«بالفكاكة».. مفردات الحارة المصرية
تقول الطرفة المصرية إن رجلا اشترى مترين من القماش، ثم أخذ ولديه البالغين من العمر عشر سنوات إلى الخياط ثم قال له: عاوزك تعملى جلبيتين من المترين دول للعيال. فقال الخياط مندهشا: ازاى مترين قماش يعملوا جلبيتين لولدين عندهم عشر سنين؟ فقال الرجل مبتسما: ياعم انت اسطى قد الدنيا وهتقدر. فقال الخياط: ياعم مش هيكفوا. فقا الرجل: بالفكاكة هيكفوا. انصرف الرجل وعاد للخياط بعد أسبوع فقال هاه يامعلم عملت الجلابيتين؟ فقال الخياط طبعا أهم اتفضل. اندهش الرجل وفغر فمه لما رأى الجلبابين وقال: إزاى أولادي الكبار دول هيلبسوا الجلاليب بتاعة النونو دى يا عم الأسطى؟ فقال الخياط بالفكاكة يلبسوهم.
من هذه الطرفة نفهم المعنى الحقيقى لمفردة "الفكاكة" والتى تضاهى كلمتى "الفهلوة" أو "الحداقة" ومعناها التذاكى عن جهل حيث يعتقد الشخص "الفكيك" أنه يعرف كل شئ فى الحياة، وأن لكل مشكلة حلا لديه. فإذا وجد فى موقف ما يطلب من الجميع أن يتركوه ليتصرف، لأنه الوحيد القادر على إيجاد الحل، ولما يعطوه الفرصة، يجدونه قد زاد الطين بلة. فيوبخونه بكلمة "يا فكيك" أو بعبارة خربتها يا فكيك " أو يخرب بيت فكاكتك ".
وحين تجد شخصا يدعي الذكاء فيفهمه الحاضرون ولا تنطلى عليهم حكاياته يقولون "إيه يا وله الفكاكه دى ".
وإذا عدنا للوراء لنتذكر أغنية المطرب الشعبي الجميل عمر الجيزاوي "معانا الفكك والفكوك" نضع احتمالا قد يكون صائبًا وقد يجانبه الصواب أن نربط بين الفكك والفكوك وبين الفكاكة. حيث أن الفكك والفكوك من أنواع البخور التي تباع عند كبار العطارين، ويستخدم كلاهما لفك السحر أو الادعاء بفك السحر، إذن استخدام الفك أو الفكوك مرتبط أيضا بالمشعوذين والدجالين الذين يتذاكون على الموهومين بالسحر، ليس هذا القول معناه إنكار السحر ولكن ليس كل ما يشعر به الذاهبون الى الدجالين يكون سحرًا وليس الدجالين قادرون على فك السحر. عموما أظن أن كلمة فكاكة مشتقة من اسم بخور الفكوك فكلاهما يدل على الوهم والتذاكى وادعاء المعرفة.
