رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السفير الكويتي: علاقتنا مع القاهرة أساسها «المرجلة» (حوار)

السفير محمد صالح
السفير محمد صالح الذويخ


قال السفير محمد صالح الذويخ، سفير دولة الكويت فى القاهرة، إن العلاقة بين الكويت ومصر تقوم على «المرجلة» والحكمة والتقدير المتبادل، مشيرًا إلى التوافق التام بين البلدين فى كل القضايا، فى ظل العلاقة المتميزة التى تجمع بين قيادتيهما. وأضاف السفير الكويتى، خلال حواره مع «الدستور»، أن ما تحقق فى مصر على المستوى الاقتصادى فى السنوات الخمس الماضية لم يتحقق خلال نصف قرن، مشيدًا بالجهد الذى يبذله الرئيس عبدالفتاح السيسى من أجل تذليل كل العقبات أمام المستثمرين، والعمل على النهوض بالبلاد. وأشار إلى أن مصر دولة غنية بشكل لا يمكن أن تصفه الكلمات، خاصة أن وعيها الثقافى تشكل على أيدى كتابها وأفلامها وثقافتها منذ الطفولة، معربًا عن أمله فى تجاوز كل ما يعرقل العمل العربى المشترك، خاصة الأزمة الخليجية التى تبذل بلاده جهودًا كبيرة لاحتواء الخلافات حولها.

■ بداية.. كيف ترون تطورات القضية الفلسطينية بعد طرح خطة السلام الأمريكية مؤخرًا؟
- نحن فى الكويت نقدّر الإدارة الأمريكية، لكن يجب أخذ الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة فى الاعتبار من أجل تحقيق التوازن فى الخطة، فالقضية الفلسطينية هى قضية العرب الأولى والأساسية، وكل الأمة العربية معنية بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق، وكلنا نأمل فى أن تجد حلًا عادلًا يحصل بموجبه الإخوة الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة.
■ ألقى رئيس مجلس الأمة الكويتى مرزوق الغانم بالخطة الأمريكية فى سلة المهملات.. فهل تسبب ذلك فى حرج الكويت أمام واشنطن؟
- لا أعتقد.. فالسيد مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتى، عبر عن رأيه العربى بشكل واضح أمام جلسة البرلمان العربى، لكن ذلك لم يتسبب فى أى حرج للكويت.
■ ما آخر التطورات فى المساعى الكويتية لحل الأزمة الخليجية؟
- ما زلنا مستمرين فى جهودنا لاحتواء الخلاف، ولم نيأس فى مساعينا الحميدة لرأب الصدع، وفقًا للسياسة الحكيمة للأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، وإن شاء الله لن يطول الخلاف، خاصة أن أى خلافات تعرقل العمل العربى المشترك، وتهدد منظومتنا العربية.
ونحن حزينون جدًا لما آلت إليه الأمور فى سوريا وليبيا والعراق، وبعض الدول الأخرى، ونرى أن كل ذلك يؤثر سلبًا على العمل العربى المشترك، لكننا ما زلنا نأمل أن يعم الأمن والسلام أمتنا العربية.
■ كيف تقيمون دور جامعة الدول العربية فى الوقت الراهن؟
- جامعة الدول العربية تقوم بجهد كبير وشاق فيما يتعلق بالمهام المنوطة بها، فيما يخص مسيرة العمل العربى المشترك، وكان الله فى عون الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، وكل زملائه، فى ظل ما يبذلونه من جهد كبير لتحسين بيئة العمل العربى.
■ ما آخر التطورات فى الأوضاع الداخلية بالكويت فى ظل التعديلات الوزارية الأخيرة؟
- الأوضاع فى الكويت جيدة جدًا، فنحن متحدون ومتماسكون، والأمور لدينا لا تصل أبدًا إلى حد الخلافات والصدامات كما يتوهم البعض، وبفضل حكمة صاحب السمو أمير الكويت تظل الأمور عادية ويجرى احتواء كل شىء.
■ كيف ترون طبيعة العلاقات بين مصر والكويت فى ظل العلاقة المتميزة التى تجمع بين قيادتى البلدين؟
- الكويت فى قلب مصر، ومصر فى قلب الكويت، وهذه ليست عبارة يرددها المسئولون المصريون أو الكويتيون فى المحافل الإقليمية والدولية، لكنها عقيدة راسخة فى قلب وعقل القيادتين السياسيتين فى البلدين الشقيقين، خاصة فى ظل العلاقات القوية والتاريخية بين بلدينا، والتى ازدادت رسوخًا ومتانة فى ظل رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح.
وهناك تفاهم كبير فى جميع المجالات ومختلف الأمور بين القيادتين اللتين تربطهما علاقة أخوية واعتزاز وتقدير واحترام ومحبة، فى ظل التواصل والتفاهم المستمر حول كل القضايا التى تجمع البلدين.
وأؤكد أن الكويت لن تتأخر على مصر فى أى شىء، كما أن مصر لا تتأخر على الكويت، ولا أتحدث هنا عن المال فقط، بل أقول على الطريقة المصرية إن العلاقة بين البلدين تقوم على الحكمة و«المرجلة».
وهذا الأمر يسهل إدراكه فى لقاءات مسئولى البلدين، والأمر ليس امتنانًا بل تقديرًا يربط الجانبين، ورؤية صاحب السمو أمير الكويت لمصر تقوم على الدعم والمساندة فى كل المجالات.
■ كيف ترون جهود الإصلاحين السياسى والاقتصادى اللذين تقوم بهما مصر حاليًا؟
- وفق رؤيتى الشخصية فإن ما تحقق فى مصر، خلال السنوات الخمس الماضية، لم يتحقق مثله فى نصف قرن، وهذا يدل على جهد يقف وراءه رجال مخلصون مؤمنون بقدراتهم وبهذا البلد الكبير العزيز.
ونحن، فى الكويت، من أشد المعجبين بالخطوات الإصلاحية التى أجرتها الحكومة المصرية لتحسين الاقتصاد وتحديث مفاصل الدولة، كما نشيد، دائمًا، بالجهد الذى يبذله فخامة الرئيس السيسى من أجل تذليل العقبات أمام المستثمرين، والعمل على النهوض بمصر الكبيرة والشقيقة.
وأتصور أن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ مشروعات واسعة تخدم قطاع الشباب، عبر دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو قطاع يحقق إنتاجية عالية ويسهم فى النهوض بالشباب وتحقيق الاستقرار، وبالإضافة إلى ذلك فهناك العديد من المشاريع لدعم المرأة، بما يحقق الاستقرار للأسرة البسيطة.
■ التقيتم منذ أيام رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى.. فما أهم القضايا التى تناولها اللقاء؟
- تشرفت بلقاء الدكتور مصطفى مدبولى، وتبادلنا الحديث حول تنمية وتعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وناقشنا عددًا من القضايا، من بينها انعقاد اللجنة المشتركة فى دورتها الـ١٣، بما يصب فى مصلحة تنمية العلاقات بين البلدين، خاصة أن هذه اللجنة أسهمت بشكل كبير فى تعزيز وتطوير العلاقات فى جميع المجالات، كما عززت من فرص الاستثمار.
■ هل ناقشتم أى قضايا تخص الشأن الإقليمى؟
- لا، النقاشات لم تتناول أى قضايا تتعلق بالوضع السياسى فى المنطقة، خاصة أن الرؤية الكويتية تتوافق وتتطابق مع نظيرتها المصرية فى معظم هذه الملفات.
■ ما المشروعات الجديدة المرتقب أن تبدأ الكويت تنفيذها فى مصر فى الفترة المقبلة؟
- المناخ فى مصر فى الوقت الراهن أصبح إيجابيًا بشكل كبير، خاصة بعد إقرار قانون الاستثمار، الذى أسهم بالفعل فى جذب العديد من المستثمرين من القطاع الخاص، لذا هناك رغبة حقيقية واهتمام شديد من المستثمرين الكويتيين فى اكتشاف واستشراف الفرص الاستثمارية فى مصر.
ومنذ أيام، وقع الرئيس السيسى على قرض بقيمة ٤٠ مليون دينار كويتى لتمويل مشروعات نقل الكهرباء، كما قدمت الكويت منحة إلى مصر بقيمة مليون دولار لمحاربة الجراد، وسيجرى التوقيع، خلال الأيام القليلة المقبلة، على اتفاقية مشتركة لدعم وتنمية بعض المشروعات فى سيناء، بقرابة ١٥ مليون دينار.
ونحن فى السفارة الكويتية نعمل على تعزيز التواصل بين البلدين، وتذليل كل العقبات أمام المستثمرين، ومن المتوقع أن تشارك أكثر من ٥٠ جهة كويتية فى أعمال اللجنة المشتركة مع نظيراتها فى مصر، وسيضم الوفد الكويتى عددًا من رجال الأعمال من القطاع الخاص، وأتصور أن المستثمرين مهتمون كثيرًا بمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة.
ونحن نضع، حاليًا، اللمسات الأخيرة لعدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التى ستوقع على هامش انعقاد اللجنة، ومن أهمها توقيع اتفاقيات فى الاتصالات والآثار والتجارة، وكذلك اتفاقية فى مجال تعزيز اللجان الفنية الاقتصادية.
■ هل يواجه المستثمرون الكويتيون أى عقبات فى مشروعاتهم بمصر؟
- أى عمل يمكن أن يواجه مشكلات وعراقيل، لكننا والحمد لله نجد الأبواب فى مصر مفتوحة لحل كل المشكلات، وهذا ما حدث بالفعل مع عدد من المستثمرين، وأؤكد مرة أخرى أن المناخ الاستثمارى فى مصر يشهد طفرة حقيقية، وهناك نقلة جدية لتأمين مصالح المستثمر فى المقام الأول، وهذا ما يمنح المستثمر راحة فى التعامل وثقة فى تأمين مشروعاته.
■ ماذا عن مشروعات الصندوق الكويتى للتنمية فى سيناء؟
- الصندوق الكويتى للتنمية يولى اهتمامًا كبيرًا بمشروعاته فى مصر، لذا فلدينا مشروعات استثمارية مهمة فى سيناء، بلغت قيمتها الاستثمارية نحو ٣ مليارات دولار، وبعضها انتهى تنفيذه العام الماضى.
ولدينا خطة أخرى من أجل دعم وتنمية مدينتى رفح وبئرالعبد، بالإضافة إلى تطوير الطرق والمواصلات، كما يمول الصندوق مشروعات أخرى فى مصر فى مجالات النقل البحرى وصناعة الأدوية والصرف الصحى ومحطات الكهرباء والمياه وتوسيع شبكات الغاز الطبيعى، علاوة على تطوير السكك الحديدية.
■ ماذا عن المشروعات فى قطاع السياحة؟
- منذ أيام، وقعت «مجموعة الخرافى» عقود تنفيذ مشروعات فى «بورت غالب»، وهناك العديد من المشروعات الأخرى فى هذا المجال، خاصة أن قطاع السياحة المصرى له عوائد مغرية، خاصة فى مجال إنشاء المنتجعات السياحية.
كما أن أعداد السائحين من دولة الكويت إلى مصر تتراوح بين ١٣٠ و١٦٠ ألف سائح فى العام، وهذا رقم ضخم جدًا نظرًا لعدد سكان الكويت، ومع ذلك ما زلنا نطالب بتوفير سعة أكبر بالطائرات من أجل نقل الراغبين فى زيارة مصر.
■ ماذا عن المشروعات الثقافية بين البلدين؟
- هناك اتفاقيات موقعة بين البلدين الشقيقين فى إطار التبادل الثقافى، ونعد حاليًا فى السفارة الكويتية لإقامة أسبوع ثقافى كويتى فى مصر.
كما أن مصر من بين الوجهات الخارجية المفضلة لبعثات الطلاب الكويتيين، الذين تزيد أعدادهم على ٢٠ ألف طالب، والكويتيون ليسوا غرباء عن مصر، والتبادل الثقافى والدينى والتعليم بدأ بين البلدين الشقيقين منذ عشرينيات القرن الماضى.
ومصر استقبلت كوكبة من طلاب العلم من الكويت منذ عشرينيات القرن الماضى، وأول طالب كويتى تلقى تعليمه فى مصر عام ١٩١٣، وهذه الأعداد ازدادت مع الوقت، ومع إنشاء بيت الكويت فى ثلاثينيات القرن الماضى، ليكون الجهة المسئولة عن استقبال الطلاب الكويتيين فى مصر، وكان نواة للعلاقات السياسية الجيدة طيلة الوقت.
ويمكن القول إن العلاقات السياسية المصرية الكويتية بدأت فى مجال التعليم عبر إرسال الطلاب الكويتيين للدراسة، سواء فى الأزهر أو فى الجامعات المصرية منذ بدايات القرن الماضى، ما كان سببًا فى تجذرها وتشعبها.
والأمور الخاصة بالكويتيين فى مصر مستقرة، وعندما تحدث مشكلات تتدخل السلطات المصرية والسفارة لحلها، وعادة لا تكون المشكلات كبيرة.
■ ماذا عن أحوال المصريين فى الكويت؟
- الكويت بلد قانون ومؤسسات، وأى مصرى يتعرض لمشكلة يأخذ حقه، وكل مشكلة يمكن احتواؤها، وعندما تعدى أحد الكويتيين بالضرب على أحد المصريين أنصف القضاء المجنى عليه ونال الجانى حكمًا رادعًا.
وهذا النوع من المشكلات طبيعى، فنحن نتحدث عن ٢٢ ألف طالب كويتى فى مصر، و٦٠٠ ألف مصرى فى الكويت، لذا فالسلطات تتدخل لحل كل المشكلات واحتوائها.
■ إذا انتقلنا لجانب آخر.. هل تتذكر أول زيارة شخصية لك إلى مصر؟
- مصر ليست غريبة على الكويت، فهى موجودة فى أذهاننا ووجداننا وهى قبلة الثقافة والأدب والفنون والريادة فى كل شىء، وأتذكر أنى زرت مصر طفلًا، وكان ذلك فى سبعينيات القرن الماضى، فى زيارة أسرية رأيت فيها عددًا من الأماكن الخلابة، مثل برج القاهرة والأهرامات وحى الحسين وخان الخليلى والمسارح، التى أتمنى أن تعود إلى سابق مجدها، وكان الجميع وقتها يحب أن يحضر حفلات أم كلثوم، والمطربين الكبار فى هذا الزمن الجميل.
■ من أكثر المطربين المصريين الذين تفضل الاستماع إليهم؟
- أنا من عشاق زمن الفن الجميل، وأحب أن أستمع لكوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، وعبدالمطلب، وسيد درويش.
■ ماذا عن الأفلام؟
- أنا من عشاق أفلام الأبيض والأسود، وتقريبًا لا أشاهد غيرها، والفيلم الذى أحبه كثيرًا هو «إشاعة حب»، كما أحب «الزوجة الثانية» لسعاد حسنى، و«الحرام» لفاتن حمامة، و«الأرض» للمخرج يوسف شاهين، و«رصيف نمرة ٥»، وكل أفلام الفنانات فاتن حمامة وسعاد حسنى وهند رستم.
■ من تحب من الكتاب المصريين؟
- أحب جميع الكتاب المصريين، وكان أول كتاب أقرأه فى حياتى هو ثلاثية نجيب محفوظ، التى شكلت وعيى الثقافى، وكذلك «قنديل أم هاشم»، ليحيى حقى.
وأتذكر أننى كنت أسرق بعض الكتب من أختى التى كانت تحب إحسان عبدالقدوس، لأقرأها، كما كنت أحب القراءة لطه حسين والعقاد ويوسف إدريس، الذى ارتبطت به بصداقة منذ تعرفت عليه عام ١٩٨٥، وأهدانى الكثير من الكتب، لذا فإن الثقافة المصرية هى التى شكلت وجدانى فى الأدب والمسرح والسينما.
■ خدمت فى مهمات دبلوماسية بعدة دول.. فما الفارق بين كل منها؟
- أول رئاسة بعثة توليتها كانت فى المملكة العربية السعودية ومن ثم أصبحت سفيرًا فى السنغال، وبعدها سفيرًا فى المغرب وبعدها الصين ثم مصر، والحقيقة أن لكل دولة من هذه الدول بصمة وثقافة.
وللأمانة فإن الصينيين جعلوا من بلادهم قوة اقتصادية عملاقة، رغم أنهم كانوا قبل ٣٠ سنة تحت خط الفقر، لكنهم نجحوا فى ذلك، من خلال تبنيهم مشروعًا إصلاحيًا.
كما أن المغرب بلد عربى شقيق وجميل جدًا ولديه موروث تاريخى وثقافى كبير، والسنغال من أجمل البلدان التى عملت بها، لأن شعبها مسالم وطيب، أما مصر فهى غنية بشكل لا أستطيع أن أختصره فى كلمات.