رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقتل «المخلب الأسود» وقاعدة أمريكية.. ماذا يحدث في ليبيا؟

ماذا يحدث في ليبيا؟
ماذا يحدث في ليبيا؟

في تطور لافت لما يشهده الملف الليبي، غازلت حكومة الوفاق غير المعتمدة، الولايات المتحدة الأمريكية بإقامة قاعدة عسكرية بالبلاد لمواجهة ما زعمت بأنه "نفوذ روسيا المتزايد في إفريقيا"، بعدما أعلن "البنتاجون" عن خطة تقليص التواجد العسكري له في إفريقيا وإعادة تمركز قواتها، فيما رد "الحراك الاجتماعي" المتمثل في القبائل الليبية، بأن الشعب لن يرضى بالقواعد الأجنبية إلا على جثث أبنائه، تزامنًا مع تأكيد مصدر أمني ليبي، بأن قائد الغزاة الاتراك في ليبيا الجنرال خليل سويسال، قُتل خلال قصف الجيش الليبي أهدافًا في ميناء طرابلس الثلاثاء الماضي.


-الوفاق تستجدي أمريكا والأخيرة تتجاهل

قال وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، في تصريح لوكالة "بلومبرج"، مساء الجمعة، إن حكومته اقترحت استضافة قاعدة أمريكية بعد أن وضع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبير خططًا لتقليص الوجود العسكري الأميركي في إفريقيا، وإعادة تركيز عمليات النشر عالميًّا على مواجهة روسيا والصين، موضحًا أن إعادة الانتشار ليست واضحة بالنسبة لحكومته، مضيفا: "نأمل أن تشمل خطة الانتشار الأمريكي الجديدة ليبيا حتى لا تترك مساحة يمكن أن تستغلها روسيا، وإذا طلبت الولايات المتحدة إقامة قاعدة، فنحن لن نمانع؛ لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والحد من التدخلات الخارجية".

ولفت باشاغا، إلى أن القاعدة ستؤدي إلى الاستقرار في المنطقة، مشيرا إلى دعم روسيا لقوات القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر جزء من "استراتيجية أوسع" لزيادة نفوذها في القارة الإفريقية بأكملها.

وزعم: "الروس ليسوا في ليبيا فقط من أجل حفتر، بل لديهم استراتيجية أوسع في ليبيا وأفريقيا"، منوها إلى أن أهمية ليبيا في البحر المتوسط من حيث امتلاكها ثروة نفطية وساحلًا يبلغ طوله 1900 كيلومتر وموانئ "تتيح لروسيا أن تنظر إليها كبوابة لإفريقيا".

وحذر باشاغا، في ختام تصريحاته، من تدفق الأسلحة إلى ليبيا على الرغم من الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة، مضيفا بأن هذه الأسلحة قد تجد طريقها إلى مصر، إذ وصلت الأسلحة المهربة من ليبيا إلى تنظيم "داعش" الإرهابي في سيناء وقطاع غزة الفلسطيني، حسب ما نقلت صحيفة المرصد الليبية.

في المقابل، رد رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن "فزان" علي أبوسبيحة، على تصريحات باشاغا، في رسالة، مشيرًا فيها إلى أن استجداء حكومة الوفاق لأمريكا بزريعة مواجهة التغلغل الروسي في المنطقة، لا يمكن إلا أن يترجم تمسك الوفاق بالكرسي ولو على حساب السيادة الوطنية لليبيا، محذرًا إياه من آثار هذه التصريحات وما يترتب عليها، لأنها ستكون مثار مسائلة له.

وأضاف أبوسبيحة في رسالته، أن الوطن ليس محلا للبيع أو الرهن أو الإيجار، بل هو ملكية مقدسة لجميع الشعب الليبي، دفع ثمنه دما على مدار التاريخ، مذكرا بأنه الشعب الذي ناضل من أجل إخراج القوات الأجنبية من أراضيه وهو أعزل من السلاح، مستطردا: "فلا يرضى اليوم بحال من الأحوال أن تعود إليه ولو عبدت مدرجات هذه القواعد بجثث أبنائه"، مؤكدًا له بأن جميع تصرفات حكومتكم "الوفاق" قابلة للطعن.

ولفت رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية، إلى أن هناك سابقة في قضاء المحكمة العليا ببطلان بعض قرارت حكومة الوفاق، مشددًا على أن الوفاق حكومة انتقالية ولفترة مؤقتة وبصلاحيات محدودة، ولايجوز لها إبرام معاهدات أو اتفاقيات دولية خاصة فيما يتعلق بالأمور التي تمس السيادة الوطنية.
- الجيش الليبي يدعو لتحرك دولي حقيقي

بالتزامن، شكك الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، في قدرة المبعوث الأممي غسان سلامة على إجبار الميليشيات الموجودة في طرابلس بتطبيق اتفاق جنيف، حيث قال إن الميليشيات هي التي تسير الأمور في العاصمة، وتسيطر على مراكز القرار بالنسبة للمجلس الرئاسي للوفاق برئاسة فايز السراج، وبالتالي يصعب تطبيق أي اتفاق يتم التوقيع عليه في جنيف.

وأضاف المسماري، خلال تصريحات جديدة له، أن "سلامة" دائما ما يقول أن مسار جنيف يتجه نحو مساره الصحيح ولكن على الأرض الأمور غير ذلك على الإطلاق، مؤكدا أن الرئيس التركي رجب أردوغان اعترف بدعمه للإرهاب، وهو ما يعكس أنه راعي الإرهاب في المنطقة، ويؤمن الملاذات الآمنة للمجموعات الإرهابية وقياداتها.

واعتبر المسماري اعتراف أردوغان صراحة بأن جنوده متواجدين في ليبيا وأنهم نقلوا مئات المرتزقة والإرهابيين من مختلف الجنسيات من سوريا إلى طرابلس، يرمي الكرة في ملعب المجتمع الدولي للتصرف، مشيرًا إلى أن خسائر مرتزقة أردوغان كبيرة على الأرض، سواء في طرابلس أو مصراتة أو سرت، وأنه مؤخرًا سقط في ضربة ميناء طرابلس شخصية من قيادات المجموعات الإرهابية التي لها وزن في تركيا.
-مقتل المخلب الأسود في طرابلس

وفي السياق، تحدثت أنباء محلية متداولة، عن مقتل الجنرال التركي خليل سوسيال عضو هيئة أركان الجيش التركي وقائد القوات التركية في ليبيا، إثر إصابته في قصف شنته مدفعية الجيش الوطني على سفينة كان على متنها بميناء طرابلس، وبحسب المعلومات، التي جرى تداولها نقلا عن حسابات تركية على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، فقد أصيب الجنرال التركي الملقب بـ باسم "المخلب الأسود"، بجروح خطيرة في القصف يوم 18 فبراير الجاري، قبل أن يلقى حتفه في بلاده بعد أن نقل إليها للعلاج.

كما نقلت الصحف المحلية أيضًا عن مصدر أمني ليبي، أن الجنرال خليل سويسال قُتل خلال قصف الجيش الأخير الذي طال أهدافًا في ميناء طرابلس، مشيرًا إلى أن القصف أسفر أيضا عن مقتل 3 عناصر بقوات حكومة الوفاق غير المعتمدة، إضافة إلى ضابط تركي ومترجم سوري.

وكان الرئيس التركي قد اعترف بعد نفي استمر قرابة الشهر، صباح السبت في كلمة له بمدينة إزمير، بمقتل عدد من العسكريين الأتراك في ليبيا، لكنه لم يذكر أي من أسماء القتلى أو رتبهم العسكرية، وبعد نفي استمر أشهرًا.

وعلى صعيد ذي صلة، أعلن مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي خالد المحجوب، في تصريحات لشبكة "روسيا اليوم"، مقتل 16 عنصرا من الجيش التركي على يد القوات المسلحة، مضيفًا: "ونعد الرئيس التركي بالمزيد".
- استنفار للجيش الليبي لتنفيذ عمليات جديدة

من جهة أخرى، أعلنت ما تسمى بالغرفة الأمنية لمدينة "زوارة"، التابعة لحكومة الوفاق، حالة النفير العام لمواجهة قوات الجيش الوطني في هذه المنطقة، مطالبة في بيان نشرته على صفحتها في موقع التواصل"فيسبوك"، بالتجهيز للمواجهة استعدادا لعملية عسكرية يمكن أن يطلقها الجيش الليبي في هذه المنطقة.

ونقلت صحيفة المرصد الليبية وصحف محلية أخرى عن آمر الغرفة الأمنية المشتركة في مدينة زوارة، تأكيده برفع درجة الاستعداد والتأهب وإعلان حالة النفير والتعبئة العامة في المدينة ومناطق أبي كماش ورأس جدير، كاشفًا عن رصد مكالمات هاتفية تفيد بأن الجيش يحشد ويعتزم تنفيذ عمليات عسكرية لتحرير تلك المناطق.

ويأتي كل ما سبق، في وقت يواصل وفدا الجيش الوطني وحكومة الوفاق مباحثات وقف إطلاق النار في إطار اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" في مقر الأمم المتحدة في جنيف.

وتعد المباحثات العسكرية أحد المسارات الثلاثة التي خرجت من مؤتمر برلين الدولي الذي انعقد 19 يناير الماضي، ويرتقب بعد الانتهاء منها البدء في المسار السياسي الأربعاء المقبل الموافق 26 فبراير المعروفة بـ"لجنة 40"، والتي يشارك بها 13 ممثلا عن مجلس النواب ومثلهم من ما يسمى بالمجلس الأعلى للدولة، و14 شخصية مستقلة يختارها المبعوث الأممي غسان سلامة؛ بهدف تحقيق نوع من التوازن في الحوار السياسي الذي يسعي الى حل الأزمة بإجراء انتخابات رئاسية.