رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«يا مولاى كما خلقتنى».. مفردات الحارة المصرية

الحارة المصرية
الحارة المصرية

تقول الأقصوصة العربية أن تاجرا كان يسمى " حنين " ركب بعيره من بلاد الحجاز ثم توجه إلى الشام ليأتى لبيعها بغرض الربح، وأثناء عودة وبينما هو يفكر فى المكسب الوفير الذى سيحققه بعد بيع بضاعته رأى فرد "خف " جديد وجميل فوضعه فى قدمه فكان مناسبا، فتحسر الرجل لأن لم يجد الفرد الآخر، تنهد وقال ربما سقط من قافلة كانت تمر من هنا، ترك فرد الخف وركب بعيره وأكمل مسيره، وبعد مئتى متر تقريبا وجد الفرد الأخر من الحذاء فتهلل وجهة بعد أن تحققت له بغيته، فأناخ جمله فى مكانه، ورجع ليأتى بفرد الحذاء الأول مطمئنا لأن أحدا لم يتبعه، وصل إلى فرد الخف وجاء به مترجلا، ولما وصل إلى مكان البعير، وجد فرد الحذاء الثانى ولم يجد بعيره المحمل ببضاعته، لقد سرقه اللصوص الذين خدعوه بهذه الحيلة، ولما عاد إلى قومه محتضنا خفه سألوه بماذا جئت من بلاد الشام ؟
فقال بأسى: جئت بهذا الخف، فأصبحت حكايته مع الخف يتندر بها العرب، فيقولون للخاسر عاد بخفى حنين.

وفى مصر يقولون لمن فقد بضاعته أو ماله مثل حنين " راح ورجع يامولاى كما خلقتنى " بل يقول الخاسر عن نفسه " رجعت يامولاى كما خلقتنى " وإذا أمعنا النظر فى العبارة سنجد المقصود بها فقد كل شئ، حتى الملبس، بما يعنى أن خسارته أكثر فداحة من خسارة حنين الذى لم يفقد ثيابه بل ورجع ومعه خف جديد.

فالتبرير المصرى ينم عن مصيبة أكبر، فالخاسر عاد كيوم ولدته أمه، عاريا لا يملك شيئا من حطام الدنيا شيئا، والحقيقة أننا كمصريين تفننا فى وصف المفلس بعبارة كثيرة مثل " أنا بقيت على الحديدة، بقيت على البلاطه، الجيب مخروم، الجيب على الخياطة" وكلها عبارات توحى بالفقر المدقع والإفلاس الرهيب، وتقال هذه العبارات وقت الخسارة أو حين يطلب شخصا من المفلس بعض النقود ظنا منه أنه مازال يملك مالا يقرضه إياه أو يتصدق به عليه.