رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أول نحات حركي في مصر: «نفسي الفن يوصل لكل الناس» (فيديو)

جريدة الدستور

"البعد الحركي... دعوة لاكتشاف الآخر"، لافتة صغيرة علقت على باب يرقد خلفه عماد عادل توفيق، أول من أخرج المنحوتات الصامتة إلى الحركة لتوصل رسالتها، وتخبر العامة بالحالة الشعورية لها، فهناك مهرج بائس تقوده مشاعره إلى الهاوية، بحركته البسيطة يخرج ما في قلبه إلى المشاهد من خلال جهاز بسيط لرسم القلب.

رجل وفتاة تشابكت أيديهما معًا، ليلتقيا في إحدى الحدائق بعد غياب طويل، فتتراقص قلوبهما بين صدورهما، وخلفهما تمامًا يرقد أشهرعازف في تاريخ الموسيقى الكلاسيكية، السمباطي، ذاك الذي كان الذراع الأيمن لكوكب الشرق، وبرفقته عدد من أعضاء الفرقة، ليعزفوا على الآلات الموسيقية، لحن الحب الذي ذاع صيته.

فيما أمسكت إحدى المعلمات كتابها لتعصر ذاك الخروف الذي وضع بين شقي الرحى ليمثل الطالب الذي يستنجد بالجميع لإغاثته من هذا المجزر، إلى جوارهم يجلس رجلان أحدهما يتكلم والآخر يرفض الإنصات، تحركهما دوافعهما داخلية، هناك من يصفق من بعيد لكل هذا النشاط الذي دب بشكل مفاجئ في تلك القطع الصامتة.

"الفن الشعبي والنحت الحركي هما وجهان لعملة واحدة"، هكذا قال عماد عادل، شاب في عقده الثالث، خريج كلية الفنون الجميلة دفعة 1992، اهتم بالنحت بشكل خاص، وجعله مشروع حياته،موضحا أن الفن الشعبي صورة مصغرة من النحت الحركي "الميكانزم"، لأن الأول لا يحتاج لتلك العقد والتصميمات الهندسية كي يكون عن النحو المرجو، لافتا إلى أن هذا الفن ذاع صيته منذ العصر الفرعوني إلا أنه اندثر مع ظهور اللعب الصينية.

شارك فنان النحت الحركي في عدد من المعارض المحلية والدولية، بتلك المنحوتات وعرائس المارونت، أوضح عماد، أن ورشته الصغيرة التي تقع في مساكن الزيتون، بمنطقة جسر السويس، التابعة لمحافظة القاهرة، لا يشاركه أحد في العمل بها، وحده من يبدأ العمل وهو من ينهيه ليعرضه في سوق الفسطاط، معلقًا "الفنان لا يمكنه إيصال ما في مخيلته إلا من خلال الفن لذلك لا يوجد من يعمل معي في مصنعي الصغير".

تبدأ الفكرة تتوارد على ذهن عادل وهو هائم على سريره، الذي قرر نقله إلى جوار طاولة التصنيع، ليكون على مقربة من أوراقه وأقلامه، بمجرد أن تطرأ فكرة على مخيلته حتى يفزع من نومه ليرسمها على الورق قبل أن ينساها، لينتقل بعدها إلى تقطيع الخشب صانعًا الجزء المنحوت، ويليه صندوق "الميكانزم"- ميكانيكا الحركة، الذي يتكون من مجموعة من التروس والأدوات الصغيرة التي يمكن تحريكها بذراع صغير.

"المنحوتات بإمكانها الحديث"، كلمات طالما تكررت على لسان عماد، رافضًا شعار الفنانين المعروف الذي يعلق تحت فنهم ممنوع اللمس أو الاقتراب، سامحًا لكل الوافدين على ورشته بلمس المعروضات حتى يتثنى لهم الاستماع إلى صوت المنحوتات، لتخبرهم بما تخفيه في جعبتها من مشاعر إنسانية يخشى الإنسان أن يخرجها إلى النور، معقبًا الحركة هي لسان الفن الصامت الذي يتحدث به.

حاول فنان النحت الحركي، أن يجذب إليه كل الفئات العمرية المختلفة، إذ أنه يصنع لعب الأطفال، وكذلك التحف المختلفة، هدايا عيد الحب، غيرها من التحف الفنية المتحركة – الميكانزم، كما أنه راعى الطبقات الاقتصادية المختلفة، التي تتنوع قدرتها المادية، موضحًا "أسعارنا تبدأ من ستين جنيها لتصل إلى حوالي سبعة آلاف جنيه" مؤكدًا أن السعر يحدد على حسب الجهد المبذول في القطعة.

تكمن أحلام عماد في أمرين، أولهما أن يتم تقدير فن النحت الحركي – الميكانزم، أما الأمر الثاني إنشاء أول متحف لفن الميكانزم في مصر، معلقًا "نفسي الفن يوصل لكل الناس".