رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المرأة فى البرلمان المقبل


نحن على أبواب دورة برلمانية جديدة، حيث أوشك مجلس النواب الحالى على إنهاء فصله التشريعى، وأصبح من الضرورى إعادة التفكير فى النظام الانتخابى الأمثل للمجلس الجديد، المقرر إجراء انتخاباته فى شهر نوفمبر المقبل، أى بعد ثمانية أشهر بما يكفل إتاحة الفرص فى المشاركة لكل القوى السياسية، وبما يكفل تمثيل الفئات التى ميزها الدستور إيجابيًا، وبدأت بالفعل الاقتراحات والأفكار تطرح أو تقدم لمجلس النواب من أجل هذا الهدف، منها آراء واقتراحات تطرح تغيير نسب القوائم الانتخابية من أجل الفئات الخاصة، مثل المرأة والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة والعمال والفلاحين، ومنها ما يقترح كوتة للمرأة.
الحقيقة أننى عندما أتحدث عن هذه الانتخابات المقبلة والدورة البرلمانية المقبلة، فإن هذا يقودنى إلى تصور لمجلس نواب، نجد به زيادة فى أعداد النساء اللاتى يمثلن الشعب، سواء بالانتخاب أو بالتعيين، نظرًا لدور المرأة المصرية منذ فجر التاريخ.
ولأن لدينا قيادة حكيمة تتمثل فى الرئيس عبدالفتاح السيسى الداعم للمرأة، الذى يدعو لاحترام مكانتها، ونظرًا للدور المحورى، الذى قامت به المرأة حيث تقدمت الصفوف فى ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ثم فى كل الاستفتاءات والانتخابات رأيناها تتقدم الصفوف وتقوم بدور إيجابى فى تحديد مسارات الوطن، واتساقًا مع كون المرأة المصرية حاضرة، وبقوة، فى كل الأحداث الوطنية الكبرى- فإن مجلس نواب مصر فى الدورة الحالية قد حقق أعلى نسبة لمشاركة المرأة منذ بداية عمله فى مصر، حيث إنه أول مجلس نواب تصل فيه نسبة مشاركة المرأة إلى ١٥ فى المائة، إذ إن عددهن ٩٠ نائبة من إجمالى ٥٩٦ عضوًا.

من هنا فإننى أرى ضرورة العمل على مضاعفة العدد فى الدورة المقبلة، وأن يتصاعد بحيث يصل إلى النصف، ولا بد أن ندرك أن لدينا كفاءات لا حصر لها، سواء من النساء أو الشابات اللاتى يمكن أن يكن نائبات ناجحات فى الدورة المقبلة، ونظرًا لأننا ما زال أمامنا عمل وجهد، لا بد من إنجازه حتى تتحسن النظرة إلى المرأة، وحتى يمكننا تغيير قوانين لم تعد تجدى مع الأحوال الراهنة، وحتى يمكن تطوير العادات والتقاليد التى تضع المرأة فى مرتبة أدنى من الرجل.
ومن ناحية أخرى، فإن لدينا فى الدستور المصرى مواد عديدة خاصة بحقوق المرأة، منها مادة مهمة تتضمن أن الدولة تكفل المساواة بين المرأة والرجل فى الحقوق والواجبات، مما يجعلنا نأمل فى تفعيلها وتطبيقها، لترسيخ مبدأ المساواة فى كل المجالات، وتنفيذًا لمادة فى الدستور المصرى، تنص على أن تكفل الدولة التمثيل المناسب للمرأة فى المجالس النيابية.
لذا أرى ضرورة قصوى فى زيادة أعداد النائبات مادامت لدينا كفاءات من النساء فى مختلف المجالات، كما أن معظم النائبات فى الدورة الحالية قد قدمن أداءً ناجحًا ومشرفًا باستثناء نائبتين، كنت قد انتقدت أداءهما السيئ بنفس المكان، بصحيفة الدستور، ولم تجد كلتاهما أى استجابة لمشروعات القوانين، التى اقترحتها كل منهما، لأنهما لا تتناسبان مع مكانة المرأة المصرية والمكاسب التى حصلت عليها فى عهد الرئيس السيسى.
إننا فى حاجة إلى زيادة عدد النائبات للدفع بتشريعات وقوانين جديدة تضمن تحسين أحوال المرأة وحمايتها من أى ممارسات ضارة وسيئة وخطيرة لا تزال تمارس وترتكب ضدها، كما أننا نريد زيادة عدد النائبات بما يتناسب مع العدد الكبير لسكان مصر الذى تجاوز المائة مليون نسمة، ولأن وجود عدد أكبر من النساء سيجعل منهن تيارًا يمكننا من التصدى لجرائم عنيفة طفت على سطح المجتمع فى السنوات الأخيرة منذ أحداث يناير ٢٠١١، ومنها قضايا العنف المفرط التى استشرت وتفاقمت وفى مقدمتها التحرش والختان والاغتصاب والبلطجة والزواج المبكر.
إننا أيضًا فى حاجة إلى نائبات يدفعن بمشروعات قوانين لتشديد العقوبات للجرائم والممارسات الضارة التى تمارس ضد النساء وضد البنات، كما أنه لو زاد عدد البرلمانيات فإن ذلك سيؤدى إلى تطوير فى العادات والتقاليد، وسيجعل كثيرًا من الرجال يرون أن الاستثمار فى تعليم البنات يجدى، وأن هناك مجالات عدة مفتوحة لعملهن وتوليهن المناصب العليا.
كما أنه من المهم والضرورى أيضًا أن يرتفع عدد النساء فى مجلس النواب المقبل حتى يتسنى لنا أن نقول إننا نتحرك للأمام وللتقدم والاستنارة بخطى ثابتة، ودعونى أقل ملحوظة أخيرة، هى أن الانحياز لقضايا تؤرق المجتمع، وتعانى منها النساء، لهو أمر يعكس سلوكًا حضاريا وعقلية متحضرة، ويتجه بنا لتكريس مفهوم الاستنارة من خلال القوانين، لذا فإن تطبيق العدالة يقتضى وجود هذه الزيادة الضرورية التى أطالب بها، سواء عن طريق الكوتة أو عن طريق نظام القوائم فى مجلس النواب المقبل.