رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مفيش دباديب».. «كورونا» يحول محلات هدايا الفلانتين في مصر لـ«كافيهات»

عيد الحب
عيد الحب

يوم عالمي ينتظره العالم بشكل سنوي، للاحتفال على طريقتهم الخاصة، بتقديم الهدايا المناسبة لمن يحبون، تعبيرًا عن مقدار الحب الذي يحملونه تجاههم، لاسيما أن هذا العام كان به حدث مختلف عن الأعوام السابقة، وهو انتشار فيروس "كورونا" ما تسبب في انتشار حالة من الذعر والقلق حول العالم.
وفي الوقت الذي تستعد فيه شركات ومحال بيع هدايا "الفلانتين" لاستقبال هذا الحدث السنوي، للانتفاع منه ببيع أكبر كمية من البضائع، فوجئوا بوقف الاستيراد من الصين بسبب أزمة "كورونا"، التي تسببت في تعطل العديد من المجالات حول العالم، ما أثر على حركة التجارة بين التجار، كونهم يعتمدون بشكل أساسي على استيراد منتجاتهم من الصين.

أجرت "الدستور" في هذا الملف عدة جولات داخل أكبر المحلات المتخصصة في بيع هدايا "الفلانتين" بمصر، ومن خلالها تقابلنا مع بعض التجار الذين يتعاملون مباشرة مع مستوردي الهدايا من الصين، كما تواصلنا أيضًا مع المستوردين الأساسيين والموزعين على التجار والمحال الصغيرة، لتوضيح مدى تأثر السوق المصري بأزمة "كورونا".

واتضح من خلال الجولة في 7 أماكن مختلفة لبيع هدايا "الفلانتين"، أن السوق المحلي يشهد ركودا حادا خلال هذه الفترة، بسبب ارتفاع الأسعار المضاعف للغاية بعد استغلال بعض المستوردين والتجار لأزمة "كورونا"، والاستيلاء على جميع البضائع في السوق لإعادة توزيعها بأسعار مضاعفة، بجانب اختفاء المنتجات الصيني من الأسواق تمامًا.

عمرو: التجار استغلوا انتشار فيروس كورونا في الصين

بدأنا جولتنا في منطقة الدقي تقابلنا مع عمرو أحد مستوردي هدايا الفالنتاين "عيد الحب" من الصين، بدأ حديثه: "استغل التجار انتشار فيرس كورونا في الصين، حيث أن التجار أصبحوا يحتفظون بالبضاعة المستوردة من الصين -هدايا عيد الحب-، ليصبحوا هم المحتكرين لهذه السلعة، من خلال تخزينها وإخراجها من المخازن في المواسم ليصبح المتحكم الوحيد في السعر، بحكم أنه لا يوجد مصدر غيره في يعطي هذه السلعة".

وتابع: «قلّت حركة البيع عن السنوات السابقة بنسبة كبيرة، ومن المنتظر أن يحدث ركود في سوق الهدايا إن لم تسير الأمور بأفضل أحوالها في الصين»، موضحًا أنه إذا تدهور الوضع أكثر لن يكون هناك تجاره هدايا في أماكن كثيرة، وسيكون الاعتماد الأكبر على المنتج المصري في هذه الفترة الراهنة هو سبيل كل تاجر للخروج من هذه الأزمة.

وأشار إلى أن "المستوردين" ينتظرون زيادة كبيرة في الأسعار وقلة أعداد المستهلكين، موضحًا أن العرض لا يتناسب مع الطلب، وأن المستهلك يطلب منتج ولكن ليس هذا السعر المفروض على السوق المصرية بأكملها، لهذا يجب على كل تاجر استطاع أن يستورد بعض الشحنات من الصين قبل حدوث أزمة كورونا العالمية لما سيكون له من عائد كبير في استقرار سوق هذه السلعة في مصر.

تجار العتبة: لن تتوقف الأزمة حتى تنتهي الصين من كورونا

من منطقة الدقي انطلقنا إلى العتبة أحد أشهر أسواق الجملة في مصر لنلتقي بـ عاطف أحد المستوردين وصاحب محل هدايا، حيث قال «الأسعار رفعت 30%»، مشيرًا إلى أن الزيادة غير طبيعية هذا العام في أسعار الهدايا، لأن الاستيراد توقف بعد انتشار فيروس كورونا، مؤكدًا أن هذا سيستمر حتى تنتهي أزمة الصين نهائيًا.

