رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«موت وخراب ديار».. انعكاسات الأوبئة على الاقتصاد العالمي

تفشي الأوبئة والفيروسات
تفشي الأوبئة والفيروسات


أدى تفشي الأوبئة والفيروسات المستعصية إلى خسائر كبيرة في جميع المجالات، حيث احتل قطاعا الاقتصاد والسياحة قمة القطاعات المتأثرة بتلك الكارثة، وهو ما بدأ يظهر مع انتشار فيروس «كورونا» المميت، وانتابت الأسواق العالمية حالة من الهلع والفزع مع مخاوف تتعلق بالأخطار المحدقة بثاني أكبر اقتصاد في العالم (الصين) جراء انتشار الفيروس المميت.

ضحايا «كورونا»
وحذر تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية اليوم، من أن بورصة «وول ستريت» معرضة لأن تكون أكبر ضحايا «كورونا» مقارنة بمثيلاتها من أسواق الأسهم العالمية، نظرا لعمق وتشابك الروابط التجارية بين كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية ونظيرتها الصينية.

وعانت البورصة الأمريكية على مدار اليوميين الماضيين من خسائر حادة، متجهة لتسجيل أدنى مستوياتها منذ شهر أغسطس الماضي، تحت ضغط تزايد مخاوف المستثمرين من تحول كورونا لوباء عالمي في ظل سرعة انتشاره لدول خارج المنطقة الآسيوية خلال الفترة الأخيرة.

ولم يكن «كورونا» الوباء الأول الذي يهدد الاقتصاديات الدولية، ويؤدي إلى رفع البورصة العالمية لرايتها الحمراء بسبب الخسائر الفادحة.

فمنذ الإعلان عن اكتشاف الفيروس في منتصف شهر يناير الماضي، شهدت الأسواق الأمريكية والآسيوية والعربية تراجعا شديدا، إذ تراجع مؤشر شنغهاي بنحو 3% بعد يومين فقط من اكتشاف الفيروس، فيما هبطت أسعار النفط بنحو 2%.

ووفقا لمحطة «CNBC» الاقتصادية، فإن الفيروس أثر على معنويات المستثمرين حول العالم، وهو ما سيؤدي إلى توجههم نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب التي ينظر إليها كملاذ آمن للتحوط في أوقات الأزمات.

وهوت الأسهم الأوروبية للجلسة الخامسة على التوالي، فيما يخشى مستثمرون الأثر المتنامي لفيروس «كورونا» سريع الانتشار، وتراجع المؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 0.8 % بحلول الساعة 0813 بتوقيت جرينتش، ليسجل أول خسائر لـ5 أيام متتالية منذ يوليو 2019.

ووفقا لخبراء اقتصاد فإن الأثر الفوري لانتشار الفيروس في الصين، ظهر في صورة تراجع الطلب على وقود الطائرات بنحو 200 ألف برميل وكذلك الطلب على السفر في أحد أهم المواسم السياحية بالصين وهو رأس السنة الصينية.

جنون البقر
ظهر التهاب الدماغ الإسفنجي البقري أو ما يعرف بـ«جنون البقر» في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، وأدى إلى فرض الحظر من الاتحاد الأوروبي على واردات اللحوم البريطانية مع تفشي المرض استمر لنحو 10 أعوام.

وتسبب في انهيار سوق لحوم الأبقار، نظرا للشعور بالقلق من قبل المستهلكين بعد انتشار الوباء، الذي أثر على المزارع الأوروبية منذ عام 1986، فيما قلل المستهلكون شراء لحوم البقر، ما أسفر عن سقوط السوق وفي عام 1995 بلغ نصيب الفرد من استهلاك لحوم البقر في فرنسا 27.7 كيلو جرام، ما كان سببا في انخفاض المشتريات بنسبة 15٪ في عام 1996 وتصل إلى 25% (45% للأمعاء والأعضاء الداخلية للذبيحة) بعد إعلان الانتقال من جنون البقر إلى أنواع أخرى.
فيروسات الإنفلونزا
وتقدر دراسة لصندوق النقد الدولي التكلفة السنوية لانتشار الإنفلونزا بنحو 500 مليار دولار، أو ما يوازي نحو 0.6% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع العواقب المتعلقة بتراجع حجم إنتاجية العمل وحالات الوفيات المرتفعة.

وحتى مع انحسار حالات الوفاة قد تكون الخسائر الاقتصادية فادحة، إذ تشير الدراسة إلى أن العواقب الناجمة عن انتشار فيروس إيبولا في ليبيريا ورغم قلة حالات الوفاة، إلا أنها تسببت في انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنحو 8% في عامي 2013-2014.

وفي دراسة للبنك الدولي، فإن انتشار الأوبئة والأمراض يكلف الاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنويًا أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ويقول التقرير إن انتشار فيروس سارس بالعام 2003 قد تسبب في خسائر للاقتصاد العالمي تقدر بنحو 50 مليار دولار، فيما تسبب فيروس «ميرس» الذي انتشر في كوريا الجنوبية عام 2015 في تراجع حركة السياحة إلى البلاد بنحو 41%، واتجه البنك المركزي الكوري حينها لخفض الفائدة بشدة مع تأثر الاقتصاد الكلي جراء انتشار الفيروس.

 إنفلونزا الطيور
قدرت الخسائر الناتجة عن انتشار فيروس إنفلونزا الطيور خلال سنة واحدة ما يعادل 2% من الناتج الاقتصادي العالمي أو ما يقارب 800 مليار دولار، وتتنوع هذه الآثار، بعضها مباشر والآخر طويل الأمد يستمر لسنوات أو عقود.

وكلف مرض إنفلونزا الطيور الاقتصاد الآسيوي أكثر من 60 مليار دولار، بعدما شل الحركة في العديد من الدول الكثيفة السكان ودفع دولًا مثل الصين إلى إنفاق أموال طائلة بكل المرافق العامة وتوزيع الأقنعة على المواطنين، بالإضافة إلى شن حملة تطعيم واسعة، مع ما رافق ذلك من حرمان من عوائد السياحة وتقلص ساعات العمل وتأثر معدلات النمو والعمل والإنتاج.

وسجلت هونغ كونغ منذ العام 1997 أولى الإصابات بإنفلونزا الطيور عالية العدوى للبشر، وهي المرة الأولى التي يعثر فيها على حالة انتقال مباشر لإنفلونزا الطيور إلى البشر، ومنذ ذلك الوقت انتشر في أماكن عدة حول العالم، مثل فرجينيا بالولايات المتحدة في 2002 وهولندا في 2003 وفيتنام وتايلند في 2004.

إنفلونزا الخنازير H1N1
ظهرت إنفلونزا الخنازير عام 2009 عندما أعلنت حكومة المكسيك أن هذه الإنفلونزا قتلت عشرات الأشخاص في البلاد، وتصاعدت المخاوف الدولية من تحول هذا المرض إلى وباء عقب انتشاره وانتقاله إلى الولايات المتحدة.

وبالنسبة لفيروس إنفلونزا الخنازير، فإن الخسائر الاقتصادية المحتسبة لم تكن مالية مباشرة، لكنه أثر على معدل النمو العالمي،  وقلص الإنتاج وأسهم في تراجع السياحة العالمية.

فيروس سارس
أسفر انتشار فيروس «سارس» عن وفاة 774 حالة في جميع أنحاء العالم من نوفمبر 2002 حتى يوليو 2003، وكانت معظم حالات الوفاة في الصين وهونغ كونغ، خلال ذلك الوقت، تباطأ نمو الاقتصاد الصيني، ودخلت هونغ كونج في حالة ركود، وعانت مؤشرات الأسهم في كلتا السوقين من انخفاض حاد (بنسبة تفوق 10%) قبل الارتداد في وقت لاحق مع احتواء المرض.