رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المهرجانات السلفية



عاب الليبراليون والعلمانيون على السلفيين وكانت لهم عليهم مآخذ عدة، فالسلفيون يحتقرون المرأة ويرونها سلعة وحلوى يتطاير حولها الذباب، ولكن كيف يراها مطربو المهرجانات؟ إنهم يرون ويعتبرون المرأة هى الذبابة عينها ونعتوها نصًا بالحشرة، وبهذا يكونون قد تفوقوا على السلفيين فى الفجر والجور والاعتداء على المرأة وتحقيرها وتشييئها وتسليعها.
السلفيون يرون أن المرأة غواية، ومطربو المهرجانات يرونها رخيصة و«خربانة» وداعرة بالضرورة تمارس الدعارة دومًا.. فالفتاة فى أغانيهم تمارس الجنس المحرم مع أبيها، والأم والخالة تمارسانه مع صديق ولدهما المتباهى!
نظرة مطربى المهرجانات للمرأة أحقر بكثير بل وبمراحل من نظرة السلفيين لها، المرأة عندهم دائمًا فى حالة هياج جنسى ويرونها حلًا ومتاعًا للمتحرشين فى كل لحظة وفى أى مكان، والسلفيون منشغلون ويكثرون الحديث عن الجنس ولا ينظرون إلا للجزء السفلى من جسد المرأة، وهكذا أيضًا مطربو المهرجانات، السلفيون يحللون إرضاع الكبير ومفاخذة الصغيرة، ومطربو المهرجانات يتحدثون باحتقار عن ثدى المرأة وملابسها الداخلية! ويفخرون بمن يضع ليمونة فى جيبه ويتحرش بالفتاة فى وسائل المواصلات!
السلفيون يضعون مكان صورة ووجه المرأة وردة ويخفونها، أما مطربو المهرجانات فقد أخفوا النساء تمامًا من إبداعاتهم، وكأن المهرجان إبداع ذكورى مقصور على الذكور ولا يحق للنساء ممارسته تمامًا، كما يعزل السلفيون المرأة عن الظهور ويخفونها بالحجاب والنقاب، وهؤلاء يخفونها ويقصونها بإبعادها تمامًا عن المشهد، وكأن الغناء حكر لهم وكأن مهرجاناتهم الغنائية مستعمرة ذكورية- أقرب لمستعمرة الجذام- مع الاعتذار لمرضى الجزام.. فيحرم على المرأة «على تلك الحشرة» دخولها.. وكيف يقبلون أو يرحبون بوجودها بينهم وهم يسبونها ويقذفونها وينعتونها بأقذر الألفاظ ويحتقرونها ويزدرونها أكثر وبكثير مما فعل فيها ومعها التيار السلفى!
فعلى من نطلق الرصاص الآن؟ وعلى من ندافع؟ هل ندافع عن حفنة من الذكوريين المحرضين المتحرشين المتباهين بفحولتهم المزعومة وتحرشهم وتصديرهم دومًا صورة الأنثى الشبقة التى تسعد بتحرشهم؟ هل نساعدهم على الترويج لزنا المحارم والتفاخر بمضاجعة الأم والخالة من الأمام ومن الخلف؟!
على من ندافع ونهدر وقتنا وطاقاتنا فى الدفاع المغرض ونطلق الصرخات والشجب والتنديد باسم حرية التعبير والإبداع؟
أين التعبير وأين الإبداع؟ هل السب والقذف إبداع؟ هل تحقير المرأة إبداع؟ هل ازدراؤها إبداع؟
هل إهانة الأنثى «الأم والخالة والابنة والزوجة» حرية رأى وتعبير وإبداع؟ وهل لو أبدع شخص ما فى وصف آخر بأنه «زنجى أسود» هل سيسمح له القانون الدولى ومواثيق حقوق الإنسان بذلك، أم سيحاسب بتهمة العنصرية وسيزج به فى السجن؟
وهل العنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء هى فقط المجرمة، أما العنصرية ضد المرأة فهى مباحة؟!
أليست أغانى المهرجانات تصدر عنفًا بل وعنصرية ضد المرأة تمتلئ وتمتزج بالكثير من التحقير والإهانات؟! فعن من ندافع؟ هل ندافع عن العنصريين والمجرمين المحرضين؟ هل حرية الرأى والتعبير والإبداع تتسق وتتوافق مع جرائم العنصرية؟! أم أن المرأة كائن ثانوى وهامشى وغير مهم، وازدراؤه وتحقيره وسبه واتهامه المجانى بالدعارة وانعدام الشرف جزء من المنظومة الذكورية والثقافة الشعبية، فلم ينتفض أحد من مدعى العلمانية والليبرالية لنصرة المرأة التى أهانها وسبها وقذفها مطربو المهرجانات؟!
أنتم تدافعون عن مجرمين ومحرضين يا سادة، وتتشدقون بحرية الرأى والإبداع والتعبير تمامًا، كما يتشدق السلفى بالدين والآخرة والجنة والنار والثواب والعقاب، فيقصى الأنثى ويراها مصدرًا للغواية، وأنها أخرجت آدم من الجنة، وأنها أصل الغواية، ويراها أيضًا أصل الشرور، ومنبعه من تدافعون عنهم الآن بكل ما أوتيتم من قدرة وفذلكة وسفسطة فارغة مدفوعة بهلاوس وهواجس الحريات وسقفها الذى ترونه قد ضاق بمنع المحرضين من جرائمهم العلنية، وتباهيهم بتوصيف وسرد استمتاعهم بزنا المحارم والتحرش بالفتيات، ومنعهم من نشر جرائمهم تلك على المسارح والنوادى والمنتجعات والشوارع ووسائل المواصلات.
عمن تدافعون؟! تدافعون عن الجناة من أجل هواجس الحرية، ولم تحركوا ساكنًا من أجل الضحايا من النساء اللاتى أُهنّ ونعتن بأبشع الأوصاف وألصق بهن أقذر الادعاءات الباطلة! أتصرخون الآن لمنع أغانيهم أو بعبارة أدق تصرخون لمنعهم من غنائها ونشر تباهيهم وغلوهم فى احتقار المرأة وسبها على المسارح وفى المنتجعات.
إن واقعة المهرجانات كشفت النقاب عن نفاق المتشدقين باسم الأخلاق والحياء والفضيلة وعرت لنا نواياهم ووجوههم القبيحة.. لنا قانون ودولة ونقابة تصحح المسار وتضبط إيقاع الإبداع فى بلادنا، ولكم نفاقكم وذكوريتكم وأصوليتكم التى تعرت ولم تعد مثار شك.