وأثناء جولتنا في محل عاطف، وقعت أعيننا على كراسة المبيعات، لنجده يقول لنا أن هناك صفحات بها قطعة واحدة مباعة «هناك أحد السلع سعرها المحدد 80 العام الفائت سعرها الأن يتعدى 150 جنيه» موضحًا أن الأسعار تزيد بطريقة مرعبة على التاجر الصغير، لكن لا يتضرر التاجر الكبير لأنه المحتكر والمتحكم بالسعر.

وأشار إلى أن هذه الأزمة لن تتوقف حتى تنتهي الصين من كورونا، ويجب أن يكون هناك إجراءات صارمة لتنظيم سير السلعة التي عليها طلب بشكل كثيف، للتنسيق بين سعري العرض والطلب، لتخطي ركود سوق الهدايا هذا العام.

من منطقة سوق العتبة انطلقنا إلى وسط البلد، حيث قال صاحب أحد أشهر محلات الهدايا: «مش هبدأ أخاف إلا بعد 3 شهور» مشيرًا إلى أنه حال استمرار أزمة كورونا سيُغلق مكتبه في الصين، بسبب انسحاب المستوردين.

وأوضح محمد أنه لم يتم زيادة أي أسعار سوى من التجار الصغار واهمين أنفسهم أن المشكلة تكمن فينا نحن -التجار الكبار-، حيث يعتقد الجميع أنه يمكن للتاجر الكبير زيادة الأسعار وقتما شاء، لكن في الحقيقة هناك قوانين تحكم السوق يجب التقيد بها، وأن الأزمة تكمُن في التاجر الذي تمكن من الاستيراد قبل انتشار كورونا بالصين.

أحد المستوردين: مفيش شغل صيني في السوق.. وكورونا أثّر على عيد الحب

البداية كانت في منطقة مصر الجديدة، حيث تقابلنا مع أحد المستوردين الكبار، رامي مصطفى، الموزع الأساسي لعدد من المحال المتخصصة في بيع مستلزمات الهدايا، وأكد خلال حديثه مع «الدستور» أن سوق الهدايا في مصر يشهد انهيارا تاما في الوقت الحالي، بل أن القادم غير مبشر تمامًا بعد وقف استيراد البضائع من الصين.

«شغلي كله بيعتمد على الصين، دلوقتي المنتج الموجود ضعيف ومفيش إقبال عليه»، هكذا بدأ رامي حديثه لـ«الدستور»، موضحا أن أزمة كورونا خلقت حالة من الركود في سوق الهدايا، خاصة بعد استغلال بعض التجار لها، متعمدين إخفاء بضائعهم عن أعين الناس وترويجها من جديد لكن بأسعار مضاعفة للغاية.

وعن نسبة البيع، قال: «وزعت أقل من النسبة المعتادة على تجار الجملة هذا الموسم، والبضائع الموجودة داخل المخازن جميعها مخزنة من العام الماضي، ولم نستورد منتجات جديدة من الصين، بل أن جميع التجار وأصحاب المحال يشكون ارتفاع الأسعار عليهم، وبيع منتجاتهم بأسعار أعلى للزبائن، ما تسبب في انخفاض نسبة الإقبال على الشراء».

صاحب محل: 95% من المنتجات داخل الأسواق صنع صيني

وجهتنا التالية كانت أحد المحال الكبيرة في منطقة الطالبية بشارع فيصل، وتقابلنا حينها مع التاجر محمد عماد، الذي أوضح لـ«الدستور» أن كورونا تسبب في حدوث أزمة كبيرة داخل السوق المصري، خاصة مستلزمات الهدايا والإكسسوارات، لأن الاعتماد الكلي في هذا الأمر يكون على الاستيراد من الصين.

وأضاف: «موسم عيد الحب لم يعد كما كان في الماضي، ليس لدى الناس رغبة في شراء الهدايا والدباديب للتعبير عن حبهم للأشخاص المقربين منهم، بجانب الأسعار المرتفعة للمنتجات التي تسببت في حدوث حالة ركود تام للمحال التجارية، بعد انتشار فيروس كورونا حول العالم، ووقف عملية الاستيراد منها».

وتابع: «البضاعة اللي موجودة في سوق الهدايا كلها صيني، بنسبة 95%.. الصين هي الدولة الوحيدة التي تعمل على تصنيع وتجميع مستلزمات الهدايا التي يتم تصديرها لمصر»، موضحًا أنه يتعامل مع أحد المستوردين الكبار المسؤولين عن استيراد الهدايا وتوزيعها على المحال التجارية.

أحد التجار بالهرم: المستوردين استغلوا أزمة كورونا لصالحهم

وجهتنا التالية كانت أحد المحال المعروفة في منطقة الهرم، والتقينا حينها بالتاجر عبد الله، الذي بدأ حديثه لـ«الدستور» شاكيًا من استغلال المستوردين لأزمة كورونا وتضييق الأمر على التجار وأصحاب المحال الصغيرة، من ناحية إخفاء البضائع عن أعينهم، بقصد نشر حالة من القلق داخل السوق، وإجبار التجار على شراء تلك المنتجات جملة بأسعار باهظة للغاية.

وقال عبدالله: «المستوردين احتكروا سوق الهدايا منذ أيام قليلة، ولم يعد هناك تاجر قادرًا على إشغال محله الخاص بالبضائع المناسبة»، مضيفا أنه يتاجر حاليًا في «الدباديب» الصغيرة المصنوعة داخل مصر بإمكانيات ضعيفة، فالأشخاص المقبلين على شراء هدايا عيد الحب لا يرغبون فيها، لأنهم اعتادوا على شراء الكبيرة ذات اللون الأحمر.

وأضاف: «أسعار الهدايا ارتفعت بنسبة تتعدى الـ 50% بسبب وقف الاستيراد من الصين الناتج عن أزمة كورونا، وليس سوق الهدايا فقط من تأثر بذلك، بل أن أغلب الأسواق التجارية في مصر تعاني من حالة ركود تام بعد حدوث هذه الأزمة»، مختتمًا حديثه بأن هناك أقاويل تتردد حول عودة عملية الاستيراد والتصدير مرة أخرى قريبًا.

عمر: كورونا وقف حالنا و"الفلانتين" ملوش طعم السنة دي

لم يختلف رأي عمر، أحد أصحاب المحال التجارية في المحلة الكبرى، عن بقية تجار هدايا "الفلانتين"، فهو أحد المتضررين هذا الموسم من وقف الاستيراد من الصين بسبب انتشار فيروس كورونا، حيث قال: «مفيش بضاعة جديدة دخلت المحل.. والشغل اللي موجود كله جودة قليلة».

وأشار عمر إلى أنه ظل أسبوع يتودد إلى التجار الكبار، للحصول على أي منتجات جديدة داخل محله الخاص، حتى يستطيع الانتفاع من الموسم السنوي، لكنه لم ينجح في إقناعهم بشراء هدايا "الفلانتين" بأسعار رخيصة، حتى قرر الاعتماد على منتجات قليلة الجودة.

واختتم التاجر حديثه مع «الدستور» معبرًا عن استياءه الشديد لما أصاب الأسواق المصرية من ركود في حركة البيع، خاصة خلال موسم عيد الحب، الذي يُعرف عنه بأنه الأكثر مبيعًا من جانب المحال التجارية المتخصصة في بيع مستلزمات الهدايا، إلا إنه قرر أخيرًا الاستغناء عن هذا المجال، وتحويل المحل الخاص به لمشروع "كافيه".

شبعة الأدوات المكتبية والهدايا: الكارثة ستحدث بعد العيد

تواصلت «الدستور» مع محمد حسن وكيل شعبة الادوات المكتبية والهدايا ولعب الاطفال، لمعرفة حدود تلك الأزمة، حيث أكد أنَّ السوق المصري لديه ما يُكفيه من الأدوات المكتبية ولعب الأطفال في الوقت الحالي، والأدوات توجد بشكل غير تقليدي داخل المحال والمناطق السوقية.

وأشار حسن إلى أنَّ معظم الأدوات والهدايا تستوردها مصر من الصين، وأزمة كورونا تسببت في توقف حركة البيع.



وأوضح وكيل شُعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال، أنَّ الكارثة في الوقت الحالي ليست في البيع ولا الاستيراد، إنما في نسبة الأسعار وتوقفها بعد أزمة كورونا، متابعًا أنَّ الأسعار كانت في تراجع تام خلال الفترة الأخيرة، وبعد تلك الأزمة نسبة التراجع توقفت تمامًا.

واختتم وكيل شُعبة الأدوات المكتبية ولعب الأطفال: «ستعم الأزمة بشكل كارثي بعد عيد الفطر.. السوق المصري ليس به عجز في الوقت الحالي، وإنّما سيشهد كثير من الأزمات خلال الفترات المقبلة».