رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المركز الكاثوليكى ومهرجان الفن السابع



أوافق على أن بناء الإنسان عملية مجتمعية وليست حكومية، وهو ما أشار إلى مضمونه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأضاف أننا نحتاج إلى تحرك قوى وفاعل فى بناء الشخصية المصرية كى تتطور بما يليق بمتطلبات العصر الحديث، وأكد أنه سيضع بناء الإنسان على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة، يقينًا منه بأن كنز أمتنا الحقيقى هو الإنسان، الذى يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنيًا وعقليًا وثقافيًا، بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعـد محاولات العبث بها، وأشار إلى أن ملفات التعليم والصحة والثقافة فى مقدمة اهتماماته، وذلك من خلال إطلاق حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومى، التى من شأنها الارتقاء بالإنسان المصرى فى كل هذه المجالات، واستنادًا إلى نظم علمية لتطوير منظومتى التعليم والصحة لما يمثلانه من أهمية بالغة لبقاء المجتمع المصرى قويًا ومتماسكًا.
على صعيد الاهتمام بدعم الفنون وترقيتها فى مجال بناء الإنسان، أرى أن الفنان هو الإنسان الذى يسير دائمًا فى طريق خاص ذاتى، بل وقد يكون الدرب المختلف والمغاير لحركة المجتمع إذا سيطرت على العقل الجمعى سلوكيات القطيع التابع، ويبقى إبداعه هو الصوت الذى ينبذ هيمنة المطلقات الفكرية، وأرى أن الفن خرق لمفهوم العادة والاعتياد والنمطية، وهو تمرد على القوالب الجاهزة وتجاوز لكل كليشيهات أهل التنظير الحكيم.. الفن خروج عن تقاليد السطور الأبجدية وعلامات التشكيل الضابطة للمعنى الواحد لتجميعة حروف تليدة.
فقد تكتب حروف الفن فى هوامش كانت الكتابة ممنوعة الظهور فيها.
وعليه، يسعد أهل الإبداع أن تشارك المؤسسات الدينية فى دعم رسائل الفنون وتوظيفها فى تصميم رسائلها الروحية والإنسانية.. وقد أسعدنى ما جاء فى الحوار الذى أجرته الزميلة الصحفية المجتهدة «ماريان رسمى» مع الأب بطرس دانيال حول «مهرجان المركز الكاثوليكى المصرى للسينما» فى دورته الثامنة والستين على صفحات جريدتنا الغراء «الدستور».
وقد تم إعلان أن عملية اختيار الأفلام هذا العام كانت مهمة صعبة للاختيار من مجموعة كبيرة وجيدة من الأفلام التى تم إنتاجها، وكان على اللجنة اختيار أفضل ٥ فقط من ٣٣ فيلمًا أنتجتها مصر هذا العام.
وأضاف: اليوم السادس للمهرجان سيكون ليلة خاصة للراحل سمير سيف، حيث يعرض المهرجان فيلم «معالى الوزير»، وتعقبه ندوة لمناقشة الفيلم، بحضور نجوم السينما المصرية ولجنة التحكيم. تشكلت اللجنة هذا العام برئاسة الكاتب والسيناريست الكبير عاطف بشاى، وعضوية نخبة رائعة من المبدعين.
قال الأب بطرس دانيال رئيس المركز الكاثوليكى للسينما المصرية لمحررة «الدستور»: «الدين لا يتعارض مع الفن»، مستدلًا على ذلك بأن السيد المسيح كان يمارس الفن عبر ذكر «الأمثال». وكشف فى حواره عن عدم ممانعته تناول المسيحية فى الأفلام السينمائية، لكن بشرط أن يكون ذلك دون إهانة أو ازدراء.
وتطرق الأب بطرس إلى أبرز أنشطة المركز الكاثوليكى للسينما، بداية من تنظيم مهرجان سنوى، تتنافس على جوائزه مجموعة من الأفلام المختارة بشروط محددة، ويشهد تكريم الفنانين الكبار الذين لم يحظوا بالتقدير اللائق خلال مسيراتهم، بجانب زيارة الفنانين المرضى والاحتفال بأعياد ميلادهم، فضلًا عن تنظيم مهرجان للأفلام القصيرة لتشجيع المبدعين الشباب.
«الفن محاولة لاحتواء الشر».. مقولة شهيرة للكاتبة «سيمون دى بوفوار»، والعبارة منطقية وتتماهى مع دور الفنون عبر التاريخ الإنسانى فى إضفاء حالة من التسامى والنشوة لدى الممارس للفنون ومبدعها، وأيضًا لدى المتلقى المثقف الواعى بمدارس وتاريخ الفنون، ومن ثم هو قارئ جيد للفيلم أو اللوحة أو المقطوعة الموسيقية، فهى تودعه أسرارها بسهولة، وحتى لو كان المتلقى بسيط الإدراك والمعارف، سنجده فى أغلب الأحوال وقد انتشلته جماليات الفنون الصادقة من قسوة غربة ووحشة وجفاف حياته حتى لو عاش معها غربة من نوع آخر، وهل ننسى تفاعل أهالينا الطيبين فى القرى والنجوع مع طرب قصائد غنتها «أم كلثوم»، وأخرى لحنها وغناها «كاظم الساهر» وغيرهما؟!
شكرًا للمركز الكاثوليكى والأب بطرس دانيال، وما يبذلانه من جهد نحو إيجاد سبل للتعاون مع المؤسسات الفنية والثقافية من أجل أن تسهم الفنون بدورها فى توجيه خطاب روحى ودينى وثقافى معاصر ومقاوم لكل رسائل الكراهية والتطرف والثقافات السلبية.