رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مش كل القواعد قواعد



إيه العلاقة بين أمور اللغة العربية والأحرف السبعة لـ القرآن، إحنا فى اللغة العربية نعرف الفاعل مرفوع ولّا منصوب؟ أحط همزة تحت الألف ولّا لأ؟ نفرق أخوات كان من أخوات إنّ، كدا يعنى، إيه اللى ودّانا لـ «أحرف القرآن»؟
أقول لك، أحب أحكى لك أولًا قصة زميلى بشندى، حكيتها قبل كدا بس أكيد نسيتها، فـ بسرعة كدا، دا واحد زميلى فى الفصل، أثناء المرحلة الإعدادية، بـ أسأله:
من القائل: لكل فعل رد فعل، مساو له فى القوة، ومضاد له فى الاتجاه، فـ جاوبنى:
سيدنا عمر بن الخطاب.
وقتها ضحكت، لـ إنى اعتبرتها إجابة غبية، لما كبرت، فكرت شوية فى الحكاية دى، لقيت إنه فعلًا الإجابة ساذجة، إنما السؤال أكثر سذاجة بـ كتير، ليه؟
القواعد يا صديقى، أى قاعدة فى أى حاجة فى أى موضوع، مش كلها زى بعضها، مثلًا: «المعدة تهضم الطعام والقلب يضخ الدم» دى قاعدة. «أنتينال يطهر الأمعاء» دى كمان قاعدة، «المعدة بيت الداء، وما ملأ آدمى وعاءً شرًا من بطنه» دى كمان قاعدة. إنما دى مش حاجات زى بعضها.
الأولى بـ تقول لك كيف يعمل جسم الإنسان، محدش قرر كدا، دى «طبيعة» جسم الإنسان، التانية بتاعة الأنتينال، دى مش طبيعة جسم الإنسان، دا فيه شركة ما، عملت تركيبة ما فى المعمل، بـ غرض التدخل فى طريقة عمل الأمعاء، بـ ما يريح صاحبها. «المعدة بيت الداء» دى مش قواعد أوى، دى ملاحظات مبدئية، مصاغة بـ شكل بلاغى، لكن لا تتوفر فيها الشروط اللى تخليها «قاعدة علمية»، فـ مش كل الفندام فندام، ولا كل القواعد قواعد.
أنا وصديقى بشندى كنا بـ نلعب لعبة الأقوال المأثورة، مثلًا:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى... حتى يراق على جوانبه الدم
دى قاعدة، لكن إيه اللى جاب هنا «لكل فعل رد فعل...»، دى حاجة تانية خالص.
أهى هى دى مشكلة «قواعد» اللغة العربية، إنه الناس مش قادرين يفرقوا بين «قاعدة»، بـ معنى إنه الناس يفعلون هذا فى كلامهم، بـ صورة طبيعية، ونحن فقط نكتشف ماذا يفعلون. وبين قاعدة بـ معنى حد اخترعها اختراعًا، لـ ضبط الأمور أو تسييرها أو تيسيرها.
نتيجة الخلط دا فيه افتراضات، زى إنه العامية مالهاش «قواعد»، بس الفصحى ليها «قواعد»، ودى حاجة بـ تخلينى أشد فى ما تبقى من شعرى، أو زى إنه فيه «عامية» وفيه «فصحى»، وكل «قواعد» الفصحى تمثل «طبيعة» الجسد، لـ إنها بـ تمثل لنا كيف كان العرب يتكلمون، ولـ إنه بـ الطبع القرآن «من الناحية اللغوية» هو درة تاج هذه العربية الفصحى، إذن فـ هو الاستخدام الأمثل ليها.
لا يا جماعة، الحكاية مش كدا خالص خالص خالص، شفنا إنه العرب ما كانوش بـ يتكلموا لغة واحدة، دا ما حصلش فى أى لحظة من اللحظات، لغات كتيرة مختلفة جدًا، تصل المسافة بينها إلى حد عدم الفهم الكامل أحيانًا.
ثم حدثت محاولات لـ اختراع لغة واحدة، افترضوا إنها أصل هذه اللغات، فـ نتج عنها لغات مصطنعة، المسافة بينها أقل كتير من المسافات بين لغة كل قبيلة، لكنها لم تصل إلى النسخة الواحدة، حتى جاء الإسلام.
فـ كان طبيعى نسأل عن «لغة القرآن»، وشفنا حكاية الأحرف، اللى بـ تخلى سؤال «إيه لغة القرآن»، سؤال عبثى ساذج، لـ إننا أمام نص مفتوح، قابل لـ الرواية بـ أشكال مختلفة، على الأقل فى بعض أجزائه، وعندنا كلام واضح عن إمكانية روايته.
طبقًا لـ المتلقى مش المصدر. وحتى لو إحنا مش عارفين إيه هى الأشكال دى، تبقى أشكالًا مختلفة.
طيب منين جه الاعتقاد بـ إننا أمام نص مغلق، لـ درجة اعتباره «النموذج» لـ اللغة؟.
دا محتاج مقالات تانية.
فـ ابقوا معنا.