رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إرهابى بدرجة وزير!


هنا، فى هذا المكان، أشرنا إلى حسن الشافعى مرتين، الأولى: تحت عنوان «تفاحة آدم.. وموزة القرضاوى»، فى ١٢ يونيو ٢٠١٧. والثانية: فى ٢٥ نوفمبر من السنة نفسها، وكان عنوان المقال «هروب رباعى من اتحاد القرضاوى». وفى المقالين تناولنا الدور الذى لعبه، ولا يزال، ما يوصف بـ«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، اتحاد القرضاوى، أو الاتحاد الذى أنشأته وتديره وتستعمله العائلة الضالة التى تحكم قطر بالوكالة.
فى المقال الأول، أشرنا إلى أن مجلس أمناء ذلك الاتحاد، يضم محمد عبدالمنعم البرى، مفتى الإخوان، فهمى هويدى، محمد سليم العوا، عمر عبدالكافى، وحسن الشافعى. وفى المقال الثانى توقفنا عند قيام الموقع الرسمى للاتحاد بحذف أربعة أسماء من قائمة مجلس أمنائه، فور قيام دول الرباعى العربى بإدراجه على قوائم الكيانات الإرهابية. ومن بين هؤلاء، لم يكن يعنينا غير الأخير، حسن الشافعى، لشغله عدة مواقع رسمية، إذ كان رئيس المكتب الفنى لشيخ الأزهر، ثم مستشارًا لفضيلته، كما كان يرأس، ولا يزال، مجمع اللغة العربية بالقاهرة!.
مجمع اللغة العربية، بحسب قانون إنشائه، هو هيئة علمية مستقلة، ذات شخصية اعتبارية لها استقلال مالى وإدارى وتتبع وزير التعليم. والأهم، هو أن رئيس المجمع يجمع بين سلطتين تنفيذيتين: الاختصاصات والسلطات المُخَوَّلة لدرجة وزير، فيما يتعلق بالعاملين الإداريين بالمجمع. والاختصاصات والسلطات المُخَوَّلة لرئيس الجامعة، فيما يتعلق بالعاملين الفنيين.
منذ تأسس ذلك المجمع، سنة ١٩٣٢، إلى سنة ٢٠١٢، تتابع على رئاسته ست قامات: محمد توفيق رفعت، أحمد لطفى السيد، طه حسين، إبراهيم مدكور، شوقى ضيف، محمود حافظ. وفى نوفمبر ٢٠١٢، اختير الإخوانى حسن الشافعى رئيسًا للمجمع. ومع أن الشعب المصرى قام بكنس الإخوان من الحكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، إلا أن المذكور استمر فى موقعه. والأكثر من ذلك، هو أنه أعيد انتخابه، فى فبراير ٢٠١٦، ثم تكرر الشىء نفسه أمس الأول، الإثنين، ما يعنى أنه قد يستمر لأربع سنوات قادمة، لو اعتمد رئيس الجمهورية نتيجة الانتخابات، التى حصل فيها على ٢٧ صوتًا من بين ٣٢ حضروا التصويت.
مشكورًا، التفت زميلنا وابننا محمود الشهاوى، إلى المذكور، أمس الثلاثاء. وتحت عنوان «أخرجوا الإخوانى حسن الشافعى من مجمع اللغة العربية»، استعرض فى الصفحة المقابلة، الصفحة الثالثة من «الدستور»، رحلته مع جماعة الإخوان منذ انضمامه إليها على يد مؤسسها حسن البنا، فى أربعينيات القرن الماضى، وصولًا إلى دفاعه عن إرهاب الإخوان، بعد ثورة ٣٠ يونيو. ومساء اليوم نفسه، ألقى زميلنا وصديقنا الدكتور محمد الباز الضوء على جوانب أخرى من سيرة ذلك الرجل، فى برنامجه «٩٠ دقيقة» على شاشة قناة المحور.
الاثنان، الشهاوى والباز، ركزا على انتماء المذكور إلى جماعة الإخوان، وفاتهما أنه من مؤسسى ما يوصف بـ«الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، الذى أدرجته الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب «مصر، السعودية، الإمارات والبحرين» على قائمتها للكيانات الإرهابية، فى نوفمبر ٢٠١٧. وتصادف أن تظهر فى الشهر نفسه، وثائق تثبت أن أسامة بن لادن، زعيم «تنظيم القاعدة» الإرهابى، كان صاحب فكرة إنشاء ذلك الكيان، وأنه ظل يمسك بـ«الريموت كنترول» الخاص به، حتى منتصف ٢٠١١، أى حتى مصرعه فى غارة أمريكية استهدفت مجمع «أبوت آباد» بباكستان، حيث كان يختبئ.
الدفعة الرابعة من وثائق زعيم «تنظيم القاعدة»، التى صودرت بعد الغارة، ونشرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، CIA، منتصف نوفمبر ٢٠١٧، تضمنت رسالة كتبها «بن لادن» بخط يده، يدعو فيها إلى إنشاء كيان اختار له اسم «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، وأعرب عن ثقته فى استجابة قطر لتلك الدعوة، وفى تبنيها ذلك الكيان وتمويله وتطويره ليكون هو الحكومة التى تدير، فيما بعد، «دولة القاعدة»!.
المادة الخامسة من قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية فى القاهرة: القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٨٢، نصت على أنه يتألف من أربعين عضوًا من المصريين. وطبقًا لنص المادة العاشرة، فإن المجمع له رئيس ونائب رئيس وأمين عام، يختارهم مجلس المجمع من بين المرشحين من أعضائه بالتصويت السرى، لمدة أربع سنوات و... و... ويصدر باعتماد انتخاب الرئيس قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالى.
تأسيسًا على ذلك، يكون القرار، الآن، فى يد رئيس الجمهورية، الذى قد يعتمد نتيجة الانتخابات، ليظل ذلك الإرهابى رئيسًا للمجمع، بدرجة وزير ورئيس جامعة، لأربع سنوات قادمة. أو قد يحدث ما نطالب به، أو نتمناه، ويرفض الرئيس اعتماد تلك النتيجة، ويوجه الوزير إلى ضرورة إعادة تشكيل مجلس المجمع، بعد استبعاد الأعضاء المنتمين إلى تنظيمات إرهابية، الذين لا يقل عددهم، بكل أسف، عن ٢٥ من إجمالى الأعضاء الأربعين!.