رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عكاشة للسفير الأمريكي: لم أكن أعرف أن آثار مصر معروضة للبيع

جريدة الدستور

يذكر عالم الأنثربولوجيا الدكتور أحمد أبوزيد في مقال له٬ أن العلاقة الوثيقة التي ربطت بين ثروت عكاشة والذي تحل اليوم ذكري رحيله الثامنة٬ والمفكر الفرنسي أندريه مالرو لعبت دورا في تيسير الأمور فيما يتعلق بمساعدة فرنسا في تنفيذ بعض مشروعات التنمية الثقافية في مصر٬ في فترة كانت العلاقات السياسية بين مصر وفرنسا مقطوعة نتيجة لحرب السويس٬ ما جعل عكاشة يقول أثناء إحدي المقابلات إن مالرو كان يعمل معه كما لو كان هو وزيرا للثقافة في مصر٬ وذلك في ضوء حجم تلك المساعدات وتلبية لرغبات ثروت عكاشة وتذليله لكل العقبات التي كان يمكن أن تقوم من الجانب الفرنسي إزاء تنفيذ بعض هذه المشروعات أو تلبية بعض تلك الرغبات.

وذكر لي عكاشة حكاية حدثت له مع أندريه مالرو وتكشف عن مدى عمق الصداقة بينهما من ناحية٬ ورقة مالرو من ناحية أخرى. ففي أثناء حديث بين الوزيرين ذكر عكاشة أنه لم يقرأ كتابا معينا من أعمال مالرو٬ وأنه لم يعثر عليه في مكتبات باريس٬ إذ كان الكتاب قد نفذت طبعته٬ وحين علم مالرو بهذا سارع فأرسل إليه في اليوم نفسه نسخته الخاصة ولم يكن يملك غيرها٬ وصدرها بإهداء:"كتاب ظهر منذ زمن بعيد ولم يتبق منه نسخة٬ وحسبي إنك تفضلت فذكرته".

وقد تولى عكاشة وزارة الثقافة في مصر قبل أن يصبح مالرو وزير للثقافة في فرنسا٬ ولذا فكثيرا ما كان الوزير المصري يداعب زميله الفرنسي بأنه أقدم منه في هذا المجال٬ وأن مصر عرفت قصور الثقافة التي أنشأها ثروت عكاشة قبل أن تعرفها فرنسا.

كما تشير المقالة إلى العلاقة الطيبة التي جمعت بين ثروت عكاشة و"رينيه ماهيه" مدير عام منظمة اليونسكو٬ وأن قدرته على الإقناع سهلت إلى حد كبير جدا٬ بتنفيذ المشروع الدولي الضخم الذي يعتبر قمة نجاح عكاشة في عمله كوزير للثقافة٬ ألا وهو مشروع إنقاذ آثار النوبة٬ الذي تم بالتعاون مع المجتمع الدولي نتيجة للأسلوب الراقي الذي قدم به عكاشة المشروع للرأي العام الدولي المثقف٬ وبمؤازرة السنيور"فيز وينزي".

يعرض أبوزيد لموقفين متعارضين لكل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إزاء مشروعات مصر الثقافية٬ فبينما أندريه مالرو يسارع في المشاركة في هذه المشروعات إيمانا منها بأهمية الثقافة في حياة المجتمع الإنساني٬ نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية٬ حين ترى آثار النوبة معرضة للغرق٬ أيام بناء السد العالي تسارع إلى عرض شراء بعض المعابد بالمال٬ بدلا من أن تسهم بهذا المال في إنقاذ تلك المعابد التي تعتبر في آخر الأمر تراثا ثقافيا للإنسانية جمعاء٬ مما يضطر ثروت عكاشة معه إلي أن يقول للسفير الأمريكي معاتبا: إنه لم يكن يعرف أن آثار مصر وتاريخها معروضة للبيع.