونات التجميل والمساج، هل تأثرت تلك الفئات بالفزع العالمى المصاحب لانتشار فيروس كورونا؟
«الدستور» التقت آسيويات يعملن فى تلك المجالات، أغلبهن أكدن أن الأمور لم تتغير، لأسباب ستأتى على ذكرها السطور التالية، بينما ذكر البعض، خاصة العاملات فى مجال «التدليك»، أن الأمور ضاقت عليهن، بسبب سيطرة الخوف من العدوى على الزبائن.


مكتب خادمات: مقيمات منذ سنوات.. ويخضعن للكشف كل 3 أشهر

تقول إيمان مجدى، إحدى مديرات شركات توظيف الخادمات الأجانب فى منطقة مصر الجديدة، إن أزمة انتشار فيروس «كورونا» لم تؤثر على توظيف الآسيويات فى المنازل، موضحة أن الكثير من العملاء ما زالوا يطلبون الخادمات الآسيويات حتى الآن، لكونهم على دراية كاملة بأن هؤلاء الفتيات مقيمات فى مصر منذ سنوات عدة، ولم ينتقلن إلى الدول التى انتشر فيها الفيروس. وتضيف «إيمان» أن القلق يبدأ حينما تأتى فتاة آسيوية من الخارج فى الوقت الحالى، كونها معرضة للإصابة بالفيروس ونقله إلى مصر، مشيرة إلى أن الشركة تعتمد حاليًا على الأشخاص المستقرين منذ فترة، ويعملون داخل الشركة منذ سنوات طوال، ممتنعة عن استقبال أى شخص قادم من الخارج، نظرًا للظروف التى يشهدها العالم بسبب فيروس كورونا، فمن الممكن أن يكون حاملًا للمرض وينتقل إلى الزبائن أثناء العمل. وتشير إلى أن العميل يطلع على عقود الخادمة قبل الاتفاق على الحجز، موضحة أن العقد الخاص بالخادمة الآسيوية يوضح وقت دخولها مصر والمدة التى أقامتها داخل البلد وحالتها الطبية، ليكون هذا الشرط مطمئنًا حاليًا للعملاء فى حالة إذا غادرت إحدى الآسيويات مصر.
وتذكر أن الشركة من قبل فيروس «كورونا» تقوم بالكثير من الإجراءات الوقائية الدورية، موضحة: «الشركة تجرى تحاليل طبية دورية للموظفات كل ثلاثة أشهر، للتأكد من مدى سلامتهن الصحية، وأحيانًا يقترح العميل إجراء التحليل داخل معمل يعرفه للتأكد من نتيجته بنفسه».

ليزا: أتمنى قضاء حياتى كلها فى القاهرة


يعمل بتلك الشركة الكثير من الخادمات الآسيويات منذ سنوات عديدة، ومن بلدان عدة، منهن «ليزا»، ٣٣ عامًا، من إندونيسيا، التى تقول إنها التحقت بالعمل داخل مجال الخادمات منذ ٨ سنوات، بعد أن جاءت إلى مصر بصحبة أحد العملاء، وقررت حينها الاستقرار للعمل والتنقل بين البيوت المصرية لاكتساب أكبر خبرة ممكنة، وتكوين علاقات عديدة وجيدة مع المصريين الذين تعمل فى منازلهم.
«المصريون يعاملوننى أفضل معاملة حتى بعد انتشار فيروس كورونا، وأتمنى قضاء حياتى كلها فى مصر»، هكذا عبّرت «ليزا» عن سعادتها بوضعها الحالى، بعد أن استطاعت كسب مال وفير جعلها تعيش حياة مستقرة، وتبنى علاقات جيدة مع المصريين، بعد المعاناة التى عاشتها فى بلدها، لكنها حزنت بشدة حين هدد فيروس كورونا حياة المواطنين فى العالم.
ولفتت إلى أنها تذهب إلى المعامل أو العيادات الطبية كل فترة لإجراء تحاليل وكشوفات على الجسد بأكمله قبل الالتحاق بأى منزل جديد، سواء قبل انتشار الفيروس أو بعده.
واختتمت الفتاة حديثها معبرة عن الاطمئنان الذى تشعر به فى مصر: «معتقدتش إن الفيروس هييجى هنا، وملتزمين بجميع الإجراءات الوقائية لتفاديه».




إيفى: وجودنا هنا أنقذنا.. والبلد آمن


«إيفى»، أو كما يطلق عليها المصريون «سعودة»، فتاة من إندونيسيا، تبلغ ٣٨ عامًا، وتعمل خادمة منزل، تقول: «جئت إلى مصر منذ ١٥ عامًا، والتحقت بشركة توظيف الخادمات الأجانب بعد ثلاث سنوات من وصولى مصر»، لافتة إلى أنها لم تسافر إلى بلدها منذ سنوات عدة. قبيل الفيروس لم تستطع الفتاة السفر لكونها تزوجت من مصرى الجنسية مؤخرًا، واستقرت فى محافظة المنوفية، وما زالت تحافظ على عملها، مؤكدة: «لا أشعر بأى تغيير بعد انتشار كورونا سوى أننى أود السفر إلى إندونيسيا كى أطمئن على أهلى بعد توتر الأوضاع».
«حياتى اختلفت تمامًا لما جيت مصر».. تقولها «إيفى» مشيرة إلى أن أدوات الوقاية الصحية فى مصر مختلفة بدرجة كبيرة عن الدول الأخرى، بجانب المناعة الشديدة التى توجد عند المصريين، فاحتمالية إصابتهم بالأوبئة والفيروسات قليلة للغاية مقارنة بالدول الخارجية، موضحة: «المصريون هنا بيواجهوا الأزمة بالضحك والهزار».
وعن انتشار فيروس «كورونا»، تقول: «لم يصب أحد من معارفى وأصدقائى حتى الآن، لكن الجميع هناك يتوخى الحذر، فأنا على تواصل دائم معهم كى أطمئن على حالتهم الصحية بعد انتشار الأزمة فى العالم»، منوهة بأن عملها داخل شركات التوظيف يجبرها على إجراء الفحوصات الطبية بشكل دورى للتأكد من سلامتها الصحية. «أريد أن أصطحب أهلى إلى مصر للاطمئنان عليهم وهم بجانبى».. تختتم «إيفى» حديثها مع «الدستور»، موجهة الشكر إلى كل الجهات المختصة فى مصر على توفير الوقاية اللازمة للتصدى لأزمة انتشار فيروس كورونا، قائلة: «الأوضاع آمنة هنا، ونعيش فى سلام وصحة كاملة».


«كارلا»: لم يؤثر على علاقتى بالمصريين


«كارلا»، ٣٢ عامًا، خادمة آسيوية فلبينية، فى شركة توظيف خادمات فى منطقة مدينة نصر، وتعمل جليسة أطفال وأحيانًا خادمة منزل بكامل احتياجاته، تقول إنها تعمل الآن داخل منزل أحد الفنانين الكبار، بعد أن قضت فترة فى هذا المجال مدتها ١٠ أعوام.
وتوضح أنها اكتسبت خلال هذه الفترة خبرة كبيرة، سواء على المستوى الشخصى فى التعامل مع المصريين وأصبحت تتعامل مثلهم تمامًا، أو من الجانب المهنى الذى جعلها تستقر داخل منزل فنان كبير لأكثر من ٤ أعوام، مشيرة إلى أنها غير قلقة من أزمة «كورونا»، كونها لم تؤثر على علاقتها الشخصية والمهنية مع المصريين.
مرة واحدة فقط واجهت فيها «كارلا» التنمر اللفظى من أحد المارين حين كانت تبتاع بعض المستلزمات المنزلية، مشيرة إلى أنه انهال عليها بالكلمات الاستهزائية التى تخص فيروس «كورونا»، لكنها تجاوزت تلك الدعابات وتعاملت مع الأمر بالضحك: «بقيت أتكلم مصرى أحسن من المصريين، وبحب هزارهم حتى لو بيتريقوا عليا».
واختتمت الفتاة حديثها معبرة عن مدى الحزن الذى شعرت به فى الأيام الماضية بعد تعرض بعض أصدقائها فى الصين لخطر الإصابة بالفيروس، خاصة بعد أن أصبحت غير قادرة على التواصل معهم، فهى لم ترهم منذ سنوات طوال، آملة أن تطمئن عليهم فى أقرب وقت، وأن تنتهى تلك الأزمة فى العالم بأجمعه.

عاملات مساج: الناس معذورة.. ونتمنى العودة إلى بلادنا


المساج، مجال آخر تعمل فيه الآسيويات، حيث تنتشر عاملات المساج فى صالونات التجميل الشهيرة بمصر، وهن متخصصات فى التدليك، باستخدام مواد خاصة يجلبونها من بلادهن، سواء الصين أو تايوان أو كوريا، ويُعرف أسلوبهن بـ«التدليك الآسيوى»، وبعضهن يجرين ما يطلقن عليه «المساج التايلاندى»، بهدف استرخاء الجسد، والشعور بالراحة النفسية، حسب وصف العاملين فيه.
دانا يو، إحدى عاملات المساج الآسيويات فى صالون تجميل بمنطقة مصر الجديدة، جاءت إلى مصر منذ ٥ أعوام، ومعها المواد العلاجية والزيوت الهندية التى تستخدمها فى إجراء المساج الآسيوى والبخار للزبائن.
تقول إنها منذ أن عملت فى المركز التجميلى ولا تجد من المصريات سوى التعامل الجيد والمعاملة الحسنة، مؤكدة: «لدى صداقات كثيرة مع مصريات، فكنت أقوم بجلسات خاصة لهن فى المنازل بعيدًا عن المركز، وكن دائمًا يمدحن جلسات المساج الآسيوى».
مع انتشار فيروس كورونا، بدأت تشعر بأن هناك تغييرًا طفيفًا فى معاملة الزبائن، فالبعض منهن يتجنبن أن تقوم لهن بالمساج الآسيوى، موضحة: «هناك تخوف من انتشار الفيروس، رغم أننى لم أسافر بلدى الصين منذ ٥ أعوام، والفيروس ليس وراثيًا حتى يتخوف البعض منه».
وتضيف: «أعذر الجميع لأن الفيروس سبب رعبًا عالميًا، ويتساقط الموتى منه يوميًا، فالنساء اللاتى كنت أقوم بعمل جلسات خاصة لهن انقطعن عن التواصل معى خوفًا من انتقال العدوى من المواد التى نستخدمها، رغم اتخاذ المركز الإجراءات الوقائية اللازمة قبل وبعد انتشار الفيروس».
وتجد «دانا» صعوبة بالغة فى التواصل مع ذويها فى الصين للاطمئنان عليهم، منتظرة أن يعود الطيران المصرى الصينى مرة أخرة حتى تسافر إلى بلدها، ويبدو أن الفتاة الصينية تعانى من نظرة الناس لها باعتبارها من الدولة مصدر الفيروس، إذ أكدت: «لن أعود مرة أخرى إلا بعد اختفاء الفيروس، حتى ينسى الجميع أن المنشأ كان من الصين أو قارة آسيا بأكملها